لا "مصالحة" في دوما.. والنظام يقصفها بأسلحة محرمة

عمار حمو
الثلاثاء   2018/03/20
بقصف مدينة دوما انتهت كل بوادر "المصالحة" (Getty)
تعرضت مدينة دوما في الغوطة الشرقية، الإثنين، لقصف بشتى أنواع الأسلحة المحرمة دولياً كالنابالم والفوسفور والكلور، في تصعيد عسكري جديد لمليشيات النظام بعد هدوء استمر لأيام. وقال الدفاع المدني إن المدينة تعرضت، الإثنين، للقصف بأكثر من 50 غارة جوية، وما يزيد عن 40 صاروخاً محملاً بالفوسفور. فيما تضاعفت أعداد الغارات والصواريخ حتى ساعة متأخرة من فجر الثلاثاء.

وقتل نتيجة قصف النظام على الغوطة الشرقية، الإثنين، نحو 42 مدنياً بينهم نساء وأطفال، وبلغ عدد قتلى مدينة دوما لوحدها نحو 17 مدنياً.

وقال مصدر محلي لـ"المدن" إن الطائرات الحربية والحوامة لم تفارق سماء المدينة، واستخدم النظام في قصفه الصواريخ المظلية شديدة الانفجار، واخترقت تلك الصواريخ بعض الأقبية في مدينة دوما.

ويستخدم المدنيون في مدن وبلدات الغوطة الشرقية الملاجئ والأقبية هرباً من قصف النظام خلال حملته الأخيرة، التي تعدّ الأعنف على الغوطة منذ حصارها قبل خمس سنوات. وباستخدامه الصواريخ المظلية شديدة الانفجار، لم تعد الأقبية آمنة للمدنيين.

وأنهى النظام بقصف مدينة دوما كل بوادر "المصالحة" التي كثر الحديث عنها خلال الأيام الماضية، والتي تحدثت عن وجود اتفاقات غير معلنة بين "جيش الإسلام" والنظام، تقضي بفتح النظام للمعابر وإخلاء الجرحى، وتهجير الراغبين بالخروج من دوما.

وجاء التصعيد بعد إطلاق "جيش الإسلام" عمليات عسكرية معاكسة على المناطق التي خسرها لصالح النظام، الأحد. وخسر "جيش الإسلام" خلال الحملة الأخيرة لمليشيات النظام، التي بدأت في 20 شباط/فبراير، نحو ثلثي مناطق سيطرته، وفصل النظام مناطق سيطرته في دوما عن مناطق "فيلق الرحمن" في القطاع الأوسط.

وأفادت مصادر محلية لـ"المدن" أن "جيش الإسلام" تمكن من استعادة بلدة مسرابا، ونقاط أخرى على جبهات الريحان والشيفونية. وقال القيادي في "جيش الإسلام" سعيد درويش، في تسجيل صوتي: "اللقاء بالقطاع الأوسط بات قريباً"، في إشارة إلى تقدم "جيش الإسلام" على جبهة مسرابا.

ولكن "جيش الإسلام" رفض التصريح رسمياً عن أي تقدم عسكري. الناطق باسم "أركان جيش الإسلام" حمزة بيرقدار، قال لـ"المدن": "لا نريد التحدث عن التطورات العسكرية الميدانية لا من قريب ولا من بعيد حفاظاً على استمرار عملنا".

وكان "جيش الإسلام" قد أعلن، الإثنين، عن إسقاط طائرة استطلاع إيرانية الصنع على جبهة الريحان، وإفشال محاولات النظام في اقتحام بلدة الريحان من محاور متعددة. مصادر محلية قالت إن "جيش الإسلام" تمكن من قتل نحو 100 عنصر لقوات النظام وتدمير دبابتين خلال الساعات الـ24 الماضية.

وذكرت صفحات موالية للنظام أن "جيش الإسلام خرق اتفاق الهدنة وشن هجوماً على محور الشيفونية ومسرابا، في محاولة لتحسين شروط التفاوض"، في إشارة إلى "الهدنة" التي أعلنتها روسيا مطلع أذار/مارس، لخمس ساعات يومياً، والتي تم تمديدها قبل يوم واحد من آخر قافلة مساعدات، منتصف أذار/مارس.

مدير المكتب السياسي لـ"جيش الإسلام" ياسر دلوان، قال لـ"المدن"، إن "نظام الأسد يسعى من خلال تصعيد القصف على دوما الى تفكيك المجتمع محلياً، وأن يدفع المدنيين إلى الخروج عبر معابره كما حدث في مناطق أخرى من الغوطة". وأضاف دلوان "يظن النظام أنه بتصعيد القصف سيخرج المدنيون، ولكن الناس ترفض المعادلة إما أن تموت بالقصف أو في معتقلات الأسد"، مشيراً أن الخروج العشوائي وغير الآمن مرفوض.

تصريح دلوان جاء بعد موجة نزوح شهدها القطاع الأوسط عبر ما أسماه النظام "معبراً آمناً" في بلدة حمورية، وانتشار صور وفيديوهات لعمليات تعذيب وانتهاكات بحق المدنيين الذين خرجوا إلى مناطق النظام.

ونقل ناشطون في الغوطة الشرقية عن عائلات خرجت إلى مناطق النظام، أنهم يتعرضون لمعاملة سيئة، ويعيشون تحت الإقامة الجبرية في مراكز الإيواء، فيما يتعرض الشبان للاعتقال.

ورغم اشتداد المعارك بين مليشيات النظام و"جيش الإسلام" في محاور متعددة، إلا أن "جيش الإسلام" يُحمّل النظام مسؤولية عدم التوصل لوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية. بيرقدار قال لـ"المدن": "النظام لا يريد التفاوض وإنهاء حمام الدم الذي يسفكه هو وحلفاؤه"، وأشار بيرقدار إلى أن "اجتماعاً حصل في الغوطة الشرقية مع وفد من الأمم المتحدة وتمت مناقشة اقتراحات للعمل عليها، وصولاً إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وإخلاء الحالات المرضية، ولكن النظام وحلفاءه لم يلتزموا بالقرارات والاتفاقيات وآخرها القرار الدولي 2401".

وأكد بيرقدار أن فصائل الغوطة مجتمعة؛ "جيش الإسلام" و"أحرار الشام" و"فيلق الرحمن"، أصدرت بياناً مشتركاً، أبدت فيه استعدادها التام لإجراء مفاوضات مباشرة مع الجانب الروسي برعاية الأمم المتحدة، لبحث آليات تنفيذ قرار مجلس الأمن 2401، ورفض سياسة التغيير الديموغرافي والتهجير القسري.