حمادة يتسلم وزارة ميتة وفصائل مشتتة.. فهل تنقذه "عزم"؟

خالد الخطيب
الثلاثاء   2021/11/16
وزير دفاع الحكومة المؤقتة حسن حمادة
أعلن الائتلاف الوطني السوري انتخاب العميد حسن حمادة وزيراً للدفاع في الحكومة المؤقتة. وحصل حمادة على غالبية أصوات أعضاء الهيئة العامة للائتلاف والتي اجتمعت في دورتها العادية الرقم 59 في إسطنبول.

وفي بداية شهر أيلول/سبتمبر، استقال اللواء سليم إدريس من منصبه كوزير للدفاع ورئيس لأركان الجيش الوطني السوري. بدا إدريس حينها، يائساً من إنعاش المؤسسة العسكرية الرسمية للمعارضة بسبب تشتت الفصائل وتهربها من الالتزام بدعم مشروع وزارة الدفاع.

وشغل العميد حمادة منصب نائب وزير الدفاع في المؤقتة منذ العام 2017، وكان قد انشق عن قوات النظام في 21 حزيران/يونيو 2012 بعدما انطلق بطائرته الحربية من مطار خلخلة العسكري في السويداء متجهاً نحو الأردن التي حط في أحد مطاراتها العسكرية.

وزارة ميتة
وتأسست وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة بداية العام 2017 بالتزامن مع تأسيس الجيش الوطني، وتسلّم وزارة الدفاع حينها جواد أبو حطب، الذي كان يشغل أيضاً منصب رئاسة الحكومة. وفي بداية العام 2019 ترأس اللواء إدريس الوزارة التي بقيت مؤسسة شكلية لا وزن لها في مناطق المعارضة، مثلها مثل مؤسسة الجيش الوطني التي لم يكن لها أي سلطة على الفصائل.

ومن المفترض أن يتسلم العميد حمادة وزارة شبه ميتة، وأقل فاعلية ووزناً من السابق بعد ظهور تحالفات جديدة للفصائل في النصف الثاني من العام الحالي 2021، لا سيما تحالفا الجبهة السورية للتحرير وغرفة القيادة الموحدة (عزم). تحالفان ألغيا مسمى الجيش الوطني وكانا بمثابة بديل عنه بعدما فشل في جمع الفصائل تحت مظلته.

ويرى الباحث في الشأن السوري، محمد السكري، أن مشكلة الجيش الوطني لم تكن في الشخصيات التي تسلمت قيادته أو شغلت وزارة الدفاع، وإنما المشكلة هي أكبر وأعمق، وتتجسد في فشل العمل المؤسساتي العسكري، والذي يشوبه الكثير من الأخطاء الكارثية.

ويضيف السكري لـ"المدن"، أنه "لا ضوابط تمنع أو تسمح للفصائل من الدخول أو الخروج من التشكيلات والغرف العسكرية، ولا وجود في الأصل لما يعيق تشكيل غرف موازية أو مضادة لفكرة المؤسسة الواحدة"، لافتاً إلى أن "فصيل سليمان شاه، أحد تشكيلات الجيش الوطني، تنقل مرات عديدة بين عزم والجبهة السورية وحركة ثائرون، من دون رادع".

وتابع السكري: "هناك 4 تكتلات خارج منظومة الجيش الوطني، رغم الإشارة الرمزية من قبل تلك التكتلات إلى أنّها جزء من المؤسسة، وهي الجبهة الوطنية للتحرير والجبهة السورية للتحرير وحركة ثائرون وعزم، وهذا ما يثير تساؤلات عديدة حول موقع الجيش الوطني من هذه التحالفات وبتعبير أدق مستقبله كمؤسسة، وهل يستطيع منع هذه المشاريع أو على الأقل ضبطها وتنظيمها تحت قيادته. والإجابة: بالطبع لا، بسبب غياب المرجعية والقرار".

ويعتقد السكري أن "الفشل في تمكين المؤسسات العسكرية المعارضة الناشئة هو ما دفع الوزير إدريس إلى الاستقالة، بعدما فقد الأمل من إمكانية الاصلاح، فالجيش الوطني مؤسسة من الماضي ولا يمكن إصلاحها، وهي في الأساس لم يكن لها وجود إلا شكلياً، إذ إن النزاع داخل الفيالق كان واضحاً وكبيراً". ويرى أنه "يمكن التعويل على غرفة عمليات عزم في استنهاض الحالة المؤسساتية في تدعيم كتلة الجيش الوطني، وهذا في العموم يحتاج إلى طريقة جديدة غير تقليدية في التعامل مع الحالة العسكرية للمعارضة وفق منهجيات وأدوات عملية وجديدة".

توحيد الفصائل تحت راية "عزم"
ويبدو أن "عزم" متمسكة بمؤسسات المعارضة، وبالأخص وزارة الدفاع والجيش الوطني، وهذا ما أكده قائدها أبو أحمد نور خلال لقائه مجموعة من الإعلاميين والناشطين في ريف حلب، قبل أسابيع، مؤكداً أن توجهات "عزم" تدعم تحركات الائتلاف الوطني في الداخل وتتبناه وتعتبره ممثلاً سياسياً.

وترفض "عزم" وجود مكاتب سياسية تمثل التشكيلات والتحالفات العسكرية خارج الائتلاف، هذا على الأقل ما رشح عن المفاوضات بينها وبين الجبهة السورية مؤخراً، والتي تهدف إلى ضم الجبهة إلى صفوف "عزم".

ويبدو أن "عزم" اقتربت كثيراً من تحقيق هدفها الكبير والغير معلن، وهو دمج الفصائل وصهرها في تشكيل واحد والقضاء على كل المظاهر الفصائلية تمهيداً لمرحلة جديدة وتحقيقاً لمطلب طال انتظار تحوله الى واقع عملي، أي خلق مؤسسة عسكرية منظمة وذات قيادة فاعلة متمكنة من مفاصل العمل المسلح، وبالتالي فإن توجهات "عزم" خلال الفترة المقبلة قد تدعم وزارة الدفاع التي يتزعمها العميد حمادة المعيّن حديثاً.

نجاح "عزم" في جمع الفصائل المعارضة تحت مظلتها مرتبط بنجاح المفاوضات مع الجبهة السورية التي تضم فصيلين كبيرين، هما فرقة المعتصم وفرقة الحمزة. وفي حال اتفق الطرفان، يمكن القول بأن مشروع المؤسسة العسكرية التابعة للائتلاف والمؤقتة، بات واقعاً للمرة الأولى منذ تأسيس الجيش الحر في العام 2012، وستكون المؤسسة المفترضة مشروعاً منافساً وبجدارة لمشروع "هيئة تحرير الشام" في إدلب.