لماذا انشق أبو اليقظان المصري عن "تحرير الشام"؟

خالد الخطيب
السبت   2019/02/02
(انترنت)
شهدت مناطق سيطرة المعارضة المسلحة شمال غربي سوريا حراكاً سياسياً ومشاورات بين القوى المسلحة ووجاهات محلية وعشائرية ودينية، تمحورت حول شكل التغييرات المفترض اجراؤها على السلطتين العسكرية والمدنية في إدلب، من وجهة نظر "هيئة تحرير الشام" ووفق تصوراتها للمرحلة المقبلة.

ويُفترض أن تتضمن المرحلة الأولى من التغييرات وفق رؤية "تحرير الشام"، تشكيل غرفة عمليات واسعة تجمع كل التشكيلات المسلحة في إدلب ومحيطها، بما فيها التنظيمات الجهادية، وتتبع جميعها لإدارة موحدة، تشبه "وزارة حرب" تتبع شكلياً لـ"حكومة الإنقاذ". ودون ذلك شروط لازمة، فالعتاد والذخائر هي ملك لغرفة العمليات الجديدة، ولا يحق لأي فصيل الخروج منها، ويجب الالتزام بقراراتها في السلم والحرب. وكذلك، دعم "الإنقاذ" وتوسيعها لتشمل أطياف المعارضة، والعمل على تمكينها في مختلف المناطق، وفصل الادارتين العسكرية والمدنية، والعمل على تطبيق اتفاق "سوتشي" خاصة في ما يتعلق بفتح الطرق الدولية.

وتولت "الإنقاذ" مهمة الترويج لمشروع "الهيئة" وطرحت رؤيتها باعتبارها المسؤولة عن السلطة المدنية. وجرى الترويج للمشروع خلال الزيارات التي قام بها رئيس "الانقاذ" فواز هلال، وعدد من أعضاء حكومته مع المجالس المحلية، والوجهاء، وشيوخ العشائر في مناطق ريف حلب الغربي، وضواحي حلب الشمالية، ومختلف مناطق ادلب وريف حماة الشمالي. وركزت "الإنقاذ" على تعزيز سلطتها في المناطق التي سيطرت عليها "تحرير الشام" مؤخراً. ونجحت "الإنقاذ" بالهيمنة على كامل إدلب ومحيطها، بالدخول العسكري لـ"الهيئة"، أو بالضغط وتقديم العهود كما حصل في معرة النعمان، آخر المعاقل التي دخلتها "الإنقاذ".

وعملت "الإنقاذ" داخلياً على تهيئة الظروف المناسبة للتغييرات الجديدة، عبر تطبيق سياسات أمنية واقتصادية جديدة، وإغلاق المعابر، وفرض رسوم وضرائب على سلع وبضائع واحتكار أخرى، وإغلاق الجامعات غير المرخصة.

وزارت شخصيات من "الإنقاذ" وأعضاء في "الهيئة التأسيسية للمؤتمر السوري العام" وأنصار لرؤية "تحرير الشام" ومشروعها الجديد، إسطنبول وانقرة، التقوا خلالها شخصيات معارضة ومسؤولين أتراك، للتباحث في مخططات المرحلة المقبلة.

فصائل المعارضة في "الجبهة الوطنية للتحرير" ظلت صامتة بعد خسارتها مناطق واسعة من ادلب وريفي حلب وحماة لصالح "تحرير الشام"، ولم تحدد مخططاتها وطروحاتها بشأن المرحلة المقبلة. وبدا أن فصائل "الوطنية للتحرير" التي يقودها "فيلق الشام" راضية، أو مضطرة للمشاركة على الأقل، في مخططات "تحرير الشام". فأكبر فصائل "الوطنية للتحرير"؛ "فيلق الشام" سيحصل على حصة كبيرة في الادارتين المدنية والعسكرية المفترض الإعلان عنهما، في حال التوصل لـ"تفاهمات ترضي الجميع"، بحسب مصادر "المدن".

وفي هذه الحالة، لم يبقَ أمام "تحرير الشام" من عقبة لتمرير مشروعها، سوى التنظيمات الجهادية المنضوية في غرفة عمليات "وحرض المؤمنين" خاصة تنظيم "حراس الدين" الأكثر تشدداً وعدة وعتاداً.

القائد العسكري العام لـ"تحرير الشام" مختار التركي، كان قد التقى نهاية كانون الثاني/يناير، القيادي في غرفة عمليات "وحرض المؤمنين" أبو الدرداء الكردي، العسكري العام لتنظيم "أنصار الإسلام". وجرى اللقاء في ريف ادلب الغربي، وفي منزل الجهادي السوري أبو صالح الختيار. وسبقت ذلك لقاءات جمعت قيادات من "حراس الدين" وقادة عسكريين من "تحرير الشام" في ريف ادلب. الاجتماعات ضمّت قائد "مجموعة خرسان" في "تحرير الشام" أبو محمد الشمالي، وأبو قتادة الألباني، أبو عبيدة الشامي، وأبو عبيدة المصري. وقدمت "تحرير الشام" في تلك اللقاءات عرضاً بضم التنظيمات لغرفة العمليات المفترضة بقيادة "فيلق الشام"، ودعم "الإنقاذ" وتمكينها، وتطبيق الاتفاقات بداية بفتح الطرق الدولية. كما تضمن العرض تجنيس المهاجرين، على أن يحملوا بطاقات تعريفية أثناء تجوالهم في ادلب، وتسجيل سياراتهم ووضع لوحات تعريفية.

وأعطى "حراس الدين" والتنظيمات الجهادية فرصة لـ"تحرير الشام" كي تقدم عرضها كاملاً. وأوحى "الحراس" بالتعاطي الايجابي مع العرض، خلال الأسبوعين الماضيين، ما سهّل عليهم معرفة تفاصيل مخططات "تحرير الشام".

وأصدرت قيادة "الحراس"، في 31 كانون الثاني/يناير، بياناً أعلنت فيه رفضها بشكل قاطع للعرض المقدم، وبصدمتها من تفاصيل العرض الذي "يضمن لتركيا السيطرة الكاملة على قرار المعارضة ويساهم في تثبيت النظام من خلال فتح الطرق الدولية". البيان صدر عن القائد العام لـ"الحراس" أبو الهمام الشامي، ونائبه الأردني سامي العريدي، الشرعي السابق في "جبهة النصرة".

وشنّ "الحراس" هجوماً عنيفاً على "تحرير الشام"، وطالب بالسلاح والعتاد الذي سيطرت عليه "تحرير الشام"، عندما انشقوا عنها. وتداول أنصار "الحراس" قضية فك ارتباط "جبهة النصرة" بتنظيم "القاعدة"، وركزوا هجومهم على أبو محمد الجولاني.

وتوالت خلال الساعات الماضية بيانات التأييد لبيان قادة "الحراس"، في الرد على عرض "تحرير الشام"، والمطالبة بالسلاح والذخائر والمعدات، من تشكيلات كانت جزءاً من "جبهة النصرة" قبل انشقاقها وانضمامها الى "الحراس"؛ "جيش الساحل" و"سرية القوات الخاصة في جيش النصرة" و"قوات النخبة سراقب" و"سرية البتار" و"سرية كابل" و"جيش البادية". وطالب "الحراس" شخصيات "جهادية عالمية"، للقضاء بينهم وبين "تحرير الشام" من أمثال ابو محمد المقدسي، وهاني السباعي، وابو قتادة الفلسطيني، وطارق عبد الحليم، وأبو عبدالله الصادق الهاشمي، ونائل بن غازي.

الهجوم على "تحرير الشام" للانشقاق عنها بسبب "الفضيحة الجهادية"، بدأ يثمر فعلاً، إذ أعلن عن انشقاق الشرعي العسكري أبو اليقظان المصري، وأبو مالك التلي، قائد "جبهة النصرة" سابقاً في القلمون. وقالت "تحرير الشام" إن أبو اليقظان استقال "بسبب إدانته قضائياً في الاضرار بالجماعة"، بالإضافة لاعتراضه على التعميم الذي أصدرته قيادة "تحرير الشام" الذي يمنع القادة والشرعيين والعناصر من التصريح وإصدار الفتاوى والتحدث للإعلام دون الرجوع للقيادة. ولم تتوفر معلومات كافية عن صحة انشقاق أبو مالك التلي.