متى يتوقف العقاب الجماعي لسكان حلب الشرقية؟

المدن - عرب وعالم
الإثنين   2019/09/23
(انترنت)
بدأ مجلس مدينة حلب، هدم منازل مدنيين في أحياء السكري وتل الزرازير، جنوب شرقي المدينة، ما أجبر مئات العائلات على إخلاء منازلها بشكل مفاجئ من دون انذار مسبق. ولم يُقدّم المجلس مساكن بديلة أو تعويضات مقابل الهدم والإزالة للعائلات المتضررة، بحسب مراسل "المدن" خالد الخطيب.

العائلات المتضررة التي أجبرت على ترك منازلها وشققها السكنية، ناشدت محافظ حلب حسين دياب، للتدخل ووقف عمليات الهدم. وتناقل الأهالي مقاطع مصورة يظهر فيها أطفال ونساء متجمعين في شوارع السكري، بالقرب من منازلهم المهددة بالإزالة بعدما أخلوها. وطالب الأهالي محافظة حلب، وبشار الأسد، بتعويضهم بمنازل بديلة ودفع تعويضات، أو إيقاف عمليات الهدم.

ويقع الجزء الأكبر من المباني التي تستهدفها البلدية بعمليات الهدم في تل الزرازير الملاصق لحي السكري. وكانت المنطقة تحت سيطرة المعارضة منذ منتصف العام 2012 وحتى نهاية 2016، وتعرضت لقصف جوي وبري عنيف من قبل النظام، ما تسبب في هدم جزء كبير من عمرانها.

وخلال العامين الماضيين، قام الأهالي بترميم منازلهم وشققهم المتضررة ليسكنوا فيها مجدداً. وتعتبر أحياء تل الزرازير والسكري والشيخ سعيد من الأحياء التي تفتقد لأدنى مقومات الحياة، والخدمات الأساسية فيها شبه معدومة. وما تزال المنطقة بلا كهرباء ونظافة، ولم تجرِ فيها عمليات ترميم للطرق والمدارس والمستوصفات. المنطقة المستهدفة بعمليات الهدم تحوي مساكن ومباني شعبية غير منظمة. وسكان الحي ومالكو المنازل في أغلبهم من أبناء ريفي حلب وادلب، وهم من الفقراء.

ومن المفترض أن تتضمن المرحلة الأولى من عمليات الهدم والإزالة أكثر من 70 منزلاً جرى بالفعل إخلاؤها من سكانها ومالكيها مؤخراً، ويتركز عمل جرافات البلدية في آخر شارع الطم ونهاية خط حافلات وسط المدينة-السكري.

وتفقد رئيس مجلس المدينة أعمال التدخل بالمخطط التنظيمي بمنطقتي السكري و تل الزرازير. وقال المجلس، إن عمليات الهدم تأتي استكمالاً لتنفيذ استراتيجية مجلس المدينة والتخطيط على أرض الواقع، بعدما تمت المباشرة بمنطقة الحيدرية في وقت سابق. ومن المفترض أن تشمل الأعمال شق طرق وتنفيذ صرف صحي، وتعبيد الشوارع الرئيسية للمنطقة. وقال المجلس إن الهدف من المشروع هو التمهيد لتنظيم المنطقة وتجهيزها وتأمين بيئة ملائمة للبناء المنظم.

منطقة تل الزرازير هي من مناطق المخالفات الجماعية المعتمدة وخاضعة لأحكام قانون التطوير العقاري رقم 15/2008، ويملك مجلس المدينة ما يعادل 63% من مساحتها.

مصدر خاص من الأهالي، أكد لـ"المدن"، أن مجلس المدينة رفض تعويض المتضررين، وإيجاد مساكن بديلة لهم، ولم يرسل إشعارات تحذيرية ليتدبر الأهالي أمرهم ويجدوا مساكن جديدة لهم. وبحسب المصدر، فقد اشترط المجلس على الأهالي لإعطائهم تعويضات، أن يقدموا وثائق ملكية. إلا أن القسم الأكبر من الأهالي فقدوا وثائق الملكية، وغالبية المنازل والشقق المستهدفة بالهدم اشتراها أصحابها من متعهدين ومقاولين مقربين من المحافظة قبل 15 عاماً على الأقل، وبني عدد كبير منها على أراض تعود ملكيتها لمجلس المدينة الذي قدم لها الكهرباء والمياه واعترف بوجودها كمساكن عشوائية، وتم نقل ملكيتها بعقود شراء غير مثبتة في الدائرة العقارية، وهي عقود لا يعترف بها المجلس الآن ولا تضمن للمالكين أي حق في التعويض.

قرار الهدم والإزالة جاء فعلياً لما تبقى من المنازل والمباني التي لم يطالها قصف الطائرات والصواريخ في السنوات الماضية. ويهدف الهدم بالدرجة الأولى إلى تهجير وإفقار من تبقى من سكان الأحياء الشرقية الفقيرة كعقاب جماعي لهم. إذ أن عمليات الهدم والإزالة مستمرة في أحياء الصالحين والكلاسة والفردوس وطريق الباب وكرم حومد، تحت مبررات متنوعة، كشق طرق، والأبنية المخالفة وأخرى آيلة للسقوط، وأملاك معارضين مقاتلي في الجيش الحر.

نقابة المهندسين بحلب، قالت إن أكثر من 900 بناء في مدينة حلب دخلوا مرحلة "الخطورة الشديدة جداً" وباتوا مهددين بالانهيار. وعلق الأهالي على تصريحات النقابة التي تزامنت مع اقتراب فصل الشتاء، وعدم توفر المساكن البديلة، وقالوا إنها تصريحات حسب الطلب، وبدت مؤيدة لما يقوم به مجلس المدينة من عمليات هدم عشوائية واستملاك بالقوة وطرد السكان من منازلهم بدون أي تعويضات.