الشرطة الحرة في عفرين: بسط الأمن الداخلي

منتصر أبو زيد
الثلاثاء   2018/05/29
العنصر النسائي سيكون حاضراً (Getty)
بدأت الشرطة الحرة مزاولة مهامها قبل يومين في مدينة عفرين، بعد تخريج الدفعة الأولى من معسكرات التدريب في مرسين التركية. وستأخذ الشرطة الحرة مكان الفصائل العسكرية في حفظ الأمن الداخلي، أسوة ببقية مناطق ريف حلب الشمالي.

الوالي التركي على عفرين، كلّف الشرطة الحرة بمهامها الأمنية بشكل رسمي، خلال كلمة ألقاها الجمعة، في حفل عسكري أقيم بهذه المناسبة، بحضور ضباط أتراك وسوريين، وقادة من فصائل المعارضة، وفعاليات ثورية ومدنية، وبتغطية إعلامية سورية وتركية. وأكد الوالي في كلمته على أهمية الشرطة الحرة ودورها في حفظ الأمن الداخلي إلى جانب فصائل الجيش الحر، وحيّا الفصائل وشكرها على بطولاتها، وقال إن تركيا قدمت شهداء في معركة تحرير عفرين إلى جانب شهداء فصائل الجيش الحر. وتم تسليم علم الثورة خلال الحفل من قادة الجيش الحر في عفرين إلى ضباط الشرطة ليعلنوا استلام مهامهم بشكل رسمي.

وأدى عناصر الشرطة عرضاً عسكرياً بلباسهم الرسمي ورددوا شعارات ثورية ووطنية خلال العرض وجابوا بأرتال منظمة شوارع عفرين وسط حشود كبيرة من المدنيين وفي ظل تشديد أمني من الجيش التركي وتحت حماية عناصره وآلياته.

قائد شرطة عفرين المقدم رامي طلاس، قال لـ"المدن"، إن الهدف الرئيس للشرطة الحرة سيكون بسط الأمن والأمان الداخلي، إذ ستحل الشرطة الحرة مكان الفصائل العسكرية داخل المدينة وستستمر الفصائل بحماية المدينة من الخارج. وبيّن طلاس إن عدد خريجي الدورة الأولى للشرطة التي تسلمت مهامها بلغ 620 عنصراً تم توزيعهم وفق الاختصاصات ضمن مدينة عفرين، وستكون مهمتهم بسط الأمن والأمان ومكافحة الإرهاب وملاحقة خلايا حزب "العمال الكردستاني" و"داعش" وتنظيم السير وحماية مداخل المدينة ومخارجها.

وأضاف طلاس: "يوجد دورتين للشرطة الحرة قيد التدريب في مدينتي أنقرة ومرسين التركيتين، وسيجري العمل على إعداد وتدريب دورات أخرى من الشرطة ليتم توزيعها على جميع نواحي عفرين وقراها لضمان عودة الحياة الطبيعية للمنطقة وإنهاء المظاهر العسكرية غير اللازمة وإبقاء دور الفصائل على الجبهات الخارجية".

ومن المقرر أن يتم تخريج 7000 عنصر شرطة في الدورات التي سيتم تدريبها لاحقاً، ليتم توزيعهم على نواحي منطقة عفرين: جنديرس، راجو، شران، بلبل، شيخ الحديد، معبطلي وعلى كافة القرى التابعة لها والتي يبلغ عددها 360 قرية.

العنصر النسائي سيكون حاضراً بين كوادر الشرطة المستقبلية بعد الانتهاء من تدريب الذكور، أسوة بالشرطة في مناطق ريف حلب الشمالي. وسيكون دور الشرطة النسائية هو الإشراف على سجون النساء وتنفيذ عمليات تفتيش النساء والمنازل والتواجد في المشافي كي لا يتم تجاوز عادات وتقاليد المنطقة.

ويشترط في قبول المنتسبين للشرطة النجاح في المقابلات التي تجريها قيادة الشرطة، وأن يتراوح العمر بين 18- 45 عاماً، وأن يجيد المنتسب القراءة والكتابة.

ويتم تدريب المنتسبين وتعيينهم وفق المؤهلات العملية والخبرات السابقة ضمن اختصاصات الأمن الجنائي ومكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات والتدخل السريع وشرطة المرور. وتوجد أقسام رديفة أيضاً كالهندسة والألغام والإعلام العسكري ورفع البصمات وغيرها. وتسعى قيادة الشرطة للاستفادة من الكوادر ذات الخبرات السابقة كالمنشقين عن الجيش السوري وعناصر الشرطة المنشقين عن النظام. وقد تم تخريج صف ضباط وأفراد، في الدفعة الأولى، ومن المخطط تخريج دورات ضباط في المستقبل.

ولا تشترط القيادة على المنتسبين إلى الشرطة الحرة العرق أو الدين، ويسمح للعرب والأكراد وغيرهم الانتساب للشرطة من دون تمييز. ويسمح لجميع السوريين بالتطوع. وقد شملت الدفعة الأولى أبناء مناطق ريف حلب وإدلب وحماة ودمشق وريفها وحمص وأبناء المحافظات الشرقية وغيرها.

وتخضع عفرين لسيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية التي شاركت في تحريرها من حزب "العمال الكردستاني" في معركة "غصن الزيتون" في شباط/فبراير. وأهم تلك الفصائل؛ "لواء السلطان مراد" و"فرقة الحمزة" و"فيلق الشام"، و"حركة نور الدين زنكي"، و"جيش أحرار الشرقية" و"الجبهة الشامية"، و"جيش النصر" و"لواء صقور الجبل" و"حركة أحرار الشام". وتنتشر هذه الفصائل في نواحي عفرين وقراها، ويقيم عناصر الفصائل مع ذويهم في المنطقة. ومن المفترض أن يغادر هؤلاء العناصر منطقة عفرين، بعد تسلم الشرطة الحرة عملها ما يعني توفر منازل جديدة للسكن وزوال المظاهر العسكرية عدا بعض نقاط الجيش التركي.

وتُتهم فصائل المعارضة هناك بأعمال السرقة والسطو على ممتلكات الأكراد الذين فرّوا من منازلهم إلى نبل والزهراء وتل رفعت خلال معركة تحرير عفرين. وقد أصدر "المجلس الإسلامي السوري" بياناً حرّم فيه الأعمال التي يقوم بها بعض عناصر الفصائل في عفرين من استيلاء على ممتلكات المدنيين وأعمال الخطف والترويع.

وتدور مناوشات داخل المدينة بين الحين والآخر بين الفصائل المتواجدة فيها بسبب الخلافات على المقرات والمنازل وعلى الحواجز، وغالباً ما يتدخل الجيش التركي لفض الاشتباكات. وقد تم تشكيل شرطة عسكرية سابقاً في المدينة، تضم عناصر من جميع الفصائل، إلا أنها لم تتمكن من أخذ دورها اللازم بسبب ميول عناصرها لفصائلهم الأصلية. ولا تزال الشرطة العسكرية متواجدة حتى الآن ومن المفترض مغادرتها المدينة بعد تسلم الشرطة الحرة مهامها بالكامل.

ولجأ آلاف المدنيين في الشهرين الأخيرين إلى عفرين معظمهم من مهجري الغوطة الشرقية ومنهم من المناطق المتاخمة للنظام في الشمال السوري، إلا أن سلطة الفصائل المطلقة وغياب الشرطة الحرة تسبب في عودة الكثيرين منهم إلى ريف إدلب وريف حلب. كما أن عودة مئات العائلات الكردية من المناطق التي نزحت إليها سابقاً أدت إلى إخراج العائلات من منازلها وحدوث اكتظاظ سكاني كبير. ويأمل سكان عفرين بانفراج الاكتظاظ السكاني بعد خروج الفصائل العسكرية وإفراغ المنازل والمقرات لصالح المدنيين والسماح بفتح المحال التجارية المغلقة المتاخمة للمقرات.

ويعمل المجلس المحلي لمدينة عفرين بالتنسيق مع الجانب التركي على إصدار هويات مؤقتة تعريفية للمقيمين في عفرين، خاصة أن معظم القاطنين فيها هم من المناطق المهجرة ممن فقدوا ثبوتياتهم الشخصية خلال الأحداث الأمنية في مناطقهم. وبعد إتمام هذه الخطوة تكون قد انتقلت عفرين من صبغتها العسكرية إلى المدنية. وسيكون لسيطرة الشرطة الحرة على المدينة دور في إتمام هذه المهمة من خلال التنظيم الإداري والأمني، وبتوقف حركة التنقلات السكانية من وإلى المدينة.