إعادة إنتاج السيارات والجرارات الإيرانية في سوريا..استثمار الفُتات

مصطفى محمد
الخميس   2021/11/11
تسعى إيران إلى استثمار كل ما يمكن استثماره في سوريا، في إطار منافستها الاقتصادية مع روسيا التي استحوذت على الثروات والقطاعات الاستراتيجية السورية.

وخدمة لهذا التوجه، تستعد إيران لإعادة شركتها لإنتاج السيارات "سايبا"، إلى العمل في السوق السورية، من خلال تجميع الجرارات والسيارات في سوريا التي تعاني من نقص كبير في وسائل النقل والآلات الزراعية.

وكشفت وكالة إعلام النظام (سانا)، عن مباحثات صناعية لإنتاج الجرارات الإيرانية في سوريا، موضحة أن مدير عام شركة "سايبا" محسن يزدان فر أبدى رغبة الشركة بالاتفاق على برنامج عمل يتضمن في المرحلة الأولى تجميع قطع الجرارات الجاهزة للوصول إلى كمية محددة من الإنتاج اليومي، على أن يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تعتمد على إنتاج بعض قطع الجرارات ضمن الشركة للوصول إلى إنتاج كامل لقطع الجرارات في المرحلة الثالثة.

ويمهد ذلك إلى وضع إيران يدها على الشركة العامة لتصنيع وتوزيع الآلات الزراعية بحلب (شركة الفرات سابقاً)، التي أوقفت عمليات بيع الجرارات الهندية الصنع بالتقسيط للمزارعين، منذ العام 2020، تفادياً للخسائر الناجمة عن تقلبات سعر صرف الليرة السورية.

وباعتراف أكثر من مسؤول إيراني تخوض طهران المنافسة الاقتصادية مع روسيا بوصفها معركة، مع إدراكها المسبق بخسارتها، وهو الأمر الذي عبر عنه نائب رئيس غرفة التجارة السورية-الإيرانية علي أصغر زبردست عندما قال في وقت سابق من العام 2021، إن "الفوائد الاقتصادية لسوريا تذهب لروسيا وكذلك دول أخرى، بينما علاقاتنا التجارية والاقتصادية مع سوريا بطيئة".

ويرى الباحث بالشأن الإيراني الدكتور محمد عبد المجيد أن التوجه الإيراني الأخير في سوريا، يأتي كمحاولة من حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لتفادي الانتقادات الداخلية التي كانت توجه لحكومة حسن روحاني، المتعلقة بعدم الاستفادة من الفرص الاقتصادية المتوفرة في الدول التابعة ل"محور المقاومة"، والتركيز فقط على المكاسب السياسية.

ويضيف عبد المجيد ل"المدن"، أن إيران التي تعتقد أنها قدمت الكثير في سوريا، ترى أن من حقها اليوم الحصول على مكاسب اقتصادية، لكن الأرقام تشير إلى محدودية التبادل التجاري مع سوريا مقارنة بالعلاقة التحالفية بين دمشق وطهران. ويوضح أن حجم التبادل التجاري بين النظام وإيران بلغ 115 مليون دولار في العام 2020، مشيراً إلى أن التوقعات أن يرتفع الرقم بنهاية العام الحالي 2021 إلى 150 مليون دولار.

وحسب عبد المجيد، تقود إيران منذ تولي حكومة رئيسي البلاد نشاطاً محموماً لتعزيز النشاط الاقتصادي والتجاري مع سوريا، بدلالة قيام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بزيارتين لدمشق مؤخراً لأهداف اقتصادية.

ويبيّن أن إيران تسعى لتثبيت نفوذها في سوريا على مختلف الصعد، وفي مقدمتها الصعيد الاقتصادي، لغرض الاستفادة من الأسواق السورية لتقليل الضغط الاقتصادي الذي تعاني منه داخلياً، وهو الضغط الذي يبدو في طريقه للزيادة في ظل عدم وضوح الأفق لمستقبل العقوبات الغربية على طهران.

رغم الرواج ..المكاسب محدودة
ورغم جودتها المنخفضة، تؤكد المعطيات التي رصدتها "المدن" أن السيارات والجرارات (جرار فرات بقطع إيرانية) تحظى برواج جيد في السوق السورية، نظراً لرخص ثمنها وتوفر قطع الغيار، ويعني ذلك وفق مراقبين، أن حظوظ إيران في السيطرة على سوق السيارات والجرارات السورية تبدو قوية جداً، لكن ضعف القدرة الشرائية يحدّ من نسبة الأرباح المتوقعة.

ويقول الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي في حديث ل"المدن"، إنه "لإيران تجربة في سوق السيارات السورية، منذ ما قبل الثورة، وبالتالي فإن هذه التحضيرات لن تكون جديدة على صعيد التصنيع، بل إعادة تشغيل وتوسيع العمل في هذا المجال".

ومهما حاولت إيران، تبقى مكاسبها الاقتصادية في سوريا محدودة جداً، لأن الروس ضمنوا السيطرة على الثروات الاساسية (النفط والغاز والفوسفات)، على حد تأكيد قضيماتي.
وتحت ظروف الحرب، اضطرت الشركة الإيرانية-السورية "سيامكو-سايبا"، إلى التوقف وسط تحضيرات لعودة العمل بأرقام إنتاج ضعيفة للغاية.