المصالحة الفلسطينية:حذف بند حكومة الوحدة..كمخرج لإعلان الحزائر؟

أدهم مناصرة
الجمعة   2022/10/14
اختتمت الفصائل الفلسطينية حوارها في العاصمة الجزائرية الخميس، بتوقيع إعلان "المصالحة الوطنية"، المنبثق عن مؤتمر "لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية". وتضمن الإعلان تسعة مبادئ أبرزها التأكيد على ترتيب البيت الفلسطيني عبر الانتخابات العامة، وكذلك إعادة بناء منظمة التحرير بمشاركة جميع الفصائل بينها "حماس".

ولم تكن ابتسامات قيادات الفصائل ولا مصافحاتها احتفاءً بإعلان الجزائر مؤشراً على أن النقاشات بينها كانت يسيرة وسهلة الإعلان، بل استبقت "الإعلان" حالات من التشنج والجدل، مروراً بحذف بعض البنود أبرزها البند المتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية أول شروطها اعتراف الفصائل المشاركة فيها ومن ضمنها "حماس" بقرارات الشرعية الدولية، وفق ما كشفه مصدر قيادي شارك في اجتماعات الجزائر ل"المدن".

وحسب المصدر، فإن حركة "فتح" أصرّت على حذف بند حكومة الوحدة؛ لأنه لم يتضمن شرطها بإلزام "حماس" والفصائل الأخرى بقرارات الشرعية الدولية والتي تتضمن الإعتراف بإسرائيل ضمن حل الدولتين.. وذلك مع رفض "حماس" ومعها فصائل أخرى لهذا الشرط.

لكن بند الحكومة الذي تمت الإستعانة به في الورقة الجزائرية بعد الحذف والتعديل يقصد به تلك التي سيتم تشكيلها نتيجة للانتخابات العامة في حال حصولها، وهو مغاير تماماً للبند الذي يرغب به رئيس السلطة محمود عباس، باعتبار تشكيل حكومة الوحدة خطوة أولى تبدأ منها عملية ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، شريطة الاتفاق على برنامج سياسي موحد قبل أي شيء.

وبشأن ما جرى في كواليس المباحثات الفصائلية بالجزائر، قالت مصادر مطلعة ل"المدن"، إنه بعد تلاوة بنود الورقة الجزائرية للمصالحة الفلسطينية الأربعاء، بحضور وزير الخارجية الجزائرية رمطان لعمامرة والمباشرة بتوزيعها على الفصائل، قال مسؤول وفد فتح عزام الأحمد لممثلي الفصائل، بمن فيهم رئيس مكتب حماس السياسي إسماعيل هنية، إنه تلقى تعليمات من عباس بألا يُوقّع على الورقة؛ لعدم تضمن بند الحكومة فيها لشرط الاعتراف بالشرعية الدولية.

ووفق المصدر، فإن الطرف الجزائري بصفته المستضيف والراعي للخطوة ردّ على الأحمد بأن هذا يمثل اتفاقاً ولا يمكن التراجع. وبعد نقاشات ومداولات، تم الإجماع على حذف البند نهائياً، وجعل مسألة حكومة الوحدة كنتيجة للانتخابات على أن تتفق الفصائل على برنامج سياسي موحد لاحقاً.

وأضاف المصدر الفصائلي أن حركة فتح، ممثلة بالأحمد، قد شعرت بحرج نتيجة تدخل الرئيس الجزائري، فلم يتبقّ أي سبب لعدم القبول بالورقة التي ترغب الجزائر بالذهاب بها إلى القمة العربية في تشرين الثاني/نوفمبر، حتى يتم تبنيها كأساس للمضي قدما في ترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق الوحدة.

بدوره، قال أمين عام المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي ال"المدن"، إنه تمت إزالة بند الحكومة؛ لأنها ستتشكّل بعد الإنتخابات التي تمّ الاتفاق على إنجازها في غضون عام؛ نظراً لعدم الاتفاق على "التزام كل الفصائل بما يسمى الشرعية الدولية".

ورداً على سؤال حول ما إذا لمس جدية مختلفة من فتح وحماس هذه المرة لتحقيق المصالحة، قال البرغوثي: "حماس وفتح هما المخولان بالإجابة على ذلك، لكن أعتقد أن الضغط الشعبي الفلسطيني والدور الجزائري هما المؤثران والضامنان لذلك".

لكن، ماذا بعد إعلان الجزائر؟ هل تحمل الورقة مقاربة وطريقة جديدة في تنفيذ ملفات المصالحة العالقة، خاصةً أن مضامينها قد أشير لها في اتفاقات سابقة؟، ومن يضمن إجراء الانتخابات في ظل مشهد فلسطيني يزداد تعقيداً؟

مصدر من "حماس" قال ل"المدن"، إنه لا جديد في مضمون الورقة الجزائرية، وإنما بالوسيط المتمثل بالجزائر لا مصر هذه المرة، كما أن الاتفاق تمّ بوجود رأس الهرم في الجزائر ألا وهو رئيسها عبد المجيد تبون، وذلك خلافاً للحوارات التي كانت تجري في القاهرة حيث أن الوسيط كان ممثلاً بالمخابرات المصرية. وأضاف أن الورقة المذكورة لن تقدّم جديداً في ظل تشكيكه بمدى جدية السلطة بالذهاب إلى الانتخابات في الأمد القريب، معللاً انطباعه السلبي بما جرى في كواليس حوار الجزائر.

اللافت أن الورقة الجزائرية حاولت من خلال بندها التاسع أن تشير إلى جدية في المتابعة، عبر القول إن فريق العمل الجزائري-العربي يتولى الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق بالتعاون مع الجانب الفلسطيني، على أن تدير الجزائر عمل الفريق. لكن الأيام القادمة تبقى هي الإختبار الحقيقي لمدى جدوى الورقة الجزائرية قولاً وعملاً.