مصر:الامن يقمع التظاهرات ويخشاها

مصطفى عز
الأحد   2019/09/22
Getty ©
بدا الغضب من حراك الشارع المصري واضحاً في أداء أجهزة السيسي الأمنية على مدى اليومين الماضيين، وسط استنفار مستمر على مدار الساعة في محاولة لترهيب وقمع أي شكل من أشكال التظاهر قبل أن تتوسع الدائرة ويصبح مستحيلاً السيطرة عليها.

وفي محاولة لتحجيم الاحتجاجات المطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح، شنت أجهزة الأمن المصرية حملة اعتقالات واسعة في عموم البلاد، وزادت من استخدام العنف ضد المتظاهرين بعد ارتفاع وتيرة التظاهرات التي بدأت الجمعة استجابة لدعوة رجل الأعمال المصري المقيم في إسبانيا محمد علي.

وفي ظل غياب السيسي الموجود حاليا في الولايات المتحدة والتزام الجيش الصمت تجاه التظاهرات التي خرجت في العاصمة وعدد من المحافظات، بدت أجهزة الأمن وكأنها تقف منفردة في مواجهة غضب الشارع الأخذ في التصاعد.

وعلى عكس المعتاد، تعاملت الشرطة مع تظاهرات الجمعة بقدر من ضبط النفس ولم تستخدم سوى الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين تمكنوا فعليا من الهتاف ضد السيسي في قلب ميدان التحرير، للمرة الأولى منذ انقلاب تموز/يوليو 2013، في حين اكتفت قوات الجيش بمتابعة المشهد.

لكنها عادت السبت وأغلقت كافة الطرق المؤدية إلى ميدان التحرير بوسط القاهرة، ومنعت المتظاهرين من الوصول إليه، كما اعتقلت العشرات بمدينة السويس شمالي البلاد وأطلقت الشرطة قنابل الغاز والخرطوش لتفريق تظاهرة كبيرة استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل السبت.

كما أعلنت الداخلية مساء السبت مقتل أحد عناصر حركة "حسم"، المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، وذلك خلال مداهمة إحدى الشقق السكنية في المطرية شمال شرقي القاهرة.

أحد المسؤولين الأمنيين قال لـ"المدن"، إن هذا الموقف غير المتوقع من الجيش تجاه تظاهرات الجمعة الماضية يعني ان الشرطة قد تقف وحيدة في مواجهة المواطنين، وهو أمر أثار مخاوف كبيرة لدى الجهاز الذي انهار خلال ساعات قليلة عندما واجه تظاهرات عام 2011 وحيداً.

وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن قلقاً كبيراً يعتري جهاز الشرطة لأنه غير مستعد لهذه المواجهة من دون مساندة الجيش، مؤكداً أن "أي قسم شرطة في مصر لا يمكنه حماية نفسه لو قررت قوة الجيش المتمركزة أمامه التخلي عنه".

وتابع: "كل ما قامت به الشرطة خلال السنوات الماضية كان تحت حماية الجيش إلا أن التحديات السياسية ستلقي بكل ما حدث على عاتق الداخلية كما حدث عام 2011، لذا فإن جهاز الأمن الوطني في حالة تأهب قصوى".

واعتقلت أجهزة الأمن في عدد من المحافظات نشطاء ومطلوبين سابقين من منازلهم، بحسب المصدر الأمني، الذي أكد أن مدراء أمن بعض المحافظات شاركوا بأنفسهم في هذه الحملات".

الأيام المقبلة ربما تشهد توسعاً في عملية الاعتقال خاصة في صفوف الصحافيين والمعارضين المعروفين للأمن الوطني، بحسب المصدر الذي قال: "لا أعتقد أن كل من اعتقل من الشارع سيودع السجن.. من لهم سجل أو نشاط سياسي فقط هم من ستحرر لهم محاضر".

ولفت إلى أن مكاتب الأمن الوطني في كافة أقسام الجمهورية تلقت كشوفاً بأسماء قد يتم اعتقالها خلال الساعات أو الأيام القادمة حسب الموقف، مؤكداً أن أقسام الشرطة تلقت أوامر بإغلاق كافة الطرق المؤدية اليها خشية اقتحامها.

السيسي، كما يقول المصدر، وفور وصوله للحكم "أعطى جهاز الأمن الوطني صلاحيات مطلقة في التعامل مع المعارضة ومنحه وضعاً استثنائياً جعله فوق الجميع، حتى فوق قطاعات الأمن الأخرى، وبالتالي هذا الجهاز هو المكلف بالتعامل مع ما يجري في الشارع حالياً"، مؤكداً أن "هناك قراراً بمنع التظاهر في الميادين وكل الاحتمالات واردة".

ولفت المصدر إلى أن عودة السيسي من الولايات المتحدة ستحدد الشكل النهائي للتعامل مع هذه الأحداث لأن وجوده خارج البلاد يجعل كل التحركات محفوفة بالخطر.

وفي لقاء تلفزيوني، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن الساحة الداخلية في مصر "مستقرة للغاية"، منتقداً أداء وسائل الإعلام "المعادية لبلاده"، دون إشارة للتظاهرات التي شهدتها مصر خلال اليومين الماضيين.

ونشر أحد النشطاء من مدينة السويس مقطع فيديو قال فيه إن أجهزة الأمن تقف أسفل منزله بغية اعتقاله على خلفية قيامه بتصوير التظاهرات ونشرها مباشرة على موقع فايسبوك".

ونشر المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، الذي يديره المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي، بياناً بأسماء 166 معتقلاً، مشيراً إلى عدم معرفة أماكن احتجازهم. لكن العدد ارتفع إلى 185 وفق المفوضية المصرية للحقوق والحريات.

في غضون ذلك، أكد المسؤول الأمني أن أعداد المعتقلين أكبر من المعلن عنه لأن المراكز الحقوقية لم ترصد اعتقالات محافظات الصعيد وهي كبيرة، لافتاً إلى أن أهالي الصعيد لا يقومون بإبلاغ المراكز الحقوقية عن معتقليهم لأنهم يلجؤون غالباً لاستخدام الوساطات لإطلاق سراحهم.

ولم يصدر عن الداخلية المصرية، أي بيانات حول مظاهرات الجمعة، غير أن مواقع إخبارية محلية نقلت عن مصادر أمنية، أن السلطات الأمنية اعتقلت العشرات.