روسيا أدارت استخدام الكيماوي.. وإرهاب الشهود

المدن - عرب وعالم
الجمعة   2019/03/22
(Getty)
وسط الاشاعات اليومية التي يرددها الإعلام الروسي عن فبركة "الخوذ البيضاء" للهجمات الكيماوية، تشير شهادات تفصيلية جديدة لمصادر طبية وحقوقية من الغوطة الشرقية، إلى أن روسيا أدارت عملية استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وعملية موازية لطمس أثاره.

ويشير تقرير لعروة خليفة نشرته "الجمهورية"، الجمعة، إلى أن السلاح الكيماوي كان حاضراً دوماً حتى عندما لم يُستخدم، ويصلح الاستخدام الممنهج له في معارك تشرف عليها روسيا وتشارك فيها دليلاً على إدارة موسكو لعملية استخدامه.

دور روسيا الأهم، كان في إدارة عملية موازية، تهدف بشكل رئيسي إلى طمس أي دليل يشير إلى استخدام السلاح الكيماوي، وإلى إرهاب الشهود، وتصفيتهم في بعض الحالات، لتمحو كل أثر يربط النظام بالهجمات الكيماوية.

ويبدو أن سياسة الترهيب الروسية لا تزال تفعل فعلها بقوة، إذ يشعر معظم الشهود داخل سوريا وخارجها بأنه لا حصانة لهم، وأنه لا جهة يمكنها حمايتهم من الانتقام، وهو ما يبدو واضحاً من خلال التفاصيل الدقيقة التي أوردها مصدر طبي مطلع.

ويشرح المصدر تفاصيل عملية نفذتها إدارة "المخابرات العامة" التابعة للنظام بالتعاون مع موسكو من خلال أحد الجنرالات الروس، لاستدراج وتجنيد طبيبين من مدينة دوما، قبل أكثر من عام، تمت لاحقاً المساعدة على نقلهما إلى دمشق وإخراجهما من الحصار بداية عام 2018، أي قبل نحو شهرين من بدء العمليات العسكرية الموسعة في الغوطة الشرقية.

وقد تم استخدام الطبيبين كصلة وصل مع الكوادر الطبية في مدينة دوما والغوطة الشرقية، بهدف إيصال التهديدات بشكل شخصي إلى أعضائها، الذين جرى ابتزازهم بأقاربهم الموجودين في مناطق النظام، أو بالتهديد باغتيالهم. خلال تلك الفترة، استطاع الطبيبان الموجودان في دمشق بناء سمعة مخيفة لدى الكوادر الطبية في الغوطة الشرقية.

بُعيد الهجوم الكيماوي على بلدة الشيفونية في 25 شباط 2018، جرى الاتصال بكل الكوادر الطبية في دوما وتهديدها بشكل مباشر عبر هذين الطبيبين، ليتم منع أي شهادة من تلك الكوادر عن استخدام السلاح الكيماوي، ومنع خروج أي أدلة وعينات من الدماء الى الخارج، تثبت استخدام هذا السلاح.

أدت التهديدات إلى عدم خروج تصريحات مباشرة من القطاع الطبي عن الهجمة، الأمر الذي أدى بطريقة أو بأخرى إلى نجاح استراتيجية النظام التي تقف خلفها موسكو في الحقيقة. وقد تكرر السيناريو ذاته في هجوم 7 نيسان 2018 على دوما، إذ جرى التواصل مع كافة الكوادر الطبية لإخفاء الأدلة. إلا أن مسارعة الإعلامي ياسر الدوماني، لتصوير موقع الضربة، وتصوير ضحاياها من المدنيين، شجّع الكوادر الطبية للحديث، مع اغفال الأسماء، ولم يخرج الأطباء في تسجيلات مرئية لشرح الأوضاع كما كان عليه الحال في ضربات كيماوية سابقة.

بعد توقيع اتفاق التهجير من دوما، تواصل النظام عبر الطبيبين مع بعض الكوادر الطبية في دوما. وبذريعة تسليم المقار الطبية التي ادعى النظام أنه يريد المحافظة عليها لخدمة سكان المدينة، جرى استدراج أطباء وممرضين إلى دمشق، وإرسالهم مباشرةً إلى "فرع الخطيب" في مدينة دمشق، التابع لـ"الإدارة العامة للمخابرات"، حيث تم تصوير لقاءات عرضها تلفزيون النظام، باعتبارها شهادات تؤكد عدم استخدامه للسلاح الكيماوي.

وبعدها تم تلفيق المشهد بعد ذلك بشكل مكتمل في مدينة لاهاي، عندما تم نقل عدد من هؤلاء كشهود إليها، ليقدموا شهادات تؤيد مزاعم النظام، في عملية كانت أشبه بنقل رهائن منها بنقل شهود.