انشقاق أبو مالك التلي وصهيوني: هيئة تحرير الشام تتصدع؟

المدن - عرب وعالم
الأربعاء   2020/04/08
أبو مالك النلي من أبرز القيادات العسكرية في تحرير الشام (انترنت)
شهدت "هيئة تحرير الشام" انشقاقات جديدة لقيادات بارزة في الإدارتين العسكرية والسياسية. وشكل انشقاق أبو مالك التلي، وقبله بسام صهيوني، صدمة للمحيطين بالهيئة، خصوصاً أن أنباء كثيرة تواردت مؤخراً حول مخطط لدمج الحركات السلفية، ما يعني نهاية الهيئة معنوياً.

والأرجح أن يشكل انشقال التلي وصهيوني رأس جبل جليد الانشقاقات في صفوف الهيئة. إذ من المتوقع أن تتواصل الانشقاقات خصوصاً بين قادة الصف الأول خلال الفترة القادمة لتشمل شخصيات شرعية أكثر تشدداً. ويبدو أن الانشقاقات واستمرارها المفترض، هي نتيجة حتمية للخلافات داخل "تحرير الشام"، والتي تواجه تحديات غير مسبوقة في الوقت الحالي بالتزامن مع التحركات التركية-الروسية التي تهدف إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب شمال غربي سوريا.

الانشقاق الأول عن "تحرير الشام" كان لرئيس "مجلس الشورى العام" في إدلب بسام صهيوني والذي أعلن استقالته، الثلاثاء، من رئاسة المجلس لأسباب لم يحددها. وقال صهيوني، في موقع "تويتر": "أنا الدكتور بسام صهيوني أعلن استقالتي من رئاسة مجلس الشورى العام في الشمال السوري المحرر لأسباب أبيّنها لاحقاً".

شغل صهيوني في العام 2017 منصب رئاسة الهيئة التأسيسية التي شكلت خلال "المؤتمر السوري العام"، وكان لها الدور البارز لاحقاً في تأسيس أول نسخة من "حكومة الانقاذ" المقربة من "تحرير الشام"، في 17 أيلول/سبتمر 2017، برئاسة، محمد الشيخ.

وفي شباط/فبراير 2019، دعا صهيوني بتوجيهات من "تحرير الشام" إلى مؤتمر عام، تم عقده بالفعل في معبر باب الهوى، ونتج عنه تأسيس "مجلس الشورى العام" الذي أعلن عنه لاحقاً في آذار/مارس من العام نفسه، برئاسة صهيوني أيضاً، وقالت "الانقاذ" حينها، إن المجلس هو الجهة التشريعية الرسمية.

أسهم صهيوني في الترويج لمشاريع "تحرير الشام" الإدارية والسياسية، وكان له دور في استقطاب عدد كبير من الشخصيات السورية المعارضة من أكاديميين ووجهاء وشيوخ عشائر للمشاركة في المجالس التي أشرفت "تحرير الشام" على تأسيسها منذ العام 2017، ودافع بشراسة عن مشروع "تحرير الشام" برغم الانتقادات اللاذعة التي وجهتها الأوساط الشعبية للهيئات والمجالس المشكلة.

مصادر خاصة في المعارضة قالت ل"المدن"، إن أسباب استقالة، بسام صهيوني ترجع إلى" الخلافات بينه وبين قيادة تحرير الشام حول مستقبل الإدارة المدنية في إدلب، ومحاولة تحرير الشام عرقلة الجهود الساعية إلى توحيد الحكومتين المعارضتين شمال غربي سوريا، أي رغبتها في فصل إدلب عن مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريف حلب".

