"حماس" وإيران: بعد سليماني كما قبله

أدهم مناصرة
الجمعة   2020/01/10
هنية شارك على رأس وفد من حماس بتشييع سليماني (انترنت)
أثارت مشاركة قيادتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في تشييع جثمان قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العاصمة الإيرانية طهران، تساؤلات حول معنى ووتيرة علاقة الفصائل الفلسطينية وخاصة "حماس" بالحرس الثوري، وهل شكّل الاغتيال نقطة تحول في طبيعة هذه العلاقة؟

وفيما تغيب قيادات "حماس" عن التصريح بأوامر من قبل رئاسة المكتب السياسي.. أبلغ مصدر من الحركة "المدن" أنه لا تحول في العلاقة مع ايران، بل إنها ستستمر على وتيرتها ومن دون المساس بخصوصية الحالة الفلسطينية كما كان عليه الحال قبل اغتيال سليماني.

ودلّ المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، على عدم حدوث مثل هذا التحول، بالإشارة إلى أن الحركة اتخذت تدابير أمنية لمنع أي محاولات للرد على اغتيال سليماني من قطاع غزة.. ما يفسر بأن "حماس" واصلت فصل حالة غزة والجبهة الجنوبية عن التوتر الايراني-الأميركي، من منطلق أن "الفصائل في غزة لا تستطيع أن تتحمل وزر الرد".

ووصف المصدر مشاركة قيادة "حماس" في تشييع سليماني، وفتح بيت عزاء له في غزة، ب"الواجب الضروري"، وليس الانتقال لمرحلة تنفصل فيها حماس عن البعد العربي. وألمح إلى أن إسماعيل هنية لم يلق ترحاباً كبيراً من النظام الإيراني أثناء مشاركته بتشييع سليماني، و"هذا ما شهدناه حينما كان هنية في الصفوف الخلفية لجنازة سليماني".
لا تداعيات على العلاقة بمصر
أستاذ العلوم السياسية الدكتور مخيمر أبو سعدة فسر ل"المدن" البرود الإيراني في التعاطي مع هنية بأنه الغضب الإيراني من موقف حماس الذي دعم الثورة السورية التي اندلعت ضد نظام بشار، ومروراً بصمت الحركة تجاه الملف اليمني وغيره.

وحول توتر علاقة حماس بالبعد العربي جراء مشاركتها في تشييع سليماني، اعتبر ابو سعدة أن هذه العلاقة بجميع الاحوال متوترة بالأساس مع السعودية والامارات. حتى أن مسؤول حماس في المملكة سابقاً الثمانيني محمد صالح الخضري لا يزال معتقلاً لدى السلطات السعودية. كما واقتربت ابو ظبي من تصنيف بعض عناصر حماس ووصفها ب"الإرهابية".

وأضاف أنه بالرغم من عدم رضا مصر عن ذهاب هنية إلى طهران، إلا أنه يستبعد أي  تداعيات سلبية على علاقة "حماس" بمصر، مشيراً إلى وجود مصالح مشتركة بين الحركة ومصر وتفاهمات أمنية جمعتهما في السنتين الأخيرتين قادت إلى تحسن العلاقة وتعزيز ثقة القاهرة ب"حماس".
علاقة "حماس" مع إيران نحو التعزيز؟
بيد أن مصدراً من الجهاد الاسلامي، رأى في حديث ل"المدن" أن علاقة حماس مع إيران كما الجهاد، متوجهة لتعزيز أكبر ضمن حالة حسم المحاور و"عالمكشوف"، مستشهداً بحديث رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار قبل يومين عن هذا التعزيز.. وكذلك ظهور راية "حماس" إلى جانب رايات أحلاف إيران بالمنطقة، في خلفية قائد القوة الجوفضائية الإيرانية في مؤتمره الصحافي الخميس.

وأوضح المصدر أن موازنة فيلق القدس زادت بمقدار مئتي مليون دولار إضافيين على الموازنة السابقة، ملمحاً إلى توجه إيراني بدعم مالي وعسكري أكبر ل"حماس" و"الجهاد".

وحول ما إذا كان هذا سينعكس على التهدئة في غزة، قال المصدر أن التهدئة ستبقى لأن إيران لا تريد إرباك كل الساحات، كما أنها لم تطلب من "حماس" و"الجهاد" الرد على اغتيال سليماني خوفاً من استنزاف قوة الحركات التي تندرج في حلفها بالمنطقة.
فكرة أنفاق غزة "قسّامية".. لا إيرانية
ممثل "حماس" في لبنان أحمد عبد الهادي ذهب لأكثر من ذلك حينما قال في ندوة وثّقها شريط فيديو متداول، إن فكرة الأنفاق في قطاع غزة، كانت "مِن بنات أفكار عماد مغنية، وسليماني.

لكن مصادر في "حماس" عبرت ل"المدن" عن تململها وغضبها مما قاله عبد الهادي، وصححت معلوماته بالقول إن كتائب القسام بدأت فكرة حفر الأنفاق عام 2002، وقبل أن يفكر قاسم سليماني بالأمر.

وعبرت أوساط محسوبة على القاعدة الشعبية لحماس وحتى من هم محسوبون على مؤسسات الحركة لا سيما أدهم ابو سلمية عن غضبها إزاء وصف هنية لقاسم سليماني ب"شهيد القدس". وكتب أبو سلمية في تغريدة: "‏لا والله ما هو بـشهيد القدس..والقدس من أفعاله وأفعال فيلقه في ‎سوريا و‎العراق واليمن براء، براء، براء".

بالمجمل، ترى مصادر متطابقة، أن اتجاه "حماس" هو نحو السير بين النقاط والمحافظة على توازن صارم، والدليل على ذلك، أن "حماس" و"الجهاد" عبّرتا عن غضبهما، ودانتا الاغتيال، لكن لم يخطر في بال أحد منهما الرد عسكرياً".