اتفاق الفوعة وكفريا: لغط حول المُعتقلين المُفرج عنهم

خالد الخطيب
الجمعة   2018/07/20
الفوعة وكفريا خالية من الأهالي (انترنت)
ُطوي ملف اتفاق الفوعة وكفريا، بين النظام و"هيئة تحرير الشام"، ليل الخميس/الجمعة، بعدما تعرض لأكثر من هزة وتأجيل، ولانتقادات متواصلة.

وتوصل الطرفان إلى تفاهم جديد، ليل الخميس/الجمعة، تم بموجبه السماح لـ22 حافلة تقل 900 شخص من أهالي البلدتين وعناصر المليشيات و33 مخطوف من بلدة اشتبرق، بالدخول إلى مناطق سيطرة النظام في الحاضر مروراً بمعبر العيس في ريف حلب الجنوبي، مقابل سماح النظام بدخول آخر 4 حافلات تقل معتقلين مُفرج عنهم.

وكانت "تحرير الشام" قد احتجزت الدفعة الأخيرة من حافلات التهجير من كفريا والفوعة، صباح الخميس، عند معبر العيس جنوبي حلب، وطالبت مليشيات النظام بالإفراج عن معتقلين جدد مقابل السماح للحافلات المحتجزة بالمرور، الأمر الذي رفضه النظام. وقدمت "الهيئة" لوسطاء التفاوض مع النظام القسم الأكبر من أسماء المعتقلين مطالبة بالافراج عنهم. وسُمِحَ بمرور 12 حافلة من مُهجري الفوعة-كفريا تقريباً من معبر العيس، قبل منتصف ليل الخميس/الجمعة. وبعدما دخلت الحافلات الأربع التي أقلت المُفرج عنهم من المعتقلين الجدد، من المعبر، سمح للحافلات العشر التي تُقل ما تبقى من أهالي الفوعة كفريا بالمرور باتجاه مناطق النظام.

وباتت الفوعة وكفريا خالية من الأهالي والمليشيات. وتبع عملية الإخلاء انتشار سريع لعناصر "الهيئة" وبعض فصائل المعارضة المسلحة داخل البلدتين، بهدف تمشيطهما من الألغام والمتفجرات التي تركتها المليشيات خلفها. وقُتل ثلاثة مقاتلين من فصائل المعارضة أثناء عمليات التمشيط. وجرت عمليات سرقة وتعفيش محدودة في البلدتين، بسبب منع المدنيين والمسلحين من الدخول. واتخذت قرار المنع غرفة عمليات مشتركة لمقاتلين من الفصائل وعناصر من "الهيئة". وانتشرت الحواجز الأمنية في محيط البلدتين ما أسهم في التقليل من السرقة.

احتجاز "الهيئة" للدفعة الأخيرة من حافلات الفوعة كفريا، جاء في اللحظات الأخيرة قبل دخولها من معبر العيس. وبدا الإجراء محاولة من "الهيئة" للتخفيف من الغضب الشعبي الذي شهدته مدينة ادلب ضدها خلال ساعات النهار، بسبب الصفقة التي بدت مشبوهة، لجهة المعتقلين المُفرج عنهم من سجون مليشيات النظام.

وكان المئات من أهالي المعتقلين يتجمعون وسط مدينة ادلب، عند جامع شعيب، وفي الضفة الأخرى من معبر العيس بانتظار أبنائهم، لكنهم صدموا بعدما وصلت الدفعة الأولى من الحافلات. أكثر من نصف المعتقلين المفرج عنهم هم سجناء بتهم جنائية متنوعة، مشاجرات وسرقة وقتل، بالإضافة لعدد من المقاتلين المعارضين الذين اعتقلتهم مليشيات النظام مؤخراً على جبهات درعا بعدما سلموا أنفسهم خلال المعارك و"المصالحات". بعض المفرج عنهم كانوا قد اعتقلوا بسبب تشابه الأسماء، أثناء المرور عبر حواجز الأجهزة الأمنية في الرقة وريف دمشق وديرالزور وحلب.

ويصل عدد تلك الحالات إلى 900 مفرج عنه، على الأقل، ومعظمهم سجنوا خلال العام 2018، ومدد اعتقال بعضهم لم تتجاوز 20 يوماً. ورفض مئات المعتقلين المفرج عنهم دخول ادلب، مفضلين البقاء في مناطق سيطرة النظام، كي يعودوا لاحقاً إلى مدنهم وبلداتهم التي تقع تحت سيطرة النظام أصلاً.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، بأنه من بين المفرج عنهم الـ1500، أكثر من 300 على الأقل، اعتقلوا خلال العام 2017، أثناء ذهابهم إلى مناطق سيطرة النظام لتسلم رواتبهم، وبعضهم اعتقل في المناطق التي شهدت "مصالحات". ومن بين المفرج عنهم مقاتلون كانوا في صفوف مليشيات النظام و"الدفاع الوطني"، وأشخاص اعتقلوا في مناطق سيطرة "وحدات الحماية" الكردية وسلمتهم "الوحدات" للنظام خلال الشهور الماضية. وألقت "تحرير الشام" وفصائل المعارضة القبض على قسم كبير من المشتبه بهم، من بين المفرج عنهم.

ولم يتجاوز عدد المُفرج عنهم من معتقلي المعارضة 300 شخص، نساء ورجال، ممن اعتقلوا ما بين العامين 2011–2017.

وتظاهر أهالي المعتقلين الغاضبين أمام ساحة جامع شعيب في مدينة ادلب ضد "الهيئة"، وهتفوا: "جولاني ولاك ما بدنا ياك" و"يلعن روحك جولاني"، معربين عن استيائهم من الاتفاق الذي اعتبروه خديعة. واتهم الأهالي "الهيئة"، بالكذب والأنانية، لأن ما يهمها هو عناصرها الـ40 الذين أفرجت عنهم مليشيات النظام في صفقة الفوعة كفريا.

وفي موازاة الغضب الشعبي في ادلب، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي هجوماً عنيفاً ضد "الهيئة". منظرون سلفيون مناهضون لها، وشخصيات معارضة من الفصائل، اتهموا "الهيئة" بالخيانة، والتفاوض منفردة من دون مشاركة الفصائل، أو استشارتها، وعدم الاكتراث لمصير المعتقلين، والمتاجرة بهم في صفقاتها المشبوهة التي تدر لها ملايين الدولارات. وفي المقابل، دافع أنصار "الهيئة" عن الاتفاق.

عضو "مجلس الشورى" أبو ماريا القحطاني، اتهم مهاجمي "الهيئة" بموالاة "تنظيم الدولة الإسلامية"، ودعا الخصوم لعدم المزاودة. وأوضحت "شبكة إباء" التابعة لـ"الهيئة" أن الاتفاق لم يتضمن تحديداً لقائمة أسماء المعتقلين الذين سيفرج عنهم النظام. وبرر المسؤول الإعلامي في "الهيئة" عماد الدين مجاهد، ذلك، بأنهم لا يمتلكون نقاط قوة في الملف يستطيعون من خلالها الضغط على الطرف الآخر. وأضاف أن الملف مصلحة ثورية لصالح البلد بامتياز، و"لا نفاوض من منطق أوراق قوة".

الضغط والاحتقان الشعبي، والهجوم في مواقع التواصل ضد "الهيئة" دفعها على ما يبدو إلى الطلب من قائد "جبهة تحرير سوريا" حسن صوفان، الخروج ببيان يؤكد فيه معرفة "تحرير سوريا" بتفاصيل الاتفاق منذ البداية. فصدر بيان "تحرير سوريا"، وتحدث مطولاً عن تفاصيل اتفاق الفوعة كفريا، منذ بدايته والمراحل التي مر بها، ودافع عنه باعتباره مصلحة عامة للمعارضة في ادلب. وأكد بيان صوفان أنهم فوضوا "الهيئة" لإستكمال المفاوضات الأخيرة.