السويداء:تأسيس حزب معارض مسلح..لأي أهداف؟

عقيل حسين
الثلاثاء   2021/07/06
أثار إعلان مجموعة من المعارضين المنحدرين من محافظة السويداء، جنوب سوريا، نيتهم تأسيس حزب سياسي مع جناح مسلح، جدلاً واسعاً، خاصة في أوساط المحافظة، وبين المعارضين من أبنائها على وجه التحديد، حيث وجهت العديد من الانتقادات والاتهامات للقائمين على المشروع.

وحسب معلومات أولية فإن الحزب الذي لم يرَ النور بعد، سيركز عمله العسكري في ريف السويداء الشرقي على حدود البادية السورية، والذي تعرضت قراه التي يقطنها فلاحون دروز لهجمات شنّها تنظيم "داعش" وأدت إلى مقتل العشرات خلال السنوات الماضية.

وأكد القائمون على الحزب تواصلهم مع الولايات المتحدة من أجل الحصول على الدعم لتأسيس الجناح المسلح "في إطار عمليات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش" لكن جهات عديدة انتقدت الفكرة واتهمت أصحابها بالتواصل مع جهات أخرى، بما فيها ميليشيات مرتبطة بالنظام، وكذلك مع إسرائيل.

ونشرت حسابات إخبارية على مواقع التواصل وثائق قالت إنها تثبت اتصال المعارض مالك أبو الخير، المسؤول عن منظمة "أنا إنسان" مع هذه الجهات، الأمر الذي نفاه أبو الخير بشكل قاطع، متهماً أصحابها بالعمل على تشويه المشروع قبل انطلاقته " خدمة لأجندة النظام".

وقال أبو الخير في تصريح ل"المدن"، إن "التواصل جرى فقط مع الولايات المتحدة ضمن إطار مكافحة تنظيم داعش، ونحن نقدم بشكل دوري وعلني دراسات عن توزع ونشاط التنظيم في بادية السويداء إلى كل الجهات الدولية، وعلى رأسها الإدارة الأميركية، كما نرسلها إلى المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن".

وأضاف "عندما يقوم أحد بمهاجمة المشروع قبل أن يتم الإعلان عنه وقبل أن نكشف عن أهدافه ومبادئه، وعندما تكون هذه التهم هي ذاتها التهم التي يوجهها النظام لكل من يعارضه، فمن الطبيعي أن يتم شملهم بالنظام وأجندته الإعلامية" حسب تعبيره.

كما استغرب أبو الخير الاتهامات التي وجهت لهم بالسعي لتنفيذ مشروع فيدرالي أو تأسيس إدارة ذاتية في السويداء "من دون تقديم أي دليل أو إثبات على ذلك"، مؤكداً أن أهداف الحزب "وطنية" وأن الغاية من تأسيس جناح مسلح له هي "محاربة الإرهاب وحماية المدنيين والحفاظ على الأمن والسلم في مناطق انتشاره".

وفي هذا السياق نفى أبو الخير المعلومات التي تحدثت عن إبداء أصحاب المشروع جاهزيتهم للقتال ضد إيران وحزب الله في الجنوب السوري. وقال: "نحن نعمل وفق مبدأ الدفاع عن النفس، أي أننا لن نقوم بمهاجمة أي جهة إلا إذا قامت بالتعدي علينا، ولسنا بوارد أن نكون طرف صراع في اللعبة السورية".

لكن عدداً من المعارضين المنحدرين من محافظة السويداء، تواصلت معهم "المدن" للتعليق على الموضوع، أكدوا وجود تحفظات كثيرة على الفكرة، كما أبدوا شكوكهم بالهدف من الإعلان عن حزب سياسي يضم جناحاً مسلحاً "في منطقة لا تحتمل توليد ميليشيات جديدة"، وفي وقت يعاني فيه سكان المحافظة من التجاوزات المستمرة والمتنامية للقوى المسلحة المنتشرة هناك.

وأكد البعض حصولهم على معلومات تشير إلى تواصل القائمين على هذا المشروع مع قادة ومسلحين يتبعون للنظام من أجل الانضمام إليهم مقابل رواتب مغرية، بالإضافة إلى التخوف الرئيسي من وجود نوايا لاستنساخ تجربة الإدارة الذاتية الكردية في السويداء، وهو ما ينفيه أبو الخير.

من جانبه رأى عضو هيئة التفاوض السورية المعارضة يحيى العريضي استحالة تطبيق نظام الإدارة الذاتية في محافظة السويداء "بسبب عدم توافر المقومات الاقتصادية والإرادة السياسية لدى أبناء المحافظة في ذلك"، واعتبر أن المسألة أعطيت أكبر من حجمها.

وقال في تصريح ل"المدن": "لو فكرت كل المحافظات السورية الأخرى بهذا الاتجاه فإن السويداء لا يمكن أن تفعلها، لكن أعتقد أن تخلي النظام عن المحافظة ومحاربتها اقتصادياً، وتسليط الميليشيات وتنظيم داعش عليها، بسبب رفض غالبية أبنائها الانخراط في قواته التي تقاتل الشعب السوري، دفع البعض للتفكير في مشاريع من هذا النوع".

وأضاف أن "المعلومات المتوفرة تتحدث عن بدء تجنيد عناصر وقادة ميليشيات سبق لهم العمل مع النظام وكذلك ارتكبوا تجاوزات كثيرة، إلا أن هذه المعلومات غير موثقة لنا حتى الآن، مثلها مثل الحديث عن التواصل مع إسرائيل، لكن أعتقد أن هذا ما يسعى إليه النظام من أجل اتهام أبناء السويداء بوطنيتهم".

يثير المشروع الجديد الريبة بالنسبة لبعض العارفين في السويداء إذ يرون فيه استغلالاً لوضع المحافظة من أجل تحقيق أهداف خاصة، راسمين علامات استفهام حول تعمد إطالة فترة الغموض حول تفاصيل المشروع، بينما يرى آخرون أن مجرد الإعلان عن حزب مناطقي وله جناح مسلح يكفي للعمل على مواجهته، رغم أن مؤسسي الحزب يطالبون بانتظار الإعلان الرسمي عنه.