هل إخترق "داعش" حركة "الجهاد الإسلامي"؟

أدهم مناصرة
الثلاثاء   2019/09/03
AFP ©
كشف القيادي في حركة "حماس" حماد الرقب لـ"المدن"، أن الشخصين اللذين فجرا نفسيهما قبل أيام في قطاع غزة بحاجزين تابعين للشرطة ما أدى إلى مقتل ثلاثة من أفرادها، ينتميان لحركة "الجهاد الإسلامي"، لكنهما يحملان فكراً متشدداً.

وأوضح الرقب أن الشخصين شكّلا حالة إختراق من قبل جماعات تكفيرية لـ"الجهاد"، حيث أن العقل المدبّر الذي "هندس" التفجيرين بالإضافة لتفجيرات أخرى كانت ستقع في غزة، قد هدف إلى ضرب حركتي "حماس" و"الجهاد" ببعضهما وإثارة فتنة تمسّ النسيج الوطني والإجتماعي الفلسطيني.

وتابع الرقب "نحمد الله أنْ وفّق أبطالنا بالأجهزة الأمنية في إلقاء القبض على الخلية وتفكيكها بصورة كاملة ومعرفة كل الإرتباطات الأمنية لها"، مبيناً أن تفصيل الأمر والإعلان الرسمي من قبل الأجهزة الأمنية المختصة سيأتي لاحقاً بعد إستيفاء التحقيقات وكامل التفاصيل.

وحول ما يتوفر من تفاصيل حول الأمر، قال الرقب "يمكن القول إن خطراً كان يهدد النسيج المجتمعي والعلاقة بين الفصائل بسبب هؤلاء المجرمين ومن يقف وراءهم"، مشيراً إلى أن الكشف عمن وقف وراءهم سيكون بوقته وبأدلة كافية "ولكننا لسنا على عجلة من ذلك؛ لأنه رغم توفر جزء كبير من المعلومات لدينا، إلا أن هناك جهوداً مستمرة لمعرفة معلومات أخرى، فضلاً عن أن بعضها بحاجة لتمحيص وفحص بصورة أكبر".

ويشدد الرقب على أن الذين نفذوا تفجيري غزة هم مِن "أصحاب الفكر المنحرف" وإن كانوا ينتمون لـ"الجهاد الإسلامي"، غير أنه تساءل "هل القضية فكرية صرفة أم أنها أمنية تم تلبيسها بالثوب المنحرف؟"، ويجيب "كل العمليات السابقة التي كان يُشار بها إلى أصحاب الفكر المتشدد تبيّن أن لها خطوطاً أمنية بحيث يتم استغلال "بعض الشباب الذي يمتلك الحماسة وجلّهم شباب ذوو فهم وفكر ضحل، وهم بسطاء تعرضوا لغسل أدمغتهم بأفكار مرتبطة بتكفير المجتمع وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، فتنطلي العملية على شباب سُذّج".

ويقر الرقب أن مَن يقف خلف تفجيري غزة الأخيرين، يمتلك من الدهاء والذكاء والمهارة الكثير حتى يستطيع أن يؤثر بالشباب المنفذين وغيرهم، موضحاً أن جلّ من وقعوا في قبضة "حماس" الأمنية بخصوص عمليات تفجير وإغتيال سابقة اتضح أن لهم ارتباطات أمنية مع بعض الجهات الخارجية.

ويؤكد الرقب أنه كان يُراد من التفجيرين الأخيرين إثارة فتنة ومواجهة بين الجهاد وحماس بإعتبارهما أقوى فصيلين من ناحية القدرات العسكرية وكذلك القاعدة الشعبية.. بيدَ أنه شدد على أن "حماس" أدركت الرسالة، وأن أي فصيل يمكن أن يتعرض لإختراقات من هذه الجماعات التكفيرية؛ فهذا أمر يمكن أن يحصل.

وبخصوص الحيلولة دون تكرار هذه الإختراقات، قال حماد الرقب إن الإنتماء للحركات الإسلامية ليس معقداً أحياناً، وأن دخول شخص لبعض التنظيمات بنيّة غير تلك المعلنة يشكّل إختراقاً بحد ذاته.. لكن الرقب رأى أن "حماس" تضع "كوابح ثقيلة جداً" لمثل هذا الإنضمام لصفوفها من قبل هؤلاء الأشخاص وخاصة لجناحها العسكري.

بالرغم من هذا، يقرّ الرقب بأن هذا النوع من الإختراقات قد يحدث، خاصة عندما نتحدث عن فصيل يحظى بقاعدة شعبية واسعة تمتد لعشرات الآلاف.. ولكن "العين اليقظة" والحذر الشديد جداً- كما يقول الرقب- كفيل بمنع الكثير من المحاولات التي يُراد بها ضرب المقاومة أو المساس بالنسيج المجتمعي.

مصدر أمني آخر كشف لـ"المدن" أن الخلية التي تم تفكيكها يصل عديد أفرادها إلى 12 شخصاً، حيث توزعوا بين منفذ أو مخطط أو ممول وداعم. وأوضح أن هذه المجموعة المكوّنة للخلية استفادت من البُعد المكاني، حيث أن تسعين في المئة من أفراد الخلية ينحدرون من مناطق وأحياء سكنية متقاربة ومتجاورة؛ إذ أن منفذّي التفجيرين ينحدران من منطقة الشجاعية بمدينة غزة. كما نوه المصدر بأن عدداً لا بأس به من أفراد الخلية لهم غطاء تنظيمي بحيث ينتمون لفصيل فلسطيني بعينه.

ويكشف المصدر لـ"المدن" أيضاً أن منفذّي التفجيرين لم يسبق أن دارت حولهما من قبل أي شكوك بشأن ارتباطهما بجماعة "داعشية" ما، حيث أنهما ومعظم أفراد الخلية حرصوا على عدم البوح أو فعل ما يثير الشكوك حولهم بهذا الخصوص. ما يعني أن الإنتحاريين على وجه التحديد لم يتم اعتقالهما سابقاً على خلفية تأثرهما بـ"فكر منحرف"، كما أنهما لم يُظهرا ذلك أساساً.

وحول ما إذا كان التفجيران الإنتحاريان قد كشفا عن اختراق "داعشي" لحركة "الجهاد الإسلامي"، بدا المصدر الأمني حذراً في استخدام هذا التوصيف، موضحاً أن بعض العناصر التكفيرية تستغل الغطاء التنظيمي والإنتماء لجناج عسكري تابع لـ"حماس" أو "الجهاد"، لأن هذا يحميهم من أي متابعة أمنية، ويغطي أي تحركات مشبوهة لهم.

لكن المصدر بين أن هناك تمحيصاً وتحقيقاً لمسألة تبني المنفّذين لأفكار "منحرفة" وتجنيدهم على هذا الأساس قبل الإنضمام إلى "سرايا القدس" الجناح العسكرية لحركة "الجهاد"، أم أنهما تأثرا بهذا الفكر خلال انضمامهما لظروف موضوعية وطارئة معينة.