تعديل قانون المخابرات الفلسطينية:الإعداد لمرحلة ما بعد عباس؟

أدهم مناصرة
الأربعاء   2023/03/29
أثار القرار بقانون الذي أصدره رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأن تعديل قانون جهاز المخابرات العامة، تساؤلات حول المغزى من الإجراء في هذا التوقيت.
فالتعديل للمادة "4" من قانون المخابرات العامة لعام 2005، أزال عقبة اعترضت رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج من البقاء في منصبه لمدة مطلقة بلا زمن محدد. وينص القرار على أن "رئيس جهاز المخابرات العامة يُعين وتنهى خدماته بقرار من الرئيس الفلسطيني بصرف النظر عن السن"، إضافة إلى اعتباره بدرجة وزير وله صلاحيات واختصاصات رئيس الدائرة الحكومية.

استياء فتحاوي
وكشف قيادي من حركة فتح ل"المدن"، عن أن قرار عباس بشأن "تأبيد" بقاء فرج في منصبه قد شكّل مفاجأة لأروقة السلطة وللجنة المركزية لفتح ومجلسها الثوري على حد سواء.
وأشار القيادي إلى استياء كبير في صفوف قيادات فتح والسلطة من قرار عباس، معتبراً إياه "اعتداء على المنظومة الحركية واستهتارا بكل القوانين".
ووفق القيادي الفتحاوي، فوجئ أمين سر منظمة التحرير حسين الشيخ أيضاً بالقرار؛ باعتبار أنه كان يظنّ أن عباس يعتزم تمديد سنة إضافية لماجد فرج فقط، وهو ما جرت عليه العادة منذ سنوات بشكل دوري.
واستناداً إلى القانون الفلسطيني الأساسي، فإن مدة رئاسة أي جهاز أمني في السلطة تصل إلى 4 سنوات، مع إمكانية التمديد له من المجلس التشريعي ستة أشهر إضافية.
وتجاوز فرج المدة القانونية لرئاسته الجهاز بنحو 10 سنوات، باعتبار أنه يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية منذ عام 2009، بعد أن شغل سابقاً منصب مدير جهاز الاستخبارات العسكرية عام 2006.

تلبية لمطالب أميركية؟
وقال مصدر سياسي مطلع ل"المدن"، إن قرار عباس جاء تلبية لمطالبات أميركية وإسرائيلية وأوروبية، ومن بعض الدول العربية، بإعداد ماجد فرج لخلافته في حال طرأ أي جديد. وتتذرع الضغوط الأمنية الأميركية والإسرائيلية على عباس ب"الحاجة الملحة للخطوة الآن؛ استعدادا لأي مستجدات مفاجئة في ظل الحالة الفلسطينية الاستثنائية، وأيضاً العامل المتعلق بالوضع الصحي لعباس وتقدمه في السن".
وبحسب المصدر، يُعدّ ماجد فرج شخصية مقبولة بالنسبة للأطراف الإقليمية والدولية، موضحاً أن تعديل القانون المذكور يمهد الطريق له كي يكون صاحب صلاحيات تمكّنه من القيام بمهامه في مرحلة ما بعد عباس، باعتبار أن هذا لا يتحقق إلا بتعزيز دوره من بوابة تعديلات قانونية تضمن له هامشاً أكبر من العمل والتأثير.
5 شخصيات فلسطينية
وتدرح مصادر "المدن" التطور الجديد في أروقة السلطة في سياق تحضيرات إقليمية ودولية وإسرائيلية للمرحلة القادمة، مشيرة إلى استعدادات تجري على قدم وساق لضبط الأمور ومنح بعض الشخصيات الفلسطينية، المقدر عددها ب"خمسة"، صلاحيات لإدارة الشأن الفلسطيني في مرحلة ما بعد عباس، إذ أن تجهيزهم يقتضي إجراءات قانونية تمكّنهم من أداء عملهم في "حالة الطوارئ"، بحسب خطة ما بعد عباس.
ويتصدر ماجد فرج سلم الشخصيات الخمس من حيث الأهمية لإدارة الشأن الفلسطيني بعد عباس، باعتبار أن جهاز المخابرات هو "الأقدر على ضبط الأمور ولجم الانفلات الذي قد يحدث"، خاصة أن إسرائيل تحصر وظيفة السلطة ب"الأمنية".
وتعدّ المخابرات الفلسطينية حاكما فعلياً للسلطة منذ سنوات، حتى أن الكثير من خطوات وقرارات  عباس في السنوات الأخيرة كانت بتوصيات من الجهاز نفسه، كما أكدت قيادات من السلطة ل"المدن".
اللافت أن مهام مجموعة الشخصيات الخمس مقسمة بين أمنية ومدنية، يتصدرها ماجد فرج، ويليه أمين سر منظمة التحرير حسين الشيخ، ووزير الداخلية والرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي زياد هب الريح، وأمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، ونائب رئيس فتح محمود العالول.
ووفق الخطة، فإن الشخصيات الخمس مختارة ضمن سلم توازنات القوى داخل السلطة وفتح ومنظمة التحرير، مع ترضية لأقطاب فتحاوية، لكن الثقة الإقليمية والدولية تبدو محصورة بشخصيتين أمنيتين، ماجد فرح أولاً، ومن ثم زياد هب الريح.