عملياً، يبدو انشقاق صهيوني ناتجاً عن أكثر من سبب. المجالس والهيئات السياسية والتشريعية المفترضة، والتي بدأت "تحرير الشام" في تأسيسها منذ العام 2017 بقيت شكلية، ولم يكن لها الأثر الفعلي في السياسات المدنية والإدارية في إدلب، وكانت الأمور تدار من خلال السلطة العسكرية ل"تحرير الشام" التي تدخلت في تعيين أعضاء "مجلس الشورى" و"الإنقاذ" بشكل يوافق مصالحها، واستبعدت كل مخالف.

وتخشى "تحرير الشام" أن يفتح انشقاق صهيوني الباب لانشقاقات أوسع في صفوف الادارة المدنية والتشريعية المقربة منها في إدلب، وبالتالي سيكون لخسارتها المتوقعة انعكاس سلبي وأثر بالغ في المنافسة مع فصائل المعارضة و"الحكومة المؤقتة".

أبو مالك التلي
الانشقاق الأخطر بالنسبة ل"تحرير الشام"، كان للقيادي البارز في الإدارة العسكرية، وعضو مجلس الشورى، جمال زينية الملقب ب"أبو مالك التلي"، والذي أوضح أسباب استقالته بشكل مفصل في بيان على موقع "تلغرام".

وقال التلي في بيان الانشقاق: "عزمت مفارقة هيئة تحرير الشام، وذلك بسبب جهلي وعدم علمي ببعض سياسات الجماعة أو عدم قناعتي بها، وهذا أمر فطري، فقد جُبل الإنسان على حب المعرفة، وستبقى الأخوة الإيمانية تجمع بيننا".

يعتبر التلي من أكثر قادة "تحرير الشام" تشدداً، وكان يشغل منصب أمير "جبهة النصرة" في منطقة القلمون الغربي قبل أن ينتقل مع عناصره إلى إدلب بعد أن عقد اتفاقاً مع "حزب الله" في آب/أوغسطس 2017. 

ويرجع السبب الظاهر لانشقاقه عن "تحرير الشام" إلى اعتراضه الأخير على قرار "الإنقاذ" الذي أمر بتعليق صلاة الجمعة في إدلب لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد، وقال في تعليق له في موقع "تلغرام": "الإمة الإسلامية ابتليت اليوم بتعطيل الجمعة دون ضبط الأسواق بحجة منع انشتار الوباء".

وللتلي مؤيدون كثر في "تحرير الشام"، وهم في الغالب من عناصر كتيبته التي قدمت معه من القلمون، ومجموعات أخرى من الغوطة في ريف دمشق. ولا يخفي أنصاره رغبتهم في توليه القيادة بدلاً من زعيم "تحرير الشام"، أبو محمد الجولاني، الذي بدا أنه قد تخلص من أحد أبرز منافسيه، لكن سيكون لذلك تبعات كارثية على "تحرير الشام" في حال تواصلت الانشقاقات.

وشارك التلي في المعارك الأخيرة ضد قوات النظام والمليشيات الموالية لها في إدلب، وظهر أكثر من مرة في مقاطع مصورة أثناء قيادته للمجموعات التي يتزعمها. وأسندت له في الربع الأخير من 2019 مهمة قيادات العمليات الهجومية في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي.

وقالت مصادر في المعارضة ل"المدن"، إن أسباب الانشقاق ترجع لخلافات عديدة، أهمها أن التلي "لا يريد توقف للحرب، ويعادي أحرار الشام ولا يريد لها التوسع في مناطق الساحل وريف إدلب على حساب التنظيمات السلفية، ويرفض الاتفاق الروسي-التركي وما يتبعه من تنظيم من الناحيتين الادارية والعسكرية، وفي الوقت نفسه لا يبدو ميالاً للانضمام إلى التنظيمات الجهادية في الوقت الحاضر".

الشرعي السابق في "أحرار الشام"، محمد أحمد نجيب، قال: "تتوالى القفزات من سفينة أبي العبد أشداء، بعد بسام صهيوني أبو مالك التلي يفارق هيئة الجولاني، ويشبه نفسه بموسى والهيئة بالخضر".