الخوذ البيضاء: إدلب أكبر كارثة إنسانية..وأقل استجابة دولية

المدن - عرب وعالم
الجمعة   2019/05/31
Getty ©
عقدت منظمات إنسانية سورية، ظهر الجمعة، في مدينة إسطنبول التركية، مؤتمراً صحافياً للحديث عن الهجمة الشرسة التي يشنها نظام الأسد وحلفاؤه الروس، منذ نهاية أبريل/نيسان، على ريفي إدلب وحماة، مخلفة دماراً واسعاً وسقوط أكثر من 250 قتيلاً مدنياً غالبيتهم من الأطفال.

وشارك في المؤتمر ممثلون عن منظمات "الدفاع المدني السوري" المعروفة بـ"الخوذ البيضاء"، و"مديرية صحة إدلب"، و"تحالف المنظمات السورية غير الحكومية".

وسلّط الممثلون الضوء على ما تشهده إدلب وحماة من انتهاكات صارخة بحق المدنيين العزل، أمام حشدٍ من الصحافيين العرب والأتراك.

وأكّد  رئيس "الخوذ البيضاء" رائد الصالح، إن 3 ملايين مدني مهددون بالتهجير في إدلب شمالي سوريا، حيث "تشهد المنطقة أكبر كارثة إنسانية مع أقل استجابة دولية".

وقال الصالح إنه "خلال شهر جرى استهدف 1800 منزل سكني، و334 حقلا زراعيا في إدلب، وهذا دليل على أن ما يجرى ليس حملة تهجير فقط بل سياسة تجويع أيضا".

وأضاف "تم استهدف 22 مرفقا صحيا، و6 مراكز دفاع مدني و29 مدرسة و5 أسواق خلفت أكثر من 600 ضحية، ونحو 300 آلاف نازح أوضاعهم صعبة جدا، 200 ألف منهم تحت أشجار الزيتون ومنهم من هجر للمرة الثانية والثالثة".

وأشار صالح إلى أنه خلال الفترة نفسها ألقي 2300 برميل متفجر، و10 آلاف صاروخ، وأكثر من 100 صاروخ عنقودي، فضلا عن صواريخ فراغية".

وأشار أن المنظمة "استقبلت 4 مصابين بغاز الكلور من منطقة تلة كبينة بريف اللاذقية، وتم جمع العينات المطلوبة وتم العمل على التنسيق مع الجهات الدولية لتسليم العينات بأقصى سرعة ممكنة".

وقال ممثل مديرية صحة إدلب إن "ما يزيد عن 24 استهدافاً شهدته المرافق الصحية منذ بدء القصف، كما تم استهداف 6 مراكز للدفاع المدني، و29 مدرسة، والعديد من المرافق والبنى التحتية و250 من الضحايا".

واستطرد: "كل ذلك دفع ما يزيد عن 310 آلاف للنزوح صوب مدن وبلدات شمال إدلب ومنها إلى الحدود التركية ومخيمات اللاجئين القريبة منها، والتي تشهد اكتظاظاً يصل لأربعة أضعاف الاستيعاب ما خلّف أكثر من 200 ألف مدني من دون مأوى".

وتعتبر موجة النزوح الحالية هي الأكبر منذ عام 2011 وتضم إضافة لأهالي إدلب مختلف النازحين من مناطق الغوطة الشرقية وحلب ودرعا وريف حمص.

وفي نهاية المؤتمر وجّه المشاركون نداءً إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن للتحرك سريعاً وإيقاف التصعيد تمهيداً لحل سياسي شامل. كما طالبوا الدول الضامنة للعمل على تفعيل اتفاقية المناطق العازلة وضمان سلامة المدنيين. وطالبوا الأمم المتحدة بتطبيق نص القرار 2286 للتحقيق في جرائم استهداف المرافق المدنية والمشافي.

وفي السياق، أكد رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" عبدالرحمن مصطفى، الجمعة، أن ما يحدث من عمليات قتل وتدمير في مناطق خفض التصعيد بشمال سوريا، هي نتيجة مباشرة لتقاعس المجتمع الدولي وسياسته ومواقفه الرخوة والهزيلة.

وقال مصطفى في كلمة مسجلة حول الأوضاع في إدلب وريف حماة، إن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ قرارات عملية لإيقاف جريمة القتل والتدمير والتهجير بشكل نهائي، مشيراً إلى أنه "حتى القرارات الدولية غير كافية فالقرارات تحتاج من يتبناها وينفذها، ولن تدخل حيز التنفيذ من تلقاء نفسها".

وتابع كلمته مخاطباً الأمم المتحدة والدول الفاعلة فيها قائلاً: "أنتم من يجب أن يتحمل مسؤولية تنفيذ القرارات وفرض القانون الدولي ومحاسبة المجرمين.. أما التردد والاستمرار في حساب موازين الربح والخسارة، فليست هي الطريق التي تتم بها مواجهة المجرمين".

وطالب بإيجاد آليات بديلة لإيقاف الكارثة المستمرة في سوريا، وتجاوز العقبات من أجل لجم النظام، وممارسة كل الضغوط على روسيا لوقف عدوانها ودعمها للأسد.

وشدد مصطفى على أن المسؤولية عن ارتكاب الجرائم بحق المدنيين "واضحة، المنفذون معروفون"، وأضاف أنهم قوات نظام الأسد والمليشيات الإيرانية وروسيا، لافتاً إلى أن الأخيرة عرقلت روسيا جميع الجهود الدولية، وأجهضتْ عمل مجلس الأمن، وأكد على أنها مستمرة في خرق القانون، والاستخفاف بعمل اللجان، والطعن في نتائج التحقيقات التي يجريها المحققون الدوليون.

كما أكد على أن موسكو أصبحت شريكاً مباشراً في ارتكاب الجرائم منذ بدء عدوانها على الأرض السورية، حيث عمدت إلى قصف المدن والبلدات، وذلك بالتوازي مع تعطيل الحل السياسي ودعم الحل القائم على القتل والتهجير.

وأوضح رئيس الائتلاف الوطني أن المدنيين في مناطق خفض التصعيد في شمال سورية، يتعرضون لكل ما هو ممنوع ومحرم في القانون الدولي، كقنابل الطائرات الروسية، وبراميل النظام المتفجرة، وقنابل الفسفور الأبيض، إضافة إلى الأسلحة الكيماوية والقصف المدفعي على المدن والبلدات.

وذكر أيضاً أن النقاط الطبية والمشافي هي أهدافاً رئيسية لآلة القتل والتدمير التابعة للنظام، مضيفاً أن ذلك جعلها من أكثر الأماكن خطورة.

وفي الختام شدد على دعم الائتلاف الوطني لجهود الجيش السوري الحر والجيش التركي، والتي تمكنت بتضافرها من توجيه ضربات حاسمة للإرهاب، وأشار إلى أن تركيا لا تزال تعمل بجهد لوقف القتل ولدعم الحل السياسي وإنقاذ أرواح المدنيين ومنع تهجيرهم من بيوتهم.

وناشد "كل شرفاء العالم العربي، والعالم أجمع، أن يقفوا إلى جانب الحق، إلى جانب ضحايا عدوان الشر والظلم على شعبنا، وأن يكونوا عوناً وسنداً بكل الوسائل الممكنة".

من جانب آخر، دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" إلى وقف معاناة الأطفال في المنطقة، لافتةً إلى أن عشرات الآلاف من الأطفال معرضون لخطر الموت الوشيك أو الإصابة أو التشرد مع تصاعد الهجمات العسكرية للنظام.

وأكدت المديرة التنفيذية لليونيسيف، هنرييتا فور، في بيانٍ لها، أن العنف المتصاعد أدى إلى مقتل 134 طفلًا على الأقل ونزوح ما يزيد عن 125 ألف طفل آخر.

وأضافت هنريتا فور أن تعرض 30 مستشفى للهجوم أجبر بعض شركاء اليونيسيف في مجال الرعاية الصحية على تعليق عملياتهم المنقذة للحياة، مشيرةً إلى أن نحو 34 ألف طفل خرجوا من المدارس، كما أجلت الامتحانات في أجزاء من إدلب لما لذلك من أثر سلبي على تعليم نحو 400 ألف طالب.

وأوضحت هنريتا فور أن منظمة اليونيسيف تعمل على الوصول إلى الأطفال من خلال العيادات المتنقلة وخدمات التطعيم والتغذية والدعم النفسي والاجتماعي وإمدادات المياه والصرف الصحي.

وطالبت المسؤولة الأممية بحماية الأطفال والبنية التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات والمدارس، ووقف الهجمات من أجل أطفال سورية، منوهةً إلى أن هذه الحلول السريعة لا تمحو الآثار الإنسانية الجسيمة الناجمة عن هذا العنف الوحشي وغير المبرر.

وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قد دعت في تقريرٍ لها، إلى إقامة تحالفات لدعم الشعب السوري وحمايته، واللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.