درعا بعد "التسوية": وعاد القتل تحت التعذيب

المدن - عرب وعالم
الجمعة   2018/09/21
توفي الحراكي بـ"سكتة قلبية" (انترنت)
ارتكبت أجهزة النظام الأمنية أحدث وأخطر خروقها لاتفاقية "التسوية" في محافظة درعا، عندما سلّمت جثة أحد المعتقلين حديثاً إلى ذويه، بعدما قضى تحت التعذيب. الاعتقال جاء بعد توقيع اتفاقية "المصالحة"، بحسب مراسل "المدن" قتيبة الحاج علي.

واعتقل عبدالمولى الحراكي، الميكانيكي في العقد الثالث من العمر، في منتصف آب/أغسطس، أي الفترة التي شهدت ذروة عمليات الاعتقال من قبل مليشيات فرعي "الأمن العسكري" و"إدارة المخابرات الجوية"، في بلدات ريف درعا الشرقي، بعد أيام قليلة على عودة المدنيين إلى البلدات التي سيطرت عليها مليشيات النظام بمرافقة من الشرطة العسكرية الروسية.

مصادر "المدن"، أكدت أن عبدالمولى اعتقل برفقة اثنين من أقاربه من منازلهم في بلدة المليحة الغربية، أثناء مداهمة نفذتها مليشيا "المخابرات الجوية" بذريعة انتماءهم لتنظيم "الدولة الإسلامية"، من دون تقديم أدلة على ذلك. ولم ترد لذويهم أية معلومات عنهم منذ اعتقالهم.

وأضافت مصادر "المدن" أضافت أن عائلة الحراكي تلقت اتصالاً في 18 أيلول/سبتمبر، من "المخابرات الجوية" تطلب منهم الحضور في اليوم التالي لتسلم جثة عبدالمولى، مع تحذيرهم بعدم القيام بأي نشاطات أو تظاهرات مرافقة للتشييع، واعتبار ذلك "مخالفاً للقانون". في 19 أيلول/سبتمبر، تسلمت عائلة الضحية جثته، مرفقة ببيان طبي يؤكد وفاته بعد إصابته بـ"سكتة قلبية"، ليُدفن في المليحة، بمراسم تشييع اعتيادية.

عضو "مكتب توثيق الشهداء في درعا" محمد الشرع، أكد لـ"المدن"، أن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها منذ اتفاقية "التسوية" التي مهدت لسيطرة مليشيات النظام على محافظة درعا، مضيفاً أن "مصير العشرات من المعتقلين خلال الأسابيع الماضية مازال مجهولاً". وتقدر أعداد المعتقلين في درعا بعد "التسوية" بـ200 معتقل.

ادعاءات النظام بوفاة المعتقل نتيجة "سكتة قلبية"، تعتبر تكراراً لجميع جرائم القتل تحت التعذيب التي استخدمت فيها الأسباب ذاتها لتبرير مقتل المعتقلين في السجون. ويوضح محمد الشرع، أن هذا التبرير ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً في هذه الحادثة، "صحيح أنه لم يتم ملاحظة آثار للتعذيب الجسدي المميت، لكن هذا لا يُعفي النظام من كامل المسؤولية عن مقتله، سواء من خلال استخدام التعذيب النفسي والاعتقال في ظروف غير صحية وعدم توفير الرعاية الطبية، كما أن الجثة لم تخضع لتشريح طبي محايد، للكشف عن الأسباب الحقيقية للوفاة"، إذ تمت إجراءات الدفن بشكل مباشر بعد تسليم النظام للجثة.

القيادي السابق في "غرفة عمليات البنيان المرصوص" أدهم الكراد، قال في "فيسبوك": "تطورت وقاحة المنظومات الأمنية وبدأت تتصل بذوي الضحية وتقول استلموا جثة ابنكم وادفنوها بصمت، وبكل سهولة وبساطة تم مسح اسم مواطن عربي سوري من سجلات النفوس وكأن هذا الشخص ليس له أب أو أم أو أخت أو زوجة ولا أولاد". وأضاف الكراد: "لا بارك الله بنا إن صمتنا"، من دون أن يوضح الأسلوب أو الكيفية التي سيتعامل بها المسؤولون عن "التسوية" من المعارضة في هذه الحادثة.

ومع مقتل الحراكي، عاد المشهد في محافظة درعا إلى المربع الأول الذي انطلقت منه الثورة قبل سبعة سنوات؛ اعتقالات وقتل في المعتقلات. وبدأت بذلك، جميع "مبررات" المعارضة التي استخدمتها للموافقة على اتفاقية "التسوية" بالسقوط الواحد تلو الآخر. التظاهرات ممنوعة والاعتقالات مستمرة، والتشديد الأمني يتواصل، والانتهاكات لم تتوقف، وقوافل الضحايا تحت التعذيب بدأت من جديد.