التعليم في ريف حلب مهدد..بالنزاع بين الاساتذة والمجالس المحلية

منصور حسين
الخميس   2021/10/21
© Getty
على نحو متسارع، دخلت قضية إضراب المعلمين في ريف حلب الشرقي مرحلة جديدة، بعد تهديدات المجالس المحلية في المنطقة، باقتطاع رواتب المدرسين وفصلهم ما أثار ردود فعل شعبية غاضبة.

وكان المجلس المحلي لمدينة الباب إضافة إلى مجلسي بلدتي بزاعة وقباسين، قد أصدروا الثلاثاء تعميماً ، يهدد باقتطاع رواتب المدرسين واعتبار اضرابهم عن العمل "غياباً غير مبرر"، وفصلهم بشكل نهائي في حال استمرارهم بالإضراب، واعتبرت البيانات أن القرار يصب في اطار "مصلحة أطفال المنطقة وحقوقهم في التعلم".

ويواصل المعلمون في مدن الباب وبزاعة وقباسين التي تعرف باسم "منطقة درع الفرات" شرق حلب، تنظيم وقفات احتجاجية، رافعين شعارات تطالب بتنفيذ عاجل لمطالبهم التي أعلنوا عنها، والمتمثلة بزيادة الرواتب وتحسين الواقع التعليمي في المنطقة.

نقابة للمعلمين
وفي رد على تهديدات المجالس المحلية، أعلن عشرات المدرسين تأسيس نقابة للمعلمين في مدينتي الباب وقباسين وريفهما، لتكون الممثل الشرعي والوحيد لحراكهم السلمي في سبيل تحقيق أهدافهم.

وبحسب من تواصلت معهم "المدن" من المدرسين والكوادر التربوية في مدينتي الباب وقباسين، فإن المجالس المحلية في المنطقة كانت تمنع المعلمين من تشكيل نقابة أو كيان خاص بهم، بذريعة أن المعلم ممنوع من تشكيل أي جسم أو مكون مستقل لا يتبع للمجالس المحلية في ريف حلب، بهدف ضبط العملية التعليمية.

وأوضح المدرس محمد دبك، عضو لجنة ممثلي المعلمين في ريف حلب الشرقي، ل"المدن"، أن إعلان تأسيس نقابة للمعلمين في منطقة درع الفرات، جاء كتصعيد من قبل المدرسين المضربين "خاصة وأن المشروع كان قد تعرض للرفض مراراً من قبل المجالس المحلية".

وقال: "لا تزال اللجنة التأسيسية تقوم بتشكيل نقابة المعلمين ووضع أنظمة لها، حيث تضم النقابة أكثر من 1200 معلم من مدينتي الباب وقباسين والمناطق التابعة لهما، ممن شاركوا في الإضراب الحالي، كما أن أبوابها مفتوحة لمن يرغب مستقبلاً بالانضمام"، مشيراً إلى أن "الإعلان الرسمي عن تشكيلها سيتم خلال الأيام القليلة القادمة".

وأضاف أنه "لا يوجد هيئة أو مؤسسة يمكن أن يرجع إليها المدرس في حال تعرضه لأي إجراء أو قرار تعسفي،  وبالتالي كان لزاماً علينا إيجاد جسد يلتف حوله المعلمون ويكون معبّراً عنهم في مثل هذا الحراك، كما أننا بحاجة إلى قوننة حقوقنا وإيجاد كيان اعتباري يكون ممثلاً لنا قضائياً وقانونياً".

ووسط هذا الجدل، بدا لافتاً انكفاء وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة وعدم توضيح موقفها من مطالب المدرسين أو قرارات المجالس المحلية، ما أثار التساؤلات عن دور هذه الوزارة التي تلتزم الصمت في هذا النوع من القضايا التي تهدد سير العملية التعليمية.

وعن هذا الموضوع، أوضح دبك أن "وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة لا تملك أي نفوذ على مدارس ريف حلب الشرقي والكوادر الإدارية فيها، حيث تتبع المراكز التعليمية لصالح المجالس المحلية في المنطقة وولاية غازي عنتاب التركية بشكل مباشر".

تفاعل شعبي
ولاقى حراك المدرسين تفاعلاً شعبياً بين سكان ريف حلب، الذين استهجنوا تهديدات المجالس المحلية باقتطاع رواتب المعلمين الهزيلة، بدلاً من الاستجابة السريعة لمطالبهم المحقة، واصفين القرارات ب"القمعية والتي تشابه تصرفات مؤسسات نظام الأسد".

ويرى الناشط من مدينة الباب ميلاد الشهابي في حديثه ل"المدن"، أن "الوقوف إلى جانب المدرس أمر بديهي بالنسبة إلى أهالي المنطقة المدركين أن الاستجابة لمطالبهم ضرورة للارتقاء بسوية التعليم"، مضيفاً أن "ما أبداه الأهالي من تكاتف وتأييد لمطالب المعلمين المضربين، على الرغم من محاولات المجالس المحلية تحميلهم مسؤولية أي فشل مستقبلي للموسم الدراسي، يؤكد أحقية هذه المطالب وتعبيرها عن مخاوف السكان أيضاً".

ويقول إن "الدخل الشهري للمعلم لا يتناسب اطلاقاً مع المصروف الشهري، وهذا الأمر لا يتعلق فقط بالمؤسسة التربوية، بل في جميع المؤسسات الحكومية الطبية و التعليمية والخدمية"، لافتاً إلى أن "الدخل لا يكفي إيجار منزل لمدة شهر دون المصاريف الأخرى، مقابل غياب أدنى حس للمسؤولية من قبل المجالس المحلية، فضلاً عن رفض حرية التعبير من بعض المجالس  واستخدام لغة التهديد التي تشابه لغة الأفرع الأمنية لدى نظام الأسد".

ولا يتجاوز راتب المدرس في مناطق ريف حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة 77 دولاراً أميركياً، في ظل ازمة معيشية خانقة وغلاء فاحش، كان قد دفع مئات المدرسين إلى ترك عملهم والتوجه نحو أعمال ومهن أخرى بهدف تلبية احتياجات أسرهم.

وكان عشرات المعلمين في ريف حلب قد بدأوا الخميس في 14 تشرين الأول/أكتوبر، إضرابهم احتجاجاً على تدني الرواتب وانقطاعها المتكرر، ضمن حملة "المدارس مدارسنا" التي يشارك فيها أكثر من أربعين مدرسة ومركز تعليمي في ريف حلب الشرقي.

كما احتج المدرسون على تدهور الواقع التعليمي في ريف حلب، ونقص الكوادر التعليمية واللوازم المدرسية من كتب وقرطاسية، وغياب الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا الذي يشهد انتشاراً متزايداً، وعدم تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي أو تأمين معدات الوقاية من كمامات وأدوات تعقيم، في ظل ازدياد عدد الطلاب ضمن الشعبة الواحدة.