النظام السوري يشرّع الفساد..10% حصة جباة الضرائب

محمد كساح
الجمعة   2021/10/22
لجأ النظام السوري مؤخرا إلى تعزيز نفوذ مراقبي الدخل بمنحهم حصة 10 في المئة من قيمة الغرامة المالية، عوضاً عن دعم من تبقى من الفئات المنتجة، في شرعنة رسمية للفساد وفق ما يؤكد مراقبون.

ونصّ القرار الذي تداولته وسائل إعلام موالية وحمل توقيع وزير المالية كنان ياغي، على منح مراقب الدخل الذي يكتشف عدم صحة البيانات والوثائق والمعلومات عند دراسة التكليف، وفق أحكام الفقرة/ب من المادة 18 من قانون الضريبة على الدخل، حصة لا يتجاوز مقدارها 10 في المئة من الغرامة المحصلة وذلك بعد اكتساب التكليف الدرجة القطعية.

وتسري أحكام هذا القرار على التكاليف الضريبية لمكلفي الأرباح الحقيقية في أقسام (الدخل ومتوسطي وكبار المكلفين).

ويقول الباحث في مركز "جسور" للدراسات خالد التركاوي إن الفكرة جرى طرحها من قبل النظام السوري قبل اندلاع الثورة. ويضيف ل"المدن"، أن الهدف الأساسي من هذه الفكرة زيادة العوائد المالية التي تجبى لخزينة الدولة، و"لأن مراقب الدخل سيحصل على نسبة مئوية من أي مبلغ يقوم بجبايته فسيعمل على اقتناص أكبر مبلغ مالي لصالح الخزينة".

لكن، ومن جهة آخرى، ستكثر حوادث الابتزاز التي تطال المنتجين وتتوسع على اعتبار وجود سقف لما سيحصل عليه مراقب الدخل كحصة رسمية، وهذا ما سيجعل شهية مراقبي الدخل مفتوحة أكثر لاقتناص مبالغ أكبر قد تصل إلى 25 قي المئة كرشاوى مقابل التغاضي عن المطالبة بالضريبة.

ويوضح التركاوي أن مراقبي الدخل بشكل عام باتوا يمتلكون نوعاً من ثقافة الفساد، كتفاعل مع فساد أكبر يديره النظام، ما جعلهم يمتلكون نوعا من السلطة يفرض نفسه على المواطنين.

وحول توقيت إصدار هذا القرار، يتابع التركاوي أن "موارد الخزينة السورية في أخفض حالاتها، ومعظم بل جميع القرارات التي أصدرها وسيصدرها النظام تصب في سياق اتجاه تعزيز هذه الموارد. وبالتالي يعتقد النظام أن هذا القرار وأشباهه ستضيف موارد جديدة إلى الخزينة حتى ولو كان على حساب المواطنين".

من جهته، يشير الباحث الاقتصادي رفعت عامر إلى أن النظام السوري يعتمد دائماً على ما يمكن تسميته بشرعية القوة الخشنة التى تمارسها بالعادة العصابات والمافيات وأمراء الحروب.

ويضيف ل"المدن"، أن القرار الجديد "يعطي حافزاً لمراقبي الدخل للتسلط على أصحاب الدخل وتشليحهم أكبر قدر ممكن من المال لصالح النظام، بعد أن استشرى الفساد وأصبح الموظفون في قسم الجباية هم الأكثر فساداً بين سائر الموظفين في المؤسسات الحكومية".

ويؤكد أن النظام يهدف إلى تحويل مؤسسات الدولة وموظفيها إلى شركات خاصة أو عصابات مشرعنة من قبل الحاكم.

وبالتالي فإن رفد الخزينة الفارغة بمزيد من المال يأتي -بحسب عامر- كهدف على المدى القصير جداً، لكن الهدف الأبعد هو إعطاء شرعية للفاسدين بالحصول على مبالغ أكبر مما كانت عليه سابقاً على حساب خزينة الدولة، و"الأهم والأخطر في هذا هو المستثمر وأصحاب الأعمال الذين يعانون الأمرين في بلد يفتقد لأي مقومات وبنية تحتية قانونية واستثمارية وتسلط أجهزة الدولة".

بناء عليه، يرجّح عامر أن يكون مخطط النظام طرد أصحاب الأعمال السوريين إلى خارج السوق ليحتل مكانهم رجال أعمال وأصحاب مشاريع قادمون من إيران أو موالون لها.