دمشق:النظام يتجه لرفع أسعار الخبز والخضروات مجدداً

مصطفى محمد
الخميس   2021/06/03
© Getty
يبدو أن السوريين على موعد جديد مع موجة جديدة من ارتفاع أسعار الخضروات والمنتجات الزراعية، بعد إلغاء النظام للدعم الحكومي على أسعار الأسمدة الزراعية.

وأعلن المصرف الزراعي التعاوني التابع للنظام السوري عن وقف بيع الأسمدة الزراعية بالسعر المدعوم حكومياً للمزارعين، مناقضاَ بذلك كل الادعاءات التي روج لها النظام مؤخراً من قبيل "عام الزراعة" ودعم القطاع الزراعي، في مواجهة العقوبات الغربية.

وبنسبة تجاوزت ال300 في المئة، حدد المصرف سعر مبيع الطن الواحد من سماد السوبر فوسفات بمليون و112 ألف ليرة سورية، وسعر مبيع الطن الواحد من سماد اليوريا بمليون و366 ألف ليرة سورية.

وقال مدير عام المصرف إبراهيم زيدان إن تسعير الأسمدة تم على أساس التكلفة الحقيقية الواردة إلى المصرف مع إضافة تكاليف الشحن وأجور العتالة والعاملين، مدعياً أن السعر الجديد تمّ حسابه دون أي هامش ربح وبأقل من السعر الرائج بمعدل ما بين 10 و15 في المئة.

ولم يمنع احتياطي سوريا "الضخم" من الفوسفات، النظام من رفع أسعار كل أصناف الأسمدة، حتى المصنعة محلياً (يوريا، السوبر فوسفات الثلاثي)، ما أثار انتقادات وتساؤلات عن مصير الفوسفات السورية.

وهاجم موقع "هاشتاغ سوريا" الموالي رفع الدعم عن الأسمدة قائلاً إن "الحكومة تهدد الأمن الغذائي وتوقف دعم الأسمدة..في عام الزراعة". وأضاف في تقرير "دائماً ما كانت التصريحات في وادٍ والقرارات في وادٍ آخر. والأمر لا ينطبق فقط على التصريحات، بل أيضاً يشمل الخطط الحكومية الرسمية المكتوبة على ورق وتبقى على ورق".

زيادة تكاليف المعيشة
ومن شأن إلغاء دعم الأسمدة، زيادة نقص الإنتاج الزراعي المحلي، والمحاصيل الاستراتيجية (القمح، الشعير)، في المقدمة، كما يؤكد محمد عرفان داديخي المهندس الزراعي، والمسؤول في المؤسسة العامة للحبوب، التابعة ل"الحكومة المؤقتة"، ل"المدن". ويوضح أن رفع الدعم عن الأسمدة يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع التكاليف على المزارع أولاً، ومن ثم على المستهلك.

ويتابع داديخي أن المتأثر الأول بقرار النظام هو رغيف الخبز، مضيفاً "غالباً سيمتنع قسم كبير من المزارعين عن زراعة القمح والخضروات التي تحتاج إلى الأسمدة، ويتوجهون إلى زراعات تحتاج إلى كميات محدودة من الأسمدة، مثل العدس والحمّص".

ولا تقتصر الأضرار على الإنتاج الزراعي، كما يؤكد داديخي، الذي أشار إلى آثار سلبية لقرار رفع الدعم عن الأسمدة على القطاع الحيواني "القرار يرفع أسعار علف الحيوانات أيضاً، وبالتالي زيادة الأعباء المعيشية على السوريين".

من جهته، يقول الباحث الأكاديمي الزراعي عبد العزيز ديوب ل"المدن"، إن "المزارع السوري متضرر أساساً".

ويوضح ديوب، الرئيس السابق لقسم كلية الزراعة في جامعة حلب، أن مستلزمات الإنتاج الزراعي في سوريا غير متاحة للمزارعين، من مياه الري بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة، والمبيدات مرتفعة الثمن، والأسمدة أيضاً، "فضلاً عن التعقيدات في عمليات تسويق المحاصيل، وتدني أسعارها مقارنة بالتكلفة، ما يصب في مصلحة مافيات التجار".

ويقول إن المزارع السوري توجه نتيجة كل ذلك إلى الزراعة غير المروية (البعل)، وهي زراعة ذات مردود منخفض مقارنة بالمروية، وهذا ما يُفسر تراجع الإنتاج الزراعي المحلي.

وبما يخص احتياطي الفوسفات السورية، أكد ديوب سيطرة روسيا على مناجم الفوسفات السورية، بشكل شبه كامل. وما يؤكد ذلك، استيراد النظام السوري في العام 2019 السماد الفوسفاتي، رغم أن سوريا لم تستورد أبداً من قبل هذا النوع من الأسمدة الذي كان ينتج محلياً في معمل فوسفات حمص، ويصدر منه أيضاً.

وكانت سوريا، تُعد ضمن أكبر خمس دول مصدرة للفوسفات في العالم، التي يتم استخراجها من مناجم الشرقية وخنيفيس القريبة من مدينة تدمر الأثرية في ريف حمص، لكن استحواذ روسيا على تلك المناجم الذي بدأ منذ العام 2017، عبر شركة "ستروي ترانس غاز" وغيرها، قد أدى إلى خسارة البلاد لهذه الثروة الاستراتيجية.