الكيماوي السوري من باريس إلى بيروت.. فدمشق

المدن - عرب وعالم
الأربعاء   2018/05/30
AFP - أرشيف ©
كشفت مجلة "لكسبرس" الفرنسية عن فضيحة تتعلق بدور كبير لعبته ثلاث شركات فرنسية تتخذ من العاصمة باريس مقراً لها، وقامت بالمساهمة في برنامج الأسلحة الكيماوية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

على مرمى حجر من حي"بورت سان-دوني" الحيوي في باريس، يقع بناء مؤلف من خمسة طوابق، يفترض أنه يضم ثلاث شركات لاستيراد وتصدير مصابيح LED، لكن بمجرد عبور الرواق، لا يمكن ملاحظة مكاتب، ولا حتى أي أثر لنشاط ما؛ في الواقع، كانت هذه الشركات مقيمة، لكن عهدت إدارتها إلى شركة إدارة أعمال مجاورة، وهذه الأخيرة قامت بإلغاء عناوينها بحجة "عدم سداد" المصاريف.


في فبراير/شباط الماضي، اعتبرت هذه الشركات وهمية، وتم شطبها من قبل محكمة باريس التجارية بعد فرض عقوبات عليها، وهي: "سمارت بيغاسوس، سمارت غرين باور، ولوميير إليزيه". كما تم تجميد أصولها في 18 يناير/كانون الثاني الماضي من قبل المديرية العامة للخزانة، مع 22 شركة وفرداً من لبنان وسوريا والصين.

قام القضاء الفرنسي بحظر الحسابات المصرفية لتلك الشركات والأفراد لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، كما حظر على أي جهة فرنسية التعامل معهم. وفي الاتهام الموجه إليهم أن تلك الشركات والأفراد أصبحوا "في السنوات الأخيرة وسطاء نشطين لمركز الدراسات والبحوث السورية (CERS)"، وهو المركز المسؤول عن تطوير الأسلحة الكيماوية في سوريا.

وتتساءل "لكسبرس"، كيف يمكن أن تشارك ثلاث شركات فرنسية غير معروفة في برنامج الأسلحة الكيماوية لنظام بشار الأسد؟

"السلطات المعنية - كي دورسي (مقر وزارة الخارجية)، بيرسي (مقر الجمارك الفرنسية) ترفض التحدث في هذا الموضوع" تقول المجلة. وتضيف نقلاً عن مصدر مطلع على القضية، إن "جميع الكيانات المعنية انتهكت فعلاً قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1540 بشأن انتشار أسلحة الدمار الشامل"، وهي تشكل شبكتين لاقتناء مواد حساسة كانت وجهتها الأخيرة سوريا، حيث "ساهمت هذه الشركات، بشكل مباشر أو غير مباشر، في البرنامج السوري لتطوير الأسلحة المحظورة، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية".

الشركات الفرنسية الثلاث، تم تأسيسها من قبل جمال ركاب، وهو مواطن لبناني يحمل الجنسية الفرنسية، ولد في 20 مايو/أيار عام 1963 في بيروت، وكان يدير أعماله بين البلدين منذ العقد الأول من الألفية الثالثة، وخاصة في صناعة النسيج، ويقيم في المصيطبة.

في 9 ديسمبر/كانون الأول عام 2014، سجل ركاب في باريس شركة "SARL Smart Pegasus"، بنشاط معلن: "استيراد وتصدير جميع المنتجات غير المنظمة". وبعبارة أخرى، فإن البضائع التجارية غير المنظمة بالجملة، التي لا تنطوي على ضرورة إخطار معين للجمارك، في حالة عدم وجود خطر أو مواد سامة.

في 24 فبراير/شباط 2015، أي بعد شهرين من إنشائها، تقوم شركة "سمارت بيغاسوس" بتغيير وضعها وترحب بشركاء جدد، ومن بينهم أمير هاشم قطرنجي، وهو مواطن سوري ولد في 24 يونيو/حزيران 1966 في مدينة حماة السورية، وهو الرئيس التنفيذي لمجموعة الإلكترونيات "(Katrangi Trading (EKT"، التي تقوم بتسويق جميع أنواع منتجات الكمبيوتر والإلكترونيات مثل أجهزة الكشف عن المتفجرات، بطاريات السيارات، أو أنظمة التشغيل الآلي والتحكم. وحققت مجموعة قطرنجي التجارية في السنوات الأخيرة متوسط ​​دخل يبلغ 17 مليون دولار، من خلال مجموعة شركات تابعة لها في العديد من البلدان، بينها 2 في العاصمة السورية دمشق.

والشريكان الآخران للفرنسي اللبناني جمال ركاب، هما "محمد ا.ل"، وهو مدير مجموعة السوري أمير قطرنجي في بيروت، ولطفي إحسان شكري، وهو رجل أعمال سوري يعيش في حماة.

في عام 2016، أنشأ ركاب شركته الثالثة "سمارت غرين باور"، المتخصصة بالطاقة البديلة، وخاصة الطاقة الشمسية. شعار الشركة "اجعل العالم أفضل". وبينما تمتلك الشركات مواقع الكترونية على شبكة الانترنت، تعرض منتجاتها، إلا أنه لا يوجد أثر للمباني المستخدمة أو حتى إعلان عن سجل تجاري.

وبما أن ركاب يقيم في المصيطبة، في بيروت، فقد عهد إلى أسامة "ال.و" بإدارة وتمثيل مصالحه في فرنسا، وهو من مواليد بيروت يبلغ من العمر 41 عاماً، ويعيش في العاصمة الفرنسية باريس.

وتقول مجلة "لكسبرس"، إن نشاط تلك الشركات ومسؤولية كل فرد فيها حول دعم برنامج الأسد الكيماوي، وتتبع تفاصيل عمليات التسليم السرية، قد تبدو في غاية الصعوبة، لكنها تشير إلى الاشتباه في قيام شركة شحن بيروتية بنقل بعض المنتجات إلى لبنان. لكن ما الأدوار التي يمكن أن يلعبها الأفراد والكيانات المتورطة في فرنسا؟ هل عملوا بمثابة "أداة مالية" لإخفاء الصفقات التي تمت في مكان آخر؟ هل شاركوا في تصدير المنتجات المشبوهة؟

أستاذ العلوم السياسية في "ساينس بو" و"الجامعة الأميركية في باريس"، المتخصص في شؤون المنطقة زياد ماجد، يقول "للأسف، لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها لبنانيون، أو سوريون-لبنانيون في شراء منتجات الأسلحة الكيماوية.. دمشق تقوم بتجنيد رجال أعمال من الدول المجاورة أو الغرب للقيام بصفقات معقدة".