إدلب: الأسواق الإلكترونية.. بديلاً من التعرض للغارات

أسامة الشهاب
الأحد   2019/07/14
(المدن)
التجارة الإلكترونية ظاهرة عالمية، إلا أنها باتت بالنسبة لأهالي إدلب ضرورة وحاجة. وتلاقي هذه التجارة رواجاً  كبيراً، عبر عشرات الأسواق الإلكترونية، التي تنشط بشكل أساسي في "فايسبوك"، ما يُجنّبُ الناس مخاطر الأسواق العامة التي تحولت الى هدف مثالي لغارات طيران النظام والطيران الروسي. وبعد مجازر عديدة في الأسواق العامة، بدأت الأسواق الإلكترونية تنشط في كامل إدلب وتسوّق لكافة أنواع البضائع.

ثائر البكران، صاحب معرض للدراجات النارية في بلدة تفتناز شمالي إدلب، يمضي ساعات يومياً مصفّحاً تلك الأسواق الجديدة، مستخدما إياها لبيع أغلب بضاعته. يقول البكران، لـ"المدن"، إنها تغنيه عن الأسواق العادية، وهو يعمل عبرها منذ سنوات، ويصف التجارة فيها بـ"الممتازة"، ويعتبر خدماتها "حضارية ومريحة"، وعن طريقها له زبائن من كافة مناطق إدلب، مشيراً إلى أنها الخيار الأمثل للتجار.

آلية العمل

يتم البيع فيها عن طريق عرض المنتج في منشور يضعه التاجر في الصفحة، ويقوم الزبائن بـ"المفاصلة"، قبل أن يتم البيع. وبعد ذلك يتم الاتفاق على بقية التفاصيل، من حيث تسليم البضاعة وطريقة الدفع.

قصي الصايل، تاجر سيارات من منطقة خان شيخون جنوبي إدلب، يقول لـ"المدن"، إنه في البداية يجب تصوير السيارة من كافة الجوانب، وهذه سياسة واجبة لمختلف أنواع البضائع، فالواجب على التاجر أن يُظهر بالصور كافة مواصفات سلعته، ليتسنى للزبائن مشاهدتها جيداً. وترفق الصور بمنشور تعريفي عن البضاعة، يذكر التاجر فيه كل مواصفاتها، مع سعرها المطلوب.

يقول الصايل: "تبدأ المبازرات بالتعليقات، ثم ينتقل الجادون أو الأكثر رغبة بالسلعة للحديث على الخاص، لتكتمل البيعة، وبعد الاتفاق مع الزبون، نتفق على مكان الإلتقاء والاستلام والتسليم، لتخرج البيعة من السوق الإلكتروني إلى الواقع".

أحياناً  تكون عملية البيع معكوسة، إذا ينشر الزبون طلبه، ويذكر المواصفات المطلوبة، فيرى التجار "البوست"، ويضعون عروضهم في التعليقات. وغالباً ما يتم شراء البضاعة من التاجر الأكثر قرباً بالمسافة.

الأسواق تسمح للتجار بعرض بضائعهم، وللزبائن طلب حاجاتهم مباشرة، فلا يضطرون للتجول والبحث في معروضات السوق.

أنواع الأسواق

تقسم أسواق إدلب الإلكترونية، من حيث طبيعتها لنوعين؛ أسواق مناطقية وأخرى نوعية تخصصية. والأسواق المناطقية تسمى على اسم منطقتها في إدلب، كسوق سرمدا التجاري أو سوق مدينة إدلب، أو سوق حارم، وهي أسواق عامة لكافة أنواع التجارات والبضائع.
أما الأسواق النوعية فتكون مختصة بصنف من البضائع، كأسواق السيارات، أو أسواق الجوالات، أو أسواق الطيور، يباع فيها الصنف المخصص له.

الأسواق العامة أكثر عدداً من الأسواق التخصصية، بحسب ما قاله لـ"المدن"، تاجر طيور الزينة معتز القاسم، الذي أكد أنه لا تخلو بلدة في إدلب من سوق إلكتروني عام أو أكثر، تخدم البلدة والقرى التابعة لها. في حين يتواجد في الأسواق الخاصة أبناء المهنة وزبائنها. وينشط التجار في أغلب الأسواق، ويمارسون التجارة بالأسواق العامة والخاصة معاً.

إدارة الأسواق

لكل سوق صاحب يُعتبر المؤسس له، وغالباً ما يكون تاجراً ومعه مشرفون لمساعدته بإدارة السوق، يختلف عددهم من سوق لآخر.

أحمد الشبلي، مؤسس ومدير "سوق كفرنبل  التجاري الإلكتروني"، تحدث لـ"المدن"، عن سوقه وكيفية إدارته، قائلاً: "أنشأت هذا السوق منذ أربع سنوات، بغرض تسهيل عمليات البيع والشراء على الناس، ووصل عدد المشتركين بالسوق حالياً لـ36 ألفاً". ويدير الشلبي السوق بمساعدة 4 مشرفين، ويتابع: "أتابع يوماً عشرات عمليات البيع والشراء".

وعن ضبط السوق، أشار الشبلي إلى أنه من مهام المشرفين إزالة أي حساب مسيئ يتسبب بالإزعاج بعد التبليغ عنه من أعضاء السوق.

مزايا وسلبيات

للأسواق إيجابيات إضافية غير الأمان التي توفره للناس، كما يقول لـ"المدن"، تاجر الأدوات المنزلية والصناعية المستعملة محمد الحبوش، من بلدة كفرروما: "العمل بالأسواق الإلكترونية مريح وسهل للغاية، تمارس عملك عبر جوالك وليست بحاجة للمحال وتكاليف إيجارها".

ويضيف الحبوش: "لا يوجد في هذه الأسواق تكاليف سمسرة، فالتعامل مباشرة من البائع للمشتري". وفوق كل ذلك، فالبضاعة "لا تكسد، هناك آلاف يشاهدونها أما في المحل فقد تبقى السلعة فترات طويلة قبل بيعها".

ومن إيجابيات تلك الأسواق، أنها تعطي البضائع والفعاليات التجارية إعلاناً مجانياً، باعتبارها تُشاهدُ من جميع المتابعين، كما أنها تشكل صلة وصل سريعة وعصرية بين أسواق وتجار المحافظة، وتقلل من عمليات السرقة أيضاً، لسهولة كشف البضاعة المسروقة فيها.

أما سلبيات الأسواق، فتكمن بدخول بعض المتهكمين بغرض التسلية والمناكفة. وتفشل بعض الصفقات بسبب بُعد المسافة، رغم توافق الأطراف على البيع، إذا توفر الأسواق إلتقاء أبناء مناطق بعيدة عن بعضها، عكس الأسواق الواقعية.

حيان الحبابة، مدير "مكتب العلاقات العامة" في "نقابة الاقتصاديين الأحرار بادلب"، أكد لـ"المدن"، أن التجارة الإلكترونية عبر هذه الأسواق، تختصر الزمن وتقرب المسافات، وتوفر السلع في المحافظة على مدار الساعة ما يتيح التسوق في أي وقت.

واعتبر الحبابة، أن من سلبيات الاسواق الإلكترونية عدم القدرة أحياناً على التأكد من صحة المعلومات الواردة في مواصفات السلع المعروضة، وأنه رغم ذلك تبقى التجارة الأنسب والأفضل للواقع الحالي في إدلب.