مشفى حماة الوطني: الأولوية للروس ومليشياتهم!

يزن شهداوي
الثلاثاء   2019/06/11
Getty ©
بات الأهالي يطلقون مؤخراً على "مشفى حماة الوطني" اسم "مشفى حماة العسكري"، بعدما تم تخصيصه لقتلى وجرحى مليشيات النظام في معارك ريف حماة. وحده الطابق الأرضي ظل يُقدّم خدمات طبية بسيطة للمدنيين، ومع ذلك فإن الوساطات تتحكم بها.

وكان المئات من المرضى المدنيين ينتظرون دورهم لإجراء عمليات جراحية لا تحتمل التأجيل، قبل أن يتعطل ذلك، مع تدفق مئات الجرحى والقتلى من العسكريين. الغسيل الكلوي والتصوير الشعاعي والرنين المغناطيسي، لم تتوقف بشكل كلي عن المدنيين، بل أصبحت الواسطة تلعب دوراً أساسياً فيها.

وتم تخصيص غرف الطابق الأول والثاني، الأسوأ من حيث التخديم والإقامة والمعاملة، لجرحى قوات النظام و"الدفاع الوطني"، وخُصص لهم كادر طبي من أطباء وممرضين حديثي التخرج وقليلي الخبرة. إذ تم تخصيص طبيبن و9 ممرضين للطابق الأول، ومثلهم للطابق الثاني.
في حين تم تخصيص جزء من الطابق الثاني لجرحى مليشيا "قوات النمر".

وعلى الرغم من عدم مشاركتها على نطاق واسع في عمليات القتال شمالي حماة، فقد خُصص الطابق الثالث لجرحى وقتلى مليشيات "حزب الله" و"اللواء 47" من "الحرس الثوري" والمتطوعين الأفغان والعراقيين، بكادر طبي متخصص يضم أشهر أطباء مدينة حماة، ومن طواقم طبية تابعة لـ"حزب الله" والمدربة لإسعاف ومعالجة جرحى المعارك. هذا بالإضافة إلى تخصيص أجهزة تصوير شعاعي، وغرف عمليات خاصة بهم، وكوادر طبية مناوبة على مدار الساعة.

مصادر "المدن" في حماة، أكدت أن "لواء المقاومة السورية الشعبية" ومركزه في كسب بريف اللاذقية، بات ينتشر حالياً في مطار حماة العسكري وقرب محطة القطار في حي البعث من مدينة حماة. ويُكتب على بطاقات عناصر "لواء المقاومة السورية الشعبية": "المقاومة الإسلامية السورية، جبهة التحرير الشعبي، لواء إسكندرون".

وتنتشر أعلام "حزب الله" على حاجز دوار محردة، بالإضافة إلى رايات "لواء ابو الفضل العباس". وحاجز دوار محردة يضم كذلك عناصر من "الأمن العسكري" من مفرزة محردة، لمنع انسحاب قوات النظام او هربها بإتجاه حماة.

سيارات الإسعاف التابعة للمشفى باتت حكراً لجرحى مليشيات النظام الروسية، إسعاف الجنود السوريين يتم بسيارات عادية كالتي يتم نقل الجنود والعتاد بها.

وخُصص الطابق الرابع للقوات الروسية، بسبب العناية الفائقة هناك. كما أن الحراسة الامنية المشددة جداً في هذا الطابق تمنع دخول أي ممرض أو طبيب ما لم يتم منحه موافقة من إدارة المشفى الأمنية بالدخول إلى هذه الأقسام. في هذا الطابق يتم تقديم العلاجات الطبية وجميع مستلزمات العلاج، وفيه كوادر طبية روسية.

كذلك يتم فيه تقديم وجبات طعام للمرضى ومرافقيهم، وجميع الأدوية والمعالجات مجانية فيه مجانية. وفيه كوادر طبية مناوبة على مدار الساعة. ويمنع تسريب أي معلومة عن القتلى والمصابين في هذا الطابق. ويمنع وضع موتى هذا الطابق في برادات المشفى العامة.

وهذا التمييز في العناية الطبية، يُفسّر لماذا يموت جزء كبير من جرحى قوات النظام ومليشيات "الدفاع الوطني" ومليشيات الاجهزة الأمنية، في حين لا يموت أكثر من 10% من جرحى الروس والمليشيات التي يتحكمون بها، نتيجة إصابتهم في المعارك.

وكثيراً ما نُقلت مشاهدات المدنيين، أثناء المعارك السابقة في ريف حماة، عن تكوّم جثث قوات النظام، ملقاة على الأرض وفي ممرات الطابق الأول والثاني من مشفى حماة الوطني، وسط إنشغال الطواقم الطبية بنزلاء الطوابق العليا، وسط تعليمات أمنية صارمة بأولوية علاج أولئك المصابين الأجانب.

مصدر طبي من مشفى حماة الوطني، قال لـ"المدن"، إن هذا التمييز كان موجوداً في الأيام الإعتيادية، فالمصاب أو المريض من القوات الروسية والإيرانية، أو من "حزب الله"، أو حتى من يحمل بطاقات صادرة عن تلك الجهات، يحظى بالعلاج الفوري. بينما عناصر قوات النظام يتوجب عليهم الانتظار في دور "الخط العسكري". الخاسر الوحيد هنا، هو المصاب أو المريض المدني، الذي تقبع أهميته في أسفل هرم الأولويات لدى إدارة المشفى.

حال مشفى مصياف الوطني ليس بأفضل من مشفى حماة، فتعليمات التعامل مع الجرحى من قوات النظام والقوات الرديفة هي ذاتها، إلّا أن الطواقم الطبية المتواجدة هناك تعتني أكثر بالمصابين من قوات النظام لأنهم من أبناء المنطقة. ويساعد في ذلك أن الرقابة الأمنية في مشفى مصياف أقل بكثير منها في مشفى حماة.

النظام كان قد أصدر تعليمات بمنع إسعاف أي عسكري، مهما كانت تبعيته، إلى مشافي حماة الخاصة، كالحوراني ومركز حماة الطبي، بسبب قلة الثقة بعدم تسرب المعلومات، وصعوبة منع المدنيين من الدخول إليها.

مصادر طبية من مشفى حماة، قالت لـ"المدن"، إن عدداً كبيراً من الجرحى والقتلى من مليشيات النظام قد وصل المشفى خلال اليومين الأخيرين جراء المعارك الأخيرة في ريف حماة. وقد وصل عدد القتلى في غرف البرادات الخاصة بقتلى النظام إلى ما يقارب 100 عنصر، في حين طالبت إدارة المشفى بتشييع القتلى الموجودين في المشفى من أجل إفساح مجال لجثث أخرى بوضعها داخل البرادات التي لم تعد تتسع للمزيد.