عباس رمى قنبلة..لتنفجر داخل صفوف حماس

أدهم مناصرة
الثلاثاء   2018/03/20
Getty ©
عادت أجواء المصالحة الفلسطينية إلى ما كانت سائدة عليه قبل اكتوبر/تشرين الأول، بمجرد إعلان رئيس السلطة محمود عباس عن نيته اتخاذ اجراءات "وطنية وقانونية ومالية" في قطاع غزة، رداً على استهداف موكب رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله بعبوة ناسفة، الأسبوع الماضي، مُتهماً حركة "حماس" بالوقوف وراء الحادثة.

ودانت حركة "حماس" بشدة ما ورد من تصريحات وصفتها بغير المسؤولة لعباس، خلال اجتماع القيادة الفلسطينية في مقر المقاطعة في رام الله، معتبرة إياها خروجاً عن اتفاقات المصالحة.

وقالت الحركة في بيان صحافي، إن الرئيس عباس "يعمد ومنذ فترة إلى محاولة تركيع أهلنا في غزة وضرب مقومات صمودها في لحظة تاريخية صعبة وخطيرة". ودعت إلى الذهاب لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، تفرز قيادة مؤهلة لتحقيق المصالحة وإنهاء الإنقسام.

كما أعلنت حركة "الجهاد الإسلامي" استنكارها وإدانتها للتصريحات التي أطلقها رئيس السلطة، مؤكدة أنها "تشكل تهديدا لوحدة الشعب الفلسطيني، وتعطي مزيدا من التأييد للحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة".

قيادي شارك في اجتماع اللجنة التنفيذية، قال لـ"المدن"، إن لدى عباس معطيات "جازمة" تشير إلى ضلوع "تيار" في "حماس" بعملية استهداف موكب الحمد الله، وأن عباس ترك الباب مفتوحاً أمام "حماس" للإعلان عن ذلك وعدم التستر، مُعتبراً أن تلويح عباس بإجراءات ضد غزة، هدفها الضغط على "حماس" لكشف الحقيقة التي "لن تجرؤ على قولها، لأن ذلك يعني صراعات داخلية في الحركة".

ويضيف المصدر، أن عباس لم يذكر اسماء الأشخاص المتