زيارة "حماس" السريعة للقاهرة:المصالحة أو الصفقة

أدهم مناصرة
الأحد   2018/07/15
Getty - أرشيف ©

على غير العادة، كانت زيارة وفد حركة "حماس" الذي مثله نائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري إلى القاهرة سريعة هذه المرة، حيث لم تتجاوز اليومين، بعد أن تخللها لقاء محدد مع مسؤول المخابرات المصرية اللواء عباس كامل.

ولعل الطابع المختلف لهذه الزيارة لم يقتصر فقط على مدة اجرائها، بل وأيضاً من ناحية مستوى التمثيل؛ إذ كان من المعتاد في زيارات مماثلة رؤية رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" اسماعيل هنية أو قائد الحركة في غزة يحيى السنوار، على رأس الوفد في القاهرة، لكن هذه المرة ارتأت الحركة ان يكون تمثيلها بمستوى قيادي ثانٍ ممثل بصالح العاروري رغم مكانة وأهمية وتأثير هذا الرجل أيضاً.

وفد "حماس" وقبل ساعات من مغادرته القاهرة، الجمعة، أصدر بياناً عامّاً حول حيثيات الزيارة وما جرى خلالها، قال فيه إن الزيارة كانت إيجابية وقد جرى خلال لقاء قيادة المخابرات المصرية بحث معمق للعديد من الأمور التي تخص غزة والحالة الفلسطينية ككل. وسبق البيان تغريدة لعضو المكتب السياسي موسى ابو مرزوق على تويتر، الخميس، اعتبر فيها لقاء وفد الحركة بأنه ربما "الأهم" مقارنة بما سبق من لقاءات مماثلة.

رئيس شبكة "الأقصى الإعلامية" التابعة لـ"حماس" وسام عفيفة، قال لـ"المدن"، إنه بالرغم من عمومية بيان "حماس" إلا أن التوقعات تندرج في سياقين؛ الأول أن يكون الوفد قد جاء بمعطيات جديدة من مصر إلى الحركة ربما تنعكس على المشهد الفلسطيني عموماً بكل مكوناته سواء ما يتعلق بوضع غزة وصفقة القرن وحتى العلاقة مع السلطة وفتح. وأما الثاني، فربما عاد الوفد لغزة برسائل بحاجة لإجابات محددة، للتشاور مع قيادة الحركة بخصوصها، وتوقع عفيفة رداً لـ"حماس" على هذه الرسائل عبر زيارة اخرى للقاهرة بتمثيل أعلى للحركة، أو أن يكون الرد بآلية أخرى.

ويرجح عفيفة أن ما تلقاه وفد الحركة يتعلق بآليات مصرية جديدة حول غزة والحالة الفلسطينية عموماً، ارتباطاً بخطة مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادنوف، الذي استبق زيارة وفد "حماس" إلى القاهرة بلقاء المسؤولين المصريين وكذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله.

ويرى عفيفة أن جزءاً مما تلقته "حماس" من المخابرات المصرية احتوى على اشتراطات من السلطة الفلسطينية مقابل عملها في غزة ضمن المشاريع الإنسانية والدولية، لكن هذه الإشتراطات، بحسب عفيفة، مُنسقة مع إسرائيل واقليمياً وبضوء أخضر أميركي. ولهذا ربما تشهد الأيام المقبلة تحريكاً لملف المصالحة الفلسطينية تحت هذا العنوان. ولعل هذه الإشتراطات هي جزء من رزمة الحل التي جاء بها ميلادنوف، باعتبار أنها لن تنضج دون أن تكون السلطة حاضرة بها.

وعلى وقع اجواء التسخين الميداني بين إسرائيل و"حماس" على اثر استمرار اطلاق الطائرات الورقية الحارقة من قطاع غزة باتجاه الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، يقول عفيفة إنه في حال شهدت الأيام القادمة صعوبات في مسألة التسهيلات والمعابر لغزة، فهذا يعني أن حالة من الضغط تُمارس على "حماس" كي تستجيب لمطالب مصر المنسقة اصلاً اقليمياً ودولياً.

وبينما تؤكد السلطة الفلسطينية أنها تفرق بين خطة ميلادنوف وبين خطة الإدارة الأميركية بشأن غزة، باعتبار أنه مسؤول تابع للامم المتحدة وقد أكد على خيارات الشرعية الدولية لحل القضية الفلسطينية، يقول عفيفة إنه لا فرق بينهما، فميلادنوف لا يمكن لوحده ومن دون مساعدة أميركية أن يحل ملفاً ملغوماً كملف غزة، كما أن خطة كبير مستشاري الرئيس الاميركي جاريد كوشنر، تقضي بتنفيذ مشاريع غزة الإنسانية بإشراف الأمم المتحدة.

ولهذا، يشدد عفيفة على أن ثمة ضبابية حول هوية "المقاول" الذي سيتولى المهمة.. هل هي الأمم المتحدة وحدها؟.. أم أنها بالتعاون مع السلطة وأطراف عربية على رأسها مصر.. أم عبر استدعاء بعض الشخصيات الفلسطينية التي تتمتع بعلاقات دولية وأميركية قوية مثل سلام فياض ورجل الأعمال عدنان مجلي؟

ويوضح عفيفة أن البحث عن "المقاول" يأتي ليكون يكون العنوان لمشاريع غزة وليست "حماس"، رغم أن الأخيرة هي التي متواجدة في المشهد الخلفي في هذا الموضوع، ولكن على المسرح ستكون هناك أطراف غير "حماس".

ويأتي هذا الحراك في ظل تسريبات تحدثت عن مهلة أُعطيت- دولياً- للسلطة الفلسطينية للقبول بدورها ووظيفتها في غزة، ارتباطاً بالمشاريع الإنسانية التي ستنفذ في غزة، أو أن يتم البحث عن أطراف أخرى لحل أزمات غزة.

مصدر سياسي مطلع قال لـ"المدن"، إن مصر تريد أن تحرك المصالحة لتسهيل تنفيذ خطة ميلادنوف عبر طرح مبادرة مصرية جديدة مفادها "أننا لن نبدأ من الصفر في موضوع المصالحة"، وتدعو لتشكيل حكومة وحدة وطنية واجتماع الإطار القيادي المؤقت لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية؛ بغية ترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي. ويبدو أن "حماس" تلقت هذه المبادرة خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة.

ويقول المصدر إن وفد حركة "فتح" الذي ذهب هو الآخر إلى القاهرة، يتحدث عن مبادرة جديدة ولكن بلغة قديمة متعلقة بشرط "التمكين" في غزة. ويرى المصدر أن كلاً من "حماس" والسلطة تريدان فتح مجال للحراك الجديد في المصالحة للمناورة لا أكثر، فالسلطة تريد أن تلتف على الخطة الأميركية وأي محاولة لإستثنائها، فيما "حماس" تريد انهاء الازمة والحصار، ما يعني أن عودة شكلية للحكومة إلى غزة قد تحصل.