"تحرير الشام" تحاصر "الزنكي".. فهل يتدخل "فيلق الشام"؟

خالد الخطيب
الخميس   2019/01/03
(انترنت)
تواصل "هيئة تحرير الشام" هجومها ضد مواقع سيطرة "حركة نور الدين الزنكي" في ريف حلب الغربي. وتمكنت "الهيئة" من السيطرة على بلدة كفر بسين التي تفصل مناطق سيطرة "الزنكي" مع مناطق سيطرة فصائل "درع الفرات" و"غضن الزيتون" في ريف حلب.

التكتيكات العسكرية لـ"الهيئة" ركزت خلال الساعات القليلة الماضية على حرمان "الزنكي" من أي منفذ يصل مناطقها غربي حلب بمناطق سيطرة الفصائل. وعملت "الهيئة" على تقطيع أوصال مناطق "الزنكي"، وحصار مقاتليها في عدد قليل من القرى والجمعيات السكنية المحيطة ببلدة قبتان الجبل.

ولتحقيق ذلك، أشغلت "الهيئة" أربعة محاور قتال رئيسية. إذ أوعزت في البداية للمجموعات التابعة لها في مدن عندان وحريتان وكفر حمرة في ضواحي حلب الشمالية لكي تتقدم في المحور المتجه غرباً نحو كفر بسين، التي تبعد عن معقل "الزنكي" الرئيسي في قبتان الجبل نحو ثلاثة كيلو مترات. وفي الوقت ذاته حاولت مجموعات "الهيئة" المتمركزة في دارة عزة وجبل الشيخ بركات الالتقاء مع المحور المتقدم في كفر بسين لفصل مناطق "الزنكي" بشكل كامل عن مناطق الفصائل لكنها لم تتمكن من تحقيق هدفها بشكل كامل بسبب المقاومة الشرسة التي أبدتها الفصائل المنتشرة في محيط دارة عزة والأطراف الجنوبية الغربية لمنطقة عفرين والتي تقع على خط التماس المباشر مع ساحة المعركة بين الطرفين.

كما أشغلت "الهيئة" محوري بسرطون وخان العسل، بهدف الإشغال والتقدم لتقطيع أوصال مناطق الخصوم والسيطرة على الحواجز الرئسية في المنطقة الجبلية الوعرة غربي حلب.
واستغلت "الهيئة" الأثر السلبي للخسارة الكبيرة التي منيت بها "الزنكي"، الثلاثاء، في دارة عزة والشيخ بركات. وأسرت "الهيئة" عدداً كبيراً من مقاتلي "الزنكي" بعد محاصرتهم في الشيخ بركات، وفي جمعية السعدية قرب بلدة أورم، ثم أعدمتهم رمياً بالرصاص. وآثر ذلك على معنويات مقاتلي "الزنكي".

المعركة التي شنّتها "الهيئة" بدت مختلفة عن سابقاتها في العام 2018، فسيطرت بوقت قياسي على دارة عزة والشيخ بركات وأكثر من سبعة مواقع وقرى وبلدات كانت تحت سيطرة "الزنكي". ودفع ذلك "الهيئة" لمواصلة التقدم، والتضييق أكثر على "الحركة" في مواقعها الأصيلة غربي حلب. وقد يقودها الصلف إلى مواصلة القتال حتى القضاء الكلي على خصمها اللدود.

وفرضت "الهيئة" اجراءات أمنية مشددة في المناطق التي تقدمت فيها حديثاً، ومحيطها القريب، فقطعت الطرق، ونشرت المزيد من الحواجز العسكرية، وأوقفت المدنيين على حواجز سراقب، وادلب وباتبو والدانة وأطمة وسرمدا، وصادرت سيارات واعتقلت من تشتبه بانتمائه لـ"الزنكي". وحشدت "الهيئة" خلال الساعات الماضية جزءاً كبيراً من قوتها العسكرية في ريف حلب الغربي، وأرسلت قيادتها رسائل تدعو من خلالها "تنظيم جبهة أنصار الدين" و"تنظيم حراس الدين" وبقية التشكيلات الجهادية في غرفة عمليات "وحرض المؤمنين" للقتال معها.

فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، وجدت نفسها مجبرة على اتخاذ موقف موحد وأكثر جدية تجاه التطورات الميدانية الخطيرة. وكان لافتاً التغيير السريع في موقف قادة "فيلق الشام"، أحد أكبر فصائل "الجبهة"، التي أصدرت بياناً أعلنت فيه النفير واشتراك جميع فصائلها في الحرب على "الهيئة". البيان أكد أن هدف الحرب المعلنة هو استعادة المناطق التي تقدمت فيها "الهيئة" غربي حلب، وأتبعته ببيان آخر حذرت فيه مقاتليها المرابطين في خطوط التماس مع مليشيات النظام من مغادرة مواقعهم وتركها والاشتراك في العمليات المفترضة.

مشاركة "فيلق الشام" في المعارك ضد "الهيئة"، ستكون إن صحّت، المشاركة الأولى من نوعها. وفسّر منظرون وناشطون تغيّر موقف "الفيلق"، نتيجة موافقة تركيا على قيام معركة وتوسعها ضد "الهيئة". إلا أن مصادر خاصة من "الجبهة الوطنية"، أكدت لـ"المدن"، أن قرار الحرب ضد "الهيئة" اتخذه أعضاء مجلس قيادة "الجبهة الوطنية للتحرير"، ولم تأتِ الأوامر من تركيا.

فعلياً لم يشارك من فصائل "الجبهة" إلى جانب "الزنكي"، سوى "أحرار الشام" و"صقور الشام"، اللذين هاجما مواقع "الهيئة" قرب الطريق الدولي حلب–دمشق، واشتبكا بشكل عنف معها قرب حيش في ريف ادلب، ومدينة سراقب، من دون أن تتغير خريطة السيطرة.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، أن "الجبهة الوطنية" اتخذت قرار الحرب ضد "الهيئة"، وقد تشهد الأيام القليلة القادمة مواجهات عنيفة بين الطرفين وتتوسع العمليات العسكرية لتشمل كامل ادلب ومحيطها، والفصائل  تُحضّر للهجوم المفترض، وقد تشترك فصائل "درع الفرات" في العملية في مرحلة لاحقة. والمعركة إن وقعت، ستكون صعبة جداً، فلدى "الهيئة" العدد والعتاد الكافي لخوض معركة طويلة. وإلى الآن لم ينشق عن "الهيئة" أي فصيل أو مجموعة مسلحة، وبيانات الانشقاق التي تم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية مزورة. المجموعات "المُنشقة" عن "الهيئة" في عندان وباقي ضواحي حلب الشمالية، أصدرت بياناً، ليل الأربعاء/الخميس، نفت فيه بيان انشقاقها وأكدت وقوفها مع قيادة "الهيئة".

ورغم تراجع الناطق الرسمي باسم "الجيش الوطني" في "درع الفرات" الرائد يوسف حمود، عن تصريحه بمشاركة الفصائل في المعارك التي تجري ضد "الهيئة"، إلا أن مجموعات عسكرية كبيرة من فصائل "الدرع" تشارك بالفعل في المعارك مؤخراً، وقد تكون المشاركة غير المعلنة جزءاً من خطة عسكرية تتبعها الفصائل في التصعيد التدريجي ضد "الهيئة".

وهناك احتمال وارد أيضاً: المشاركة المفترضة لـ"فيلق الشام" ضد "الهيئة"، تهدف للضغط على "الهيئة" ووقف القتال، وتثبيت خطوط التماس في النقاط التي وصل إليها كل طرف، مع الإبقاء على حصار "الزنكي" في مواقعها.