"صناع الثورة": أمل جيل فلسطيني ولد بلا فرصة

علي السقا
الجمعة   2015/01/30
"راب" الأخوين السوسي عرضة لسؤال الانتماء السياسي الفلسطيني، وتلك مشكلة ربما تقوّض حريته لاحقاً
الأمل الذي يبحث عنه أبناء غزة، أوجده شابان فلسطينيان، في أغنية. تتصاعد ألحانها من جرح تاريخي، ووظيفتها أن تطهر أصحابها من ألم الجرح. أنفقا كل مدخراتهما لإنتاجها، علماً أنهما يفتقدان الى كل امكانات تسويقها.. ولم يجدا سوى مواقع التواصل الإجتماعي لتعزيز انتشارها، والتعبير عن ألم لا ينتهي.

هذه حال إبن غزة، محمد السوسي، الذي ألّف مع شقيقه أسامة فرقة أطلقا عليها اسم "صناع الثورة"، وأهرق كل مدخراته لينتج مؤخراً أحدث أغاني الفرقة وهي "في بينا أمل".

إسم الفرقة، لا يشير الى ثورة على المحتل فحسب. بل أخرى أوسع، هدفها تخليص المجتمع الفلسطيني من الفساد الذي يضاعف تأثيراته السلبية على أهالي فلسطين.

لطالما إقترنت الأغاني الثورية، بلغة الشارع. أي تلك التي تخرج من الحناجر مباشرة وبلسان الشارع نفسه، ولا حاجة للمواربة والتنميق والبلاغة. كلمات ينطق بها أصحابها عارية. هذا ما فعله محمد وأسامة السوسي. إختارا الراب طريقة للتعبير، فبدآ مسيرتهما العام 2009.

"نحن نحب الراب. موسيقى الراب تعتمد على قوة الكلمات والأسلوب"، يقول محمد لـ"المدن". ومن بين 17 أغنية أنتجها الأخوان السوسي، "يمكن القول إن "في بينا أمل"، هي أقواها، سواء من ناحية الكلمات ثم التقنيات التصويرية والموسيقى". وتأتي الأغنية في حين يرزح الشعب الفلسطيني المنقسم بين أراضي 1948 والضفة وغزة، لتقول إنه "لم تعد القضية الفلسطينية تحظى بالإهتمام المطلوب بسبب الفساد". ومروحة الفساد واسعة، إذ تشمل "فساد الجميع"، من "فساد المجتمع الدولي إلى فساد السلطة، ثم فساد حكومة غزة (قبل حكومة الوحدة)"، كما يقول محمد.

أنتجت الأغنية بمجهود شخصي من محمد، على الرغم من أنه كان يفترض بمؤسسة تدعم الفن أن تتكفل بإنتاج الأغنية، "لكنها إشترطت علينا توجهاً ما، ونحن لا نبيع الفن. نحن أصحاب قضية، ولذلك رفضنا التعامل معهم". ويقول محمد إنه وشقيقه يحملان "فكراً ثورياً حيادياً"، ويشدد على أنه لا ينتمي إلا إلى فلسطينيته. ورغم ذلك، تبقى أعماله عرضة لتقييم مختلف، يرتكز إلى سؤال عن انتمائه السياسي الفلسطيني، وتلك تُعدّ مشكلة ربما تقوّض حريته في التعبير لاحقاً.

ولم يَحُل إفلاس محمد السوسي، وهو طالب جامعي، وشقيقه أسامة، دون الأملن وبالتالي الأغنية. أصرّا من خلال "في بينا أمل" على أن يوصلا رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن "القدس تُدمّر، والناس نائمة في بيوتها وأكثر ما يمكن أن تفعله هو الخروج في مسيرات خجولة، لأن الناس مشغولة بأوضاعها، ويحب ان يحدث رد فعل قوي ليغيروا هذا الوضع"، يقول محمد.

تفتقد فرقة "صناع الثورة" الى جهة تنتج أعمالها وتسوقها. في حال توفر استديو ومعدات تصوير، ستكون الفرقة قادرة على إنتاج الكثير من الأغاني التي تخاطب الفلسطينيين والعرب.

وكانت الفرقة أطلقت 17 أغنية، قبل أن تتوفر الإمكانات اللازمة، بينها أغنيتان للفنان أحمد قعبور أضافا إليهما ألحانهما وكلماتهما، بعد الحصول على إذن خطي من قعبور. ومن هذه الأغاني "أناديكم"، "بدي غني للناس"، "واسطة شيك"، "لساتني بحارب"، ايش النظام".

يعمل محمد، في مجال الميديا والموسيقى. كل تلك الخبرة راكمها من الفضاء الإفتراضي. ويأمل بأن يحقق حلمه، "عشان احنا جيل انولد من دون فرصة ومش حابين نموت بدون فرصة"، يختم محمد السوسي.