السلة الرمضانية لعائلة واحدة في دمشق..تعادل راتب 5 موظفين

محمد كساح
الأحد   2021/04/11
© Getty
تحتاج الأسرة المكونة من 6 أفراد في دمشق إلى مبلغ لا يقل عن 250 ألف ليرة سورية لشراء سلة رمضانية مقبولة، تكفي لكامل الشهر. وهذا المبلغ  يعادل الراتب الشهري لخمسة موظفين مجموعين، لدى حكومة النظام السوري.

وفيما كانت الأسعار مقبولة نوعاً ما خلال الموسمين الرمضانيين الماضيين، قفزت أسعار المواد الغذائية في دمشق لأضعاف عشية الموسم الرمضاني الحالي، وهذا ما جعل من الحصول على المواد الأساسية التي تتكون منها السلة عادة والتي لا بد من وجودها على رفوف المطابخ في رمضان، أمراً بالغ الصعوبة.

يقول عدد من سكان العاصمة ل"المدن"، إن مكونات السلة الرمضانية من سكر وزيت وسمن وحلاوة وزبدة وجبنة وعدس وبرغل ورز وغيرها من المواد ارتفعت قرابة 300 في المئة عن رمضان 2020. كما ارتفعت الأسعار الحالية قرابة 800 في المئة عن موسم 2019 بما يخص مواد مثل السكر، البرغل، الرز، العدس.

وعلى الرغم من الأكلاف الباهظة التي "لا تُحتمل"، يضطر السكان لشراء لوازم مائدتي السحور والفطور، في حين يلجؤون إلى تقليص الكميات كملجأ وحيد للخروج من مجاعة محتملة. كما تتجهّز ربّات البيوت لمخالفة العادات الرمضانية التي نشأن عليها في تنويع الأطباق وتدسيمها. 

تقول إحدى السيدات الدمشقيات ل"المدن"، إنها صممت على الحصول على المواد الضرورية مهما كان ثمنها: "لجأت للاستدانة، استلمت حوالة مالية من شقيقتي في الخارج.. ودفعت 350 ألف ليرة عن مجموعة من السلع لا تتجاوز كميتها 40 كيلو غراماً".

خفض الأسعار ليس أولوية للنظام
يوضح الباحث الاقتصادي خالد التركاوي أن موضوع ارتفاع أسعار السلع مرتبط بأسباب هيكلية تتعلق بارتفاع مستوى التضخم بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وانخفاض سعر صرف الليرة المرافق له، كما "لدينا قضايا تتعلق بانخفاض الإنتاج حيث أغلقت معظم المصانع أبوابها، إضافة لانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن".

ويضيف التركاوي ل"المدن"، "بدا واضحاً فشل النظام في الفترة الأخيرة في إدارة الأزمة. نتج عن ذلك عدم القدرة على ضبط الأسعار. وقد رأينا كيف انخفضت الليرة الشهر الماضي ثم صحّحت المسار، لكن الأسعار لا تزال كما هي تقريباً".

ويتابع أن النظام السوري لا يعتبر خفض الأسعار أولوية بالنسبة لسياسته الاقتصادية، لذلك تكثر التبريرات والحجج التي يطلقها مسؤولوه في مواجهة الغلاء الحاصل، مثل قانون قيصر والحصار والحرب، وصولا إلى تسبب أزمة قناة السويس بالأزمة الراهنة.

سلة حكومية لا تسد الرمق
صالات "السورية للتجارة"، وهي المؤسسة التي نجمت عن دمج ثلاث مؤسسات: سندس والاستهلاكية والخزن والتسويق في العام 2017، أعلنت عن طرح سلة رمضانية بقيمة 25 ألف ليرة على أن توزع بداية شهر رمضان.

تبدو المكونات متواضعة جداً ما يجعلها لا تحل أزمة الجوع التي يتأهب السكان لها في رمضان. فهي مكونة من (2 كيلو سمنة، 1 كيلو سكر، 1 كيلو رز، 1 كيلو عدس، 1 كيلو برغل، 1 كيلو شعيرية وخل وملح ومعكرونة).

يقول أحد السكان الذين اطلعوا على الإعلان ل"المدن"، إن هذه الكمية لن تكفي ليومين لا سيما مع وجود نقص في المواد الرمضانية التي اعتاد عليها السوريون مثل الحلاوة والطحينة والجبن بأنواعه والزبدة والزيوت. وتعلق ربى وهي سيدة دمشقية ل"المدن" قائلةً: "لن أشتري السلة على افتراض وجودها فعلاً في الصالات الحكومية، لأنها وبكل بساطة لا تسد الرمق".

لا يتوقع التركاوي أن يقدم النظام حلولاً إسعافية لرفد السكان بالاحتياجات الأساسية مع حلول شهر رمضان، ويؤكد "لا أعتقد أن هناك حلولاً للواقع الحالي سوى أن يترك النظام الناس بحالها، أو أن يحدث حل سياسي ما".