خطوة الحوثيين التالية بعد مقتل الصماد

المدن - عرب وعالم
الثلاثاء   2018/04/24
AFP ©
يذهب مراقبون للقول إن اليمن دخل مرحلة جديدة من الحرب، بعد الضربة التي تلقتها جماعة الحوثيين (أنصار الله) بمقتل ما يسمى رئيس "المجلس السياسي" صالح الصماد، الذي يعادل منصب الرئيس في السلطة الانقلابية للحوثيين غير المعترف بها دولياً؛ لكن تحديد طبيعة هذه المرحلة وما إذا كانت ستتضمن تصعيداً في المواجهة بين الحوثيين والتحالف أم خلاف ذلك لا ينفصل عن مجموعة من الملاحظات التي يمكن التوقف عندها على هامش مقتل الصماد.


الملاحظة الأولى ترتبط بطبيعة الرد الذي ستختاره الجماعة. هل سيكون محدوداً أم نوعياً؟ وللجماعة، بحسب ما يظهر من تطور قدراتها العسكرية خلال الآونة الأخيرة، بما في ذلك تكثيف إطلاق الصواريخ البالستية باتجاه السعودية، فضلاً عن تنفيذها هجوم صافر في محافظة مأرب في 2015، والذي أدى إلى مقتل عشرات الجنود التابعين للتحالف معظمهم إماراتيون، القدرة على اعتماد خيار التصعيد النوعي والمؤلم أو الرد المحدود. ولكلا الخيارين تكلفتهما ودلالاتهما. فأي رد كبير ونوعي يعني تصعيداً في الحرب، في حين أن الرد المضبوط سيكون إشارة، ولو غير مباشرة، إلى نية الجماعة تجاوز الضربة التي تلقتها والحفاظ على حظوظ المسار السياسي الذي يحاول المبعوث الأممي الجديد مارتن غريفيث إحياءه.

الملاحظة الثانية تتعلق بمدى قدرة الجماعة على تجاوز هذه الضربة، إذ فاقم انتظار جماعة الحوثيين، منذ الخميس الماضي، وحتى الاثنين، للإعلان عن مقتل الصماد في غارة خلال تواجده في الحديدة، الخشية من انعكاسات قوية لمقتله، خصوصاً أنها كانت تطلق عليه صفة "الرئيس" في المناطق الخاضعة لسيطرتها. كما أنها سارعت لإعلان حالة الجهوزية القصوى.

لكن التوقف عند طبيعة المهمات التي كانت مناطة بالصماد منذ توليه هذا المنصب في أغسطس/آب 2016 وتركيزه على التحشيد الإعلامي والسياسي والعسكري مقابل غيابه عن رسم القرارات السياسية والعسكرية للجماعة، يعزز من الرأي القائل إن الجماعة قادرة على تجاوز تأثيرات هذه الضربة سياسياً وعسكرياً، وبشكل سريع، لاسيما أنها حرصت على ملء فراغ المنصب عبر تعيين مهدي المشاط خلفاً للصماد.

ذلك يحيل ضمناً إلى الملاحظة الثالثة، والمرتبطة بمدى دقة التسريبات عن خلافات كانت تطبع علاقة الصماد بقيادات حوثية بارزة، وبالتالي كيف تنظر الجماعة إلى مقتله.

لم تكد جماعة الحوثيين تعلن عن مقتل الصماد حتى خرجت أخبار عن خلافات بينه وبين كبار قيادات الحوثيين في الآونة الأخيرة، يتقدمهم رئيس ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" محمد علي الحوثي، الوجه الأبرز والأكثر تشدداً لسلطة الانقلاب في العاصمة صنعاء، والذي يفرض نفوذه في الوزارات والمؤسسات الرسمية.

كذلك، برزت اتهامات للجماعة بتصفية الصماد قبل ظهور تسريب من التحالف يظهر مسؤوليته عن الغارة في الحديدة. وهو ما يثير التساؤل حول أسباب غياب أي من هذه التسريبات طوال الفترة الماضية على الرغم من أن معظم الذين تداولوها خلال الساعات الـ24 الماضية يعرفون بتوجيه انتقادات علنية للحوثيين، وبالتالي لم يكن يوجد ما يمنعهم من الحديث علناً عن هذه الخلافات قبل مقتله.

على الرغم من كل ذلك، لا يبدو احتمال وجود خلافات بين الصماد وقيادات حوثية أخرى مستبعداً، وهو ما ستؤكده أو تنفيه التطورات خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن الجماعة اختارت مهدي المشاط خلفاً للصماد لرئاسة "المجلس السياسي". وتفرض خلفية عمل الأخير كمدير لمكتب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي والتشدد الذي يعرف به، نمط تعامل مختلف معه من قبل باقي القيادات الحوثية في صنعاء، والتي تردد أنها كانت تعرقل أو تستخف بالصماد.

وعملياً فإن اختيار المشاط كخليفة للصماد، يعني انهاء مرحلة التباينات، أيا كان حجمها، لأن مجموعة "الصقور" باتت الأعلى صوتاً، فضلاً عن أن الاصطدام بها يعني الاصطدام بزعيم الجماعة شخصياً، وهو ما لن تجرؤ أي من قيادات الحوثيين على القيام به علناً.