طريق النظام نحو "إم5" سالكة..و"تحرير الشام" تتراجع

خالد الخطيب
السبت   2020/02/08
© Getty
واصلت قوات النظام والمليشيات الموالية لها تقدمها البري على حساب المعارضة في جبهات حلب وادلب برغم توقف الغارات الجوية للطيرانين المروحي والحربي. واعتمدت القوات المهاجمة بشكل أكبر على النيران المدفعية والصاروخية تمهيداً لتوسعها في أكثر من محور، والذي تركز بشكل أكبر في مناطق ريف حلب الجنوبي.

وشنت قوات النظام والمليشيات، السبت، هجوماً عنيفاً مستهدفة بلدة الزربة جنوبي حلب والتي تقع على الجانب الأيمن للطريق الدولي حلب-دمشق، وقصفت البلدة ومواقع المعارضة في محيطها بصواريخ "جولان" والمدفعية الثقيلة. ورغم النيران الكثيفة إلا أنها لم تنجح في خرق دفاعات المعارضة التي تصدت لها وأجبرتها على العودة إلى مواقعها الخلفية في بلدة زيتان.

مصادر عسكرية في "الجبهة الوطنية للتحرير"، أكدت ل"المدن"، أن مليشيات النظام الإيرانية لم تتوقف عن هجماتها البرية برغم توقف الغارات الجوية، وأن المليشيات تحاول السيطرة على بلدة الزربة الاستراتيجية والوصول إلى الطريق الدولي "إم5"، ومن ثم التوسع شمالاً وجنوباً لاستكمال السيطرة على الطريق.

وكانت قوات النظام والمليشيات قد سيطرت على أكثر من 10 قرى ومواقع ليل الجمعة/السبت، في المنطقة المتداخلة إدارياً بين ريفي حلب الجنوبي وادلب الشمالي الشرقي. وتقدمت القوات المهاجمة من ثلاثة محاور على الأقل مكّنتها من السيطرة على قرى حوير العيس وخواري وجامعة ايبلا وتل كراتين وأباد وتل التباريز والضاهرين وأجاز ومحاريم. التقدم السريع في المنطقة يرجع في جزء كبير منه إلى غياب تحصينات المعارضة وقلة أعداد مرابطيها في محاور القتال.

حاولت المعارضة ليلاً استعادت مناطقها في ريفي حلب الجنوبي وإدلب الشرقي بعد أن شنت هجوماً معاكساً في أكثر من محور، وتمكنت بالفعل من استعادة بعض المواقع لكنها فشلت في إكمال العمليات الهجومية بسبب النيران التي تعرضت لها المجموعات المتقدمة. ومنع قصف قوات النظام المعارضة من تثبيت مواقعها أثناء الهجوم وكان العامل الأساسي في انسحابها.

والأغلب أن قوات النظام والمليشيات ستواصل عملياتها البرية والقضم البطيء في الوقت الذي يجري فيه الجانبان التركي والروسي محادثات بشأن تطورات ادلب، بينما يبقى لقوات النظام أقل من 25 كيلو متراً لكي تسيطر على كامل الطريق "إم5". واصبح التقدم البري أسهل بعد السيطرة على سراقب، ولم يعد أمام قوات النظام عثرة للسيطرة على "إم5" سوى نقطة المراقبة التركية في بلدة العيس وتواجد المعارضة في تلة العيس الاستراتيجية.

وشهدت جبهات غرب الطريق الدولي حلب-دمشق، والتي تشرف على منطقة جبل الزاوية والأطراف الشرقية لمنطقة أريحا جنوبي إدلب هدوءاً نسبياً تخلله اشتباكات وقصفاً متقطعاً من دون أي تغييرات تذكر في خريطة السيطرة بين الطرفين، في حين تواصل دخول الأرتال العسكرية التركية، ليل الجمعة/السبت، والتي كانت الأكبر على الإطلاق منذ بداية العمليات العسكرية.

ودخلت أكثر من 300 آلية عسكرية تركية الى إدلب ليلاً، وتنوعت بين مدرعات ومصفحات ودبابات وناقلات جند ومدافع ثقيلة ورادارات ومحارس مسبقة الصنع وغيرها من المعدات اللوجستية العسكرية.

وتمركز قسم كبير من الأرتال التي دخلت من معبر كفر لوسين شمالي إدلب في النقاط المنشأة حديثاً شرقي مدينة إدلب وسرمين وجنوباً بالقرب من أريحا، لكنها لم تتوغل حتى الآن جنوباً نحو جبل الزاوية. النقاط التركية المحاصرة في محيط سراقب ونقاط محيط معرة النعمان في معر حطاط ونقطة تل الطوقان لم تنسحب حتى الساعة ولا صحة للمعلومات المتناقلة حول انسحاب النقاط التركية المحاصرة من قبل قوات النظام والمليشيات.

التعزيزات الهائلة التي دفع بها الجيش التركي إلى إدلب مؤخراً لم تطمئن الناس في مناطق المعارضة، وزادت حركة النزوح من مناطق أريحا وجسر الشغور والمناطق الواقعة إلى الجنوب من المدينتين، في جبل الزاوية وسهل الغاب الشمالي، أي المناطق الواقعة إلى الجنوب من الطريق الدولي حلب-اللاذقية.

وزادت الإجراءات التي قامت بها "هيئة تحرير الشام" في مناطق ريف إدلب الجنوبي من مخاوف المدنيين ودفعت الكثير من العائلات إلى النزوح شمالاً خوفاً من تقدم قوات النظام. فقد قامت "تحرير الشام" بتفكيك المحولات الكهربائية والمولدات ونقلت آلات ومضخات مياه وغيرها من الآليات الثقيلة من بلدات جبل الزاوية وأريحا إلى مناطق شمالي إدلب. وبدت كأنها تقوم بإجراءات استباقية قبل تقدم قوات النظام نحو المنطقة، وكأن خسارة المنطقة أمر حتمي ومسلم به.

الناشط الإعلامي عبد الفتاح حسين قال ل"المدن"، إن إجراءات مشابهة قامت بها "تحرير الشام" منذ بداية العام 2020، في مناطق شرق طريق حلب-دمشق، في ريف إدلب وحلب، حيث قامت بتفكيك أبراج الكهرباء والمحولات والأفران وغيرها من المنشآت الخدمية في البلدات المهددة باجتياح قوات النظام. 

وأوضح حسين أن "تحرير الشام" لم تبدِ المقاومة المفترضة التي لطالما تحدثت عنها، وكانت مستعدة لتسليم المنطقة للقوات المهاجمة. وأضاف أن الهيئة لم تكن لتقوم بتفكيك معدات المرافق الخدمية ونقلها لو أنها كانت تنوي الدفاع عن المنطقة بالفعل.