هل يودي حادث الطائرة الروسية بالمصالح الإسرائيلية في سوريا؟

المدن - عرب وعالم
الجمعة   2018/09/21
دفاعات جوية إسرائيلية نشرت على الحدود الشمالية (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
اعتبر المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أليكس فيشمان، الجمعة، أن العملية العسكرية الإسرائيلية في سوريا، برغم ضربها لأهداف إيرانية الأسبوع الماضي بنجاح، إلا أنها فشلت بمجرد تحولها إلى أزمة دبلوماسية مع قوة عظمى مثل روسيا.

وقال فيشمان، إن الفشل الذي انتهت إليه العملية العسكرية في سوريا، نابع من أنه في منطقة الشرق الأوسط لا وجبات مجانية، فإسرائيل الآن عليها دفع ثمن مقتل 15 من ضباط الاستخبارات الروسية وطاقم الطائرة.

بعد حادثة الطائرة الروسية، أصبحت إسرائيل مطالبة بشكل مُلحّ بأن تنسّق بدقّة مع الجانب الروسي، عملياتها في سوريا، وهذا يستوجب أن تكيف سلوكها وتحركاتها ضد أهداف إيرانية أو سورية على الأرض، وفقاً للمصالح الروسية.

الرد الأولى الذي اتخذته موسكو كان إغلاق المنطقة الجوية الكبرى، ستة أيام متواصلة، بين نيقوسيا واللاذقية، بما يشمل المنطقة المائية التي سقط بها حطام الطائرة، والإعلان الروسي عن إغلاق تلك المنطقة هو مقدمة لإغلاق منطقة أكبر بكثير ستشمل كامل الشاطىء السوري وأجواء محافظة دمشق، وهذا يعني تقييد كل النشاط الإسرائيلي في أجواء المنطقتين.

الأجواء الحالية في إسرائيل، وفقاً لفيشمان، من رئاسة الأركان إلى وزارة الدفاع، وصولاً إلى ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، هي كأن أحدأ من الجهات الثلاث لا يريد أن يشار إليه بأنه طبّاخ هذه الوجبة التي لا تؤكل.

لكن من جهة ثانية، يقول فيشمان إن إسرائيل رفضت بيان وزارة الدفاع التي اتهمت الطيارين الإسرائيليين بالقيام بعملية تلاعب في مجال طائرة روسية للتخفي وتنفيذ العملية، معتبراً أن أحداً في إسرائيل لا يمكنه تحمل نتائج مثل هذه المغامرة التي تهدد مصالح وحياة جنود روس. ويضيف أن إسرائيل تقدر بشكل جيد أن منظومات الدفاع الجوي السورية تتضمن أجهزة يمكنها التفريق بين الطائرات الروسية والطائرات الإسرائيلية، بحيث تظهر الطائرات الروسية على الرادار السوري بأنها "طائرات صديقة".

ويرى فيشمان، أن الروس استغلوا الحادثة لتحقيق انجازات سياسية في ملف معقد مثل النشاط الإسرائيلي في سوريا، ولهذا السبب ساقوا اتهامات غاية في الغرابة ولا يمكن تصديقها عن مسؤولية إسرائيل في إسقاط الطائرة الروسية.

الرد الروسي لم يكن بسبب إسقاط الطائرة بلا أدنى شك، وإنما كانت الحادثة مجرد ذريعة لتقليص نشاط وحرية إسرائيل في سوريا إلى الحد الأدنى، خصوصاً أنهم في الكرملين يشعرون بأن التحرك الإسرائيلي الأخير جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة لإيصال رسائل حول الاتفاق التركي-الروسي الأخير بشأن إدلب، نتيجة إحباط إسرائيلي مشابه لما حصل في تسويات أخرى في منطقة هضبة الجولان، إذ قبل الروس التنازل لتركيا في اتفاق إدلب، بينما أعطوا إسرائيل وعوداً فقط بإبعاد الإيرانيين نحو 100 كيلومتر عن الحدود.

ويقول الكاتب، إن الإيرانيين الآن باتوا يبنون مصانع لإنتاج السلاح الدقيق تحت المظلة الجوية الروسية في اللاذقية، متجاهلين بشكل كامل التهديدات التي يمكن أن يشكلها هذا النشاط على إسرائيل.

ويختم فيشمان مقالته بالقول، إنه كان على القيادة السياسية الإسرائيلية التي أقرت الضربة، أن تبحث كل الاحتمالات وتطرح كل الأسئلة الصحيحة بشأنها، لكن يبدو أن رائحة غرور واضحة تفوح في إسرائيل، جعلت نجاح العمليات المتواصلة يصل إلى مرحلة الاستخفاف بالعدو، وطرح سؤال: ما الذي يمكن لهؤلاء الروس أن يفعلوه لنا بعدما أصبحت الهجمات في سوريا عملاً عادياً في إسرائيل؟