العالم يجدد تحركه من أجل سوريا..والمعارضة متفائلة بحذر

عقيل حسين
الإثنين   2021/03/15
© Getty
تشعر المعارضة السورية بارتياح تجاه المواقف والتصريحات الأخيرة التي صدرت عن مسؤولي عدد كبير من الدول بالتزامن مع الذكرى العاشرة للثورة السورية، والتي عبرت عن دعم الثورة والمعارضة، والالتزام بمحاسبة النظام والاسراع بإيجاد حل سياسي للقضية السورية.

كما تأمل المعارضة أن يشكل المناخ الدولي السائد فرصة لإعادة تفعيل عمل مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وممارسة الضغط الكافي لإجبار النظام وحلفائه على المضي قدماً في تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالانتقال السياسي في سوريا، بعد أن ساهم الانكفاء السابق لغالبية الدول الداعمة للمعارضة بتراجع كبير في الزخم الذي كان يحظى به الملف السوري، وأنعش آمال النظام بالعودة إلى الحظيرة الدولية بعد أن كان على وشك السقوط قبل العام 2015.

وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون آخر وأهم مسؤول غربي يعبر عن عودة الموقف القوي لهذه الدول، حيث أكد في تغريدة الاثنين، "التزام بلاده بالنضال من أجل محاربة الافلات من العقاب في ما يخص الانتهاكات المرتكبة في سوريا، وإيجاد حل سياسي".

وقال: "قبل عشر سنوات انتفض الشعب السوري بشكل سلمي من أجل الحرية والكرامة، واليوم لا زلنا إلى جانبه في الاستجابة للاحتياجات الإنسانية والدفاع عن القانون الدولي ومحاربة الإفلات من العقاب وإيجاد حل سياسي في النهاية باعتباره الحل الوحيد الممكن، وإننا نؤكد للشعب السوري أننا لن نتخلى عن هذا النضال".

وفي جلسة عقدها مجلس الأمن الاثنين، ركز المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن على ضرورة تحقيق تقدم في الحل السياسي والعمل لإنهاء النزاع المأساوي في سوريا، وأنه يجب جمع المعارضة والنظام للتفاوض سريعاً تحت مظلة الأمم المتحدة، مطالباً بالعمل على تخفيف العقوبات وإدخال المزيد من المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

وكانت السفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة قد اعتبرت في افتتاح الجلسة، أن "الوقت قد حان لتحقيق التقدم في حل سياسي حقيقي لمنح الشعب السوري المستقبل الآمن المستقر والأمل الذي يستحق"، مضيفة أنه "لا يجب السماح بأن تكون الذكرى الحادية عشرة للأزمة السورية كالذكرى العاشرة".

سبق ذلك إعلان لندن عن حزمة جديدة من العقوبات ضد النظام في سوريا، بينما أكد المبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا جونثان هارغريفز على موقف بلاه الداعي إلى محاسبة رئيس النظام بشار الأسد وضرورة التوصل إلى حل عاجل للقضية السورية.

سلسلة المواقف التي تم ضخّها في الملف السوري مؤخراً كانت قد بدأت مع تصريحات للمتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، اعتبر فيه أن "الأسد يتحمل مسؤولية معاناة السوريين ولا يمكن التفكير بإعادة العلاقات معه". 

وقال برايس إن "الولايات المتحدة تواصل دعم تسوية سياسية للوصول إلى حل في سوريا، بالتشاور مع الحلفاء والمبعوث الخاص للأمم المتحدة"، مضيفاً أنه "علينا أن نفعل المزيد من أجل الشعب السوري عانى لفترة طويلة جداً تحت حكم بشار الأسد الوحشي، الذي لم يفعل أي شيء ليعيد شرعيته، وهو المسؤول عن معاناة الشعب السوري، وهذا ما أفقده الشرعية".

تصريحات ومواقف تُجمع المعارضة على أنها تمثل عودة الزخم إلى الملف السوري، وتجدد الاهتمام الدولي به بعد ثلاث سنوات من انكفاء الغرب لصالح هيمنة سردية مكافحة الإرهاب التي أراحت النظام وحلفائه، ومنحت روسيا على وجه التحديد هامشاً كبيراً للتحرك من أجل فرض رؤيتها وأجندتها للحل في سوريا.

كما تأمل المعارضة أن تكون الذكرى العاشرة لانطلاق الحراك الشعبي ضد النظام مناسبة لتفعيل عمل مجموعة دول أصدقاء الشعب السوري التي كانت تضم عام 2012 أكثر من 131 دولة، قبل أن يتراجع  دورهذه المجموعة بشكل تدريجي خلال الأعوام التالية، ومع فشل المفاوضات التي جرت بين النظام والمعارضة في جنيف، بدا أن المجتمع الدولي ينفض يده من القضية السورية، الأمر الذي مكّن النظام وحلفاءه من استعادة مساحات واسعة من البلاد كانت تسيطر عليها المعارضة، مع توقف القسم الأكبر من الدعم الذي كانت تحصل عليه، والذي لم يكن بحجم طموحاتها أصلاً.

وبهذا الصدد يشير الباحث في المركز العربي في واشنطن، المعارض السوري رضوان زيادة، إلى أن مجموعة أصدقاء سوريا تتشكل بالأساس من المجموعة العامة التي اجتمعت لأول مرة عام 2012 بمشاركة أكثر من 130 دولة، بعدها تشكل ما يعرف بالمجموعة النواة، التي تضم الدول العشرين الرئيسية، والتي حافظت على اجتماعاتها الدورية في شهر أيلول/سبتمبر من كل عام، لكن حضورها أصبح ضعيفاً بمرور الوقت.

ويضيف "أعتقد أنه من المهم الاستفادة من المناخ الدولي السائد حالياً من أجل إعادة تفعيل دور المجموعة بالنظر إلى فشل مجلس الأمن الدولي في تحقيق تقدم نحو الحل السياسي في سوريا، فهي يمكن أن تشكل مظلة للعمل الدولي خارج المجلس". واعتبر أنه على المعارضة العمل من أجل الاستفادة من المناخ الجديد الذي عادت القضية السورية لتحظى به من خلال تنظيم نفسها بشكل يساعد المجتمع الدولي على التعامل معها لسحب الشرعية من النظام.

تفاؤل حذر يسيطر على السوريين المتطلعين لاتفاق دولي ينهي مأساتهم التي أتمت عشر سنوات من عمرها، ويرى الكثيرون أن الاجواء التي تخيم على المشهد اليوم تشبه كثيراً تلك التي سادت مطلع العام 2012 التي كانت توحي بمثل هذا التوافق، لكن تجارب الفشل المتكررة وعدم تحقيق أي تقدم على مدى عقد كامل من الصراع يجعل التحفظ مبرراً في التعاطي مع هذا التطور الجديد.