الإمارات تتحدى "قيصر"..الشريك التجاري الثالث للنظام بعد روسيا والصين

مصطفى محمد
الخميس   2021/10/07
وزير الاقتصاد السوري التقى نظيره الإماراتي على هامش أعمال اكسبو دبي
يُرجع اقتصاديون تحول الإمارات إلى أحد أهم الشركاء التجاريين للنظام السوري، أولاً وأخيراً إلى مرور مستوردات النظام الصينية المنشأ عبر الإمارات إلى سوريا، وخصوصاً الأغذية المستوردة (الشاي، القهوة، الزيوت النباتية)، والأدوات الكهربائية الصينية، والمعدات الصناعية، التي يعاد تُسميتها على أنها صُنعت في الإمارات.

ونتيجة التضييق الذي تفرضه العقوبات الأميركية (قانون قيصر) على التجارة الخارجية مع النظام السوري، وشحّ الدولار لدى خزينة الأخير، تولت الشركات الإماراتية مهمة تزويد السوق السورية باحتياجاتها، مقابل استيراد العديد من المواد المتوفرة في السوق السورية، مثل زيت الزيتون، والفواكه (التفاح، الإجاص، الحمضيات)، والخضار، والحبوب العطرية، بواسطة شاحنات تمرّ عبر معبر جابر-نصيب الحدودي مع الأردن، والبوكمال-القائم الحدودي مع العراق.

الشريك الثالث عالمياً
وحسب وزير الاقتصاد الإماراتي، عبد الله بن طوق المري، فإن بلاده تحولت لأهم الشركاء التجاريين مع سوريا على المستوى العالمي، حيث تحتل المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً، بعد الصين وروسيا.

وأوضح المري أن حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بلغ نحو 2.6 مليار درهم، خلال العام 2020، في حين وصل إلى نحو مليار درهم، خلال النصف الأول من العام الجاري، بينما تجاوزت قيمة الاستثمار السوري المباشر في دولة الإمارات 1.5 مليار درهم بنهاية عام 2019.

تساهل أميركي
وفي هذا الصدد، أشار منسق لجنة قانون "قيصر" في الائتلاف السوري المعارض عبد المجيد بركات إلى مساهمة تراخي الإدارة الأميركية في تطبيق العقوبات على النظام، وعدم صدور لوائح جديدة، في زيادة الانفتاح السياسي والاقتصادي على النظام من قبل بعض الأطراف العربية.

وقال ل"المدن"، إن الائتلاف وضع الجانب الأميركي ووزارة الخزانة بما يجري من استغلال للعناوين الاقتصادية والإنسانية، في شأن التطبيع السياسي مع النظام السوري.

من جانبه، لفت المراقب الاقتصادي منذر محمد إلى زيادة الحراك الاقتصادي الإماراتي في سوريا مؤخراً، وتحديداً بعد تسلم إدارة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض. وأشار في حديث ل"المدن"، إلى قيام وزارة الخزانة الأميركية في حزيران/يوينو 2021، برفع العقوبات عن شركتي "ASM" الدولية للتجارة العامة العائدة لذراع الأسد الاقتصادي سامر فوز ومقرها في الإمارات، وشركة "Silver Pine" المملوكة لشقيقه حسين فوز، في الإمارات أيضاً.

والواضح لمحمد، أن الخطوة الأميركية كانت بمثابة منح الضوء الأخضر للإمارات، لزيادة تبادلها التجاري مع النظام السوري، تطبيقاً للتفاهمات بين واشنطن وموسكو حول الملف السوري، أو ما تسمى بخطة "الخطوة بخطوة".

وما يدلّ على ذلك من وجهة نظره، إعلان الإمارات عن استعدادها للمشاركة في إعمار سوريا، وكذلك إعلانها عن نيتها تفعيل مجلس رجال الأعمال السوري-الإماراتي، خلال اجتماع عُقد قبل أيام مع وزير الاقتصادي لدى النظام السوري محمد سامر الخليل، على هامش أعمال معرض إكسبو 2020 دبي.

وقال محمد إن الإمارات بدأت منذ العام 2019، بالتحرك اقتصادياً نحو النظام السوري، لكن يبدو أن القيود التي تفرضها العقوبات الأميركية كانت سبباً في كبح تقاربها السياسي والاقتصادي مع النظام، والآن من الواضح أن حدة القيود تراجعت، وهذا ما شجّع الإمارات على زيادة الانفتاح الاقتصادي على النظام السوري، تحت أهداف متعلقة بالاستحواذ على حصة من كعكة إعادة الإعمار، وكذلك تحت هدف متعلق بموقع سوريا الجيو-سياسي.

سوريا بوابة للإمارات
في السياق، سلطت دراسة صادرة عن منصة "الاقتصادي" المختصة بالاقتصاد السوري الضوء على أسباب اهتمام الإمارات بالسوق السورية، مشيرة إلى أن الإمارات تخطط لجعل الجغرافية السورية بوابة لسوق كبيرة تمتد حتى الدول المجاورة، لتكون مسرحاً لتوظيف شركات دبي المختلفة واستحواذها الاقتصادي.

وطبقاً لتقديرات اقتصادية، تشكل الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الإمارات، أحد العوامل الأخرى التي تدفعها إلى البحث عن دور اقتصادي فاعل في مناطق بعيدة عنها نسبياً، وسوريا في المقدمة.