حلب: خلاف على الغنائم بين الداخلية والفرقة الرابعة

خالد الخطيب
الخميس   2019/02/28
(انترنت)
يسود التوتر مدينة حلب مؤخراً، بسبب تعميم مُسرّب من وزير الداخلية محمد رحمون، بمنع الوحدات التابعة لوزارة الداخلية؛ الشرطة والجمارك، من التعامل مع خضر طاهر بن علي، الملقب بالـ"الغوار"، قائد مليشيا تتبع لـ"الفرقة الرابعة".

وحمل كتاب رحمون، الصادر في 20 شباط/فبراير، والموجّه لوحدات الشرطة وكل ما هو تابع لوزارة الداخلية: "يمُنع منعاً باتاً التعامل مع المدعو خضر طاهر بن علي، أو الاتصال به، بأي شكل من الأشكال، أو دخوله للوحدات الشرطة أو استقباله لأمور شخصية في الوحدات الشرطة كافة".

ويدير "الغوار" المعابر التجارية و"الإنسانية" بين مناطق النظام والمعارضة في حلب، ويسيطر على أغلب حواجز الترسيم (المختصة بفرض الأتاوات) في الطرق الرئيسية المحيطة بمدينة حلب وريفها الشرقي والجنوبي الشرقي.

ولـ"أبو علي" استثمارات في سوق المقاولات والسياحة. مؤخراً، افتتح شركة "أيما تل" للاتصالات، في المزة بدمشق، لاستيراد الهواتف المحمولة ولوازمها. كما افتتحت صالات "ايما تل" في مختلف المناطق السورية. كما يملك "أبو علي" شركة القلعة الأمنية، التي تنتشر بشكل رئيسي في دمشق القديمة، وتُعتبر مسؤولة عن حماية الوفود الدينية الشيعية. ويملك "شركة الياسمين" للمقاولات، وشركة إيلا للسياحة.

وذاع سيط "الغوار" في حلب خلال العامين الماضيين بشكل كبير بعد خروج المعارضة المسلحة من المدينة أواخر العام 2016، وسيطرة المليشيا التي يقودها بالنيابة عن "الفرقة الرابعة" على المعابر التي تصل مناطق النظام والمعارضة؛ الطويحينة وعون الدادات وأم جلود-الحمران والعيس والمنصورة.

وكانت مليشيا "الغوار" تسيطر على معابر أبو ضهور ومورك وقلعة المضيق، قبل أن تستولي عليها مليشيات موالية لروسيا قبل شهور قليلة.

وينحدر "الغوار" من مدينة صافيتا في ريف طرطوس، ويعتبر من المقربين للمكتب الاقتصادي لـ"الفرقة الرابعة" الذي يدير المشاريع والاستثمارات والمعابر التابعة لـ"الرابعة" في مختلف المحافظات السورية. وأسس نهاية العام 2018 شركة تجارية للشحن والاستيراد والتصدير، وتنشط بشكل كبير في الساحل ودمشق وحلب، ولديها أسطول كبير من السيارات، وتُتهم بإدارة شبكات تهريب وغسيل أموال.

رئيس غرفة صناعة حلب فارس شهابي، أحد رجال أعمال النظام وعضو البرلمان، شنّ عبر الإعلام الرسمي هجوماً على "الغوار". الشهابي، في المداخلة التي حُذفت لاحقاً بضغط من "الرابعة" بحسب مصادر "المدن"، قال إن المواد المهربة تدخل من تركيا عبر معابر غير منضبطة "يديرها لصوص ورؤوس كبيرة معروفة للدولة السورية". وأشار شهابي إلى أبو علي خضر شخصياً، واتهمه بفرض اتاوات على المصانع، وأنه كان السبب بإفلاس معامل البلاستيك في حلب، ووصفه بأنه "لص ومهرب"، وقال: "هؤلاء أصبحت لديهم مليشيات لا تقوى الضابطة الجمركية على مواجهتهم".

الشهابي عاد وحذف منشوراً له في "فيس بوك"، كتب فيه: "لكل من اعتقد أن زعران المعابر فوق القانون أو أن جهودنا لن تثمر في مكافحة التهريب، هذا اللص المهرب هو كبيرهم". واستبدله بمنشور، جاء فيه: "لسنا مع الإساءة بحق أحد، وليس هدفنا ضبط المهربات عند صغار الكسبة، بل يهمنا القضاء على كبار لصوص مافيا التهريب وتحطيم هذه المنظومة بكل حلقاتها".

وتعرض شهابي، لحملة تشويه عنيفة من قبل أنصار "الفرقة الرابعة"، واتهموه بالطائفية، لأنه ذكر أبو علي "العلوي"، ولم يذكر شبكة واسعة من التجار والمهربين الكبار المعروفين "السنّة" في حلب أمثال القاطرجي وحمشو. واتهم البعض الشهابي بأنه يدير مافيا للتهريب، وبأنه يدير مجموعة من أثرياء حلب لهم مصلحة كبيرة في التحكم بالمعابر لاستيراد المواد الخام وتشغيل معاملهم، والسيطرة على السوق الداخلية وإغراقها بمنتجات رديئة بمواصفات متدنية.

عملياً، أثرت المعابر التي تديرها مليشيا "الغوار" في حلب على عدد كبير من الصناعات المحلية في المدينة، وكانت السبب الرئيسي في إفلاس أو إغلاق معامل ومصانع المنظفات والنسيج والأقمشة والألبسة الجاهزة والبلاستيك والحديد والصلب والأدوية، وكساد بضاعتها بعدما أغرقت السوق بالمواد والسلع المُهرّبة من تركيا عبر مناطق سيطرة المعارضة، بأسعار أقل وجودة أعلى. ويتحكم "الغوار" بغالبية الحواجز المحيطة بحلب وإجبار الصناعيين والتجار على دفع الضرائب والرسوم مقابل ادخال المواد الأولية أو عمليات التسويق.

التجار الوسطاء، أصحاب المحال ومراكز التسوق والمستودعات، كانوا قد وقعوا تحت ضغط الجمارك التابعة لوزارة الداخلية، والتي كثفت من عملياتها الأمنية لضبط ومصادرة المهربات، وتنظيم ضبوط غرامة مالية تصل إلى 5 أضعاف سعر المادة المضبوطة أحياناً. وشن التجار الوسطاء وأصحاب المحال هجوماً لاذعاً على الشهابي، لأنه السبب باحتدام الصراع بين الداخلية و"الغوار"، فأصبحوا هم كبش الفداء.

تعميم وزير الداخلية بمقاطعة قائد مليشيا وأمير حرب، أثار سخرية الحلبيين. قال أحدهم: "بكرا بروح غوار، وبيجي أبو عنتر وبيمشينا كواع وركب". وأشارت مصادر مختلفة إلى أن الخلاف والتوتر بين الداخلية و"الغوار"، هو حول اقتسام عائدات المعابر والمصادرات.