مجزرة السويداء: أكثر من تواطؤ بين "داعش" والنظام

المدن - عرب وعالم
السبت   2018/07/28
(المدن)
ليلة "الأربعاء الأسود"، الموافق لمجزرة "الدولة الإسلامية" في السويداء، قُطعت الكهرباء، خارج ساعات التقنين، عن أغلب قرى الريف الشرقي من "خليّة نمري" في مدينة شهبا. وفي هذه الأثناء، وتحت غطاء الليل الدامس، تسلل عناصر التنظيم إلى تلك القرى، وقضوا ليلتهم بين بيوتها، بحسب مراسل "المدن" همام الخطيب.

في قرية دوما، التي سقط فيها 17 ضحية، وجد الأهالي بالقرب من بيوت القرية صناديق تحتوي عبوات ماء وأغذية ومعلبات و"أندومي" جلبها "الدواعش" معهم. عناصر "داعش" استغلوا فترة انقطاع الكهرباء، وتمركزوا بين البيوت، ومكثوا لساعات مطمئنين. فعندما تنقطع الكهرباء في تلك القرى النائية تصبح كالقبور ويلتزم الأهالي بيوتهم. عند ساعات فجر الأربعاء، تفاجأ الأهالي، وكانت المجزرة.

قبل أسبوع من المجزرة، كان النظام قد بدأ بسحب السلاح من مليشيات محسوبة عليه، وطال هذا الإجراء عناصر في قرى الريف الشرقي، خاصة من مليشيا "حماة الديار" التي يتزعمها نزيه جربوع، ومليشيا "البستان" التابعة لرامي مخلوف وكان يقودها أنور الكريدي في السويداء. وهو ما اعتبره الكثيرون من أبناء المحافظة، خطوة في اتجاه تفريغ المحافظة من سلاحها، فلا يبقى إلا الفصائل خارج سلطة النظام التي رفضت تسليم سلاحها، ليتم استنزافها في الحرب مع "داعش".

قوات النظام كانت قد انسحبت، في أواخر حزيران/يوليو، من خربة الهبارية وخربة الإمباشي وسوح المجيدي، وغيرها في بادية السويداء الشرقية، بعدما افتعلت معركة مع تنظيم "داعش" مطلع حزيران، محققة تقدماً، لتظهر وكأنها كانت تحارب عناصر التنظيم الذين سبق وأخلتهم، تحت حراسة مشددة، من جنوب دمشق ووضعتهم في بادية السويداء في 21 أيار/مايو. وبحركة مفاجئة، انسحبت قوات النظام، تاركة قرى الريف الشرقي لمحافظة السويداء مكشوفة لـ"داعش"، لينفّذ عملياته فيها.

ويقول ناشطون من السويداء إنّ التنسيق بين قوات النظام و"داعش" ليس جديداً، فلطالما استثمر النظام به كـ"بعبع" لإخافة إي حراك مجتمعي مطلبي أو سياسي في المحافظة؛ ولطالما قوبل كل حراك مجتمعي في السويداء بتحرك ما لـ"داعش" في البادية، لتبدأ ماكينة النظام الإعلامية الأمنية ببث شائعات عن استهداف محتمل من "داعش" للمحافظة. كما استخدم النظام "داعش" في افتعال الأزمات، كلما رغب بإنشاء جسم عسكري جديد يراد لأبناء المحافظة التحشيد له؛ ففي تموز/ يوليو 2016، قام التنظيم بخطف عائلتين من قرية غيضة حمايل، شرقي السويداء، بالتزامن مع نيّة النظام إنشاء تكتّل "فصائل الجبل".

كما استخدم النظام "داعش" في محاولات استنزاف "حركة رجال الكرامة" والزج بها في معارك البادية. النظام أتقن استفزاز "داعش"، قبل أن يسحب قواته من المواجهة تاركاً "رجال الكرامة" في الواجهة. ولكن المعركة في عمق بادية السويداء بحاجة لخطوط إمداد خلفية ومشافٍ ميدانية، وغيرها من الأمور العسكرية واللوجستية، غير المتوفرة لـ"رجال الكرامة"، في حال قرروا دخول تلك المعارك منفردين.

العلاقة القائمة بين النظام والتنظيم كان يُمكن ملاحظتها في إطار اقتصاد الحرب، وتهريب المحروقات والسلاح والبشر. السويداء بين العامين 2016 و2017، كانت سوقاً لتصريف "مازوت داعش"، الذي كان يوزّع في الأسواق بهذا الاسم، وأحياناً بالصهاريج ذاتها التي كانت توزع فيها "الدولة" مخصصات النفط للمحافظة.