إزالة حواجز دمشق: "وكأنك يا بو زيد ما غزيت"

رائد الصالحاني
الخميس   2018/06/28
أعيد افتتاح بعض الطرقات (انترنت)
ضجّت وسائل إعلام النظام منذ مطلع حزيران/يونيو بالأخبار عن إزالة الحواجز العسكرية والأمنية في دمشق ترافقت بتصريحات رسمية واحتفالات في مواقع التواصل الاجتماعي بانتهاء "الإرهاب" في العاصمة و"عودة الأمان" لها.

وصرحت مصادر رسمية لوسائل الإعلام عن الرغبة بإزالة 18 حاجزاً أمنياً وعسكرياً، أهمها المتمركزة في محيط "إدارة المخابرات الجوية" في ساحة التحرير، وفي دمشق القديمة ومحيط مشروع دمّر. محافظ ريف دمشق أكد وجود نية لإزالة 90 في المائة من الحواجز العسكرية "قريباً".

وخلال فترة وجيزة وبشكل مُفاجئ، أزيلت تلك الحواجز ليعاد فتح الطرقات أمام حركة السير الطبيعية من دون عمليات "الفيش الأمني" والتفتيش، ما أنسى الناس استمرار وجود حواجز رئيسية أخرى، لم ولن تُزال، إذ أن الحواجز التي أُزيلت لم تشكل فارقاً كبيراً في الخريطة الأمنية للعاصمة دمشق.

واتجهت ورشات تابعة لمحافظة دمشق إلى بعض أحياء المدينة لإزالة السواتر الاسمنتية التي قطعت أوصال تلك الأحياء منذ ستة أعوام متسببة بإغلاق بعض الطرقات أمام حركة السير لأغراض أمنية، ولإجبار السيارات بالمرور على حواجز عسكرية مُعينة.

إزالة السواتر الاسمنتية فتحت الطرقات في محيط ساحة التحرير وصولاً إلى باب توما، وفي محيط فرع "أمن الدولة" المعروف باسم "فرع الخطيب" بين شارع بغداد وحي القصور. كما فتحت الطرقات باتجاه ساحة العباسيين من أحياء التجارة والقصور والقصاع، وأزيلت الحواجز الاسمنتية بين الاتوستراد الدولي وحي القصور وصولاً لشارع بغداد. كما أعيد افتتاح بعض الطرقات في حي ركن الدين أمام المارة والسيارات بعد إجبارهم لسنوات على عبور حواجز ونقاط لـ"اللجان الشعبية".

ورغم ذلك، ينطبق على إزالة تلك الحواجز المثل الشعبي: "كأنك يا بو زيد ما غزيت". فما جرى حقيقة لم يتجاوز تغيير مواقع بعض الحواجز، وإلغاء بعض المُكرر منها.
بعد يومين على إزالة حاجزي ابن النفيس والفيحاء، على امتداد الاوتوستراد الواصل بين مساكن برزة وحي المزرعة، والتابعين لـ"الأمن السياسي"، نصب عناصر مخفر ركن الدين ومليشيا "الدفاع الوطني" في الحي حاجزاً جديداً على ذات الطريق، بعد الحاجز المُزال بقرابة 200 متر فقط، مع تثبيت متاريس رملية وحواجز حديدة جديدة.

في محيط "إدارة المخابرات الجوية" في ساحة التحرير، المُسوّر بجدران مُسلحة، أُزيل حاجزان مع إبقاء مفارز في بعض الحارات الفرعية، يمكنها تشكيل حواجز مؤقتة أو إعادة الانتشار في أي وقت.

وفي محيط سوق الهال في حي الزبلطاني، أٌزيل الحاجز المعروف بـ"حاجز المليون" بسبب فرضه أتاوات على البضائع الخارجة من السوق باتجاه أسواق دمشق. وبعد إزالته بساعات قليلة أعيد وضعه على الطرف المُقابل من الشارع في الطريق إلى باب توما.

وفي الطريق إلى أحياء دمشق الغربية المُمتدة على سفح قاسيون؛ قدسيا والهامة ومشروع دمّر ودمّر البلد، تنتشر حواجز من "فرع المداهمة 215" التابع لـ"جهاز الاستخبارات العسكرية". الحواجز على الطريق الذاهب باتجاه تلك البلدات أزيلت، مع الإبقاء على كافة الحواجز المتجهة إلى دمشق، وزيادة التدقيق الأمني عليها أكثر من السابق.

بالقرب من حي الفحامة في منطقة المجتهد وسط دمشق، أزيل الحاجز الأشهر في المنطقة، والذي كان يُجري فيشاً أمنياً للمارة بشكل دوري، ليستبدله جهاز "أمن الدولة" بحاجز جديد في منطقة الغواص الملاصقة مع تمدد يومي إلى منطقة الحاجز القديم، وإنشاء حواجز مؤقتة.
وأُزيلت بعض الحواجز الفرعية في محيط المتحلق الجنوبي وحي الزاهرة ومحيط دمشق القديمة، ولم يكن لمعظمها مهام أمنية واضحة، ووجودها كان بقصد إرهاب الناس لا أكثر.

وخلافاً للتصريحات الصادرة عن مسؤولي النظام حول إزالة أكبر حواجز ريف دمشق على مدخلي دمشق الشمالي والجنوبي، فليس هناك أي بوادر لإزالتها حتى اللحظة. ولا يزال حاجز "تاون سنتر" في مدخل دمشق الجنوبي على اوتوستراد صحنايا باتجاه دمشق، والتابع لـ"المخابرات الجوية"، قائماً حتى الآن، رغم حديث محافظ ريف دمشق عن إزالته قريباً ودمجه مع حاجز آخر في مدخل دمشق من جهة درعا بالقرب من مقر "الفرقة الأولى". المسؤولون عن حاجز "تاون سنتر" رفضوا الأمر، وأصروا على "البقاء مهما جرى"، بحسب مصادر "المدن" الخاصة. كما رفض القائمون على حاجز القطيفة في مدخل العاصمة الشمالي أوامر الانسحاب وفتح الطريق أمام المارة والتوقف عن تفتيشهم. ويعتبر "تاون سنتر" والقطيفة من أهم الحواجز المُربحة، ويمثلان مصدر دخل كبير يُقدر بملايين الليرات شهرياً للمسؤولين عنهما. ويفرض الحاجزان الأتاوات على المارة والمُسافرين، وعلى السيارات المحملة بالبضائع، الداخلة منها والخارجة من دمشق.

وتقول مصادر متقاطعة لـ"المدن" إن إزالة الحواجز هي أوامر روسية لتحسين مظهر العاصمة دمشق، على أن تبدأ بالحواجز الأضعف. وتتزامن عملية إعادة نشر الحواجز مع تسيير دوريات ونصب حواجز مؤقتة في أحياء مختلفة من دمشق، للبحث عن مطلوبين أمنياً وفارين من الخدمة الإلزامية، على أن يتم اعتماد آلية الحواجز المؤقتة رسمياً مع انتهاء إزالة الثابتة في دمشق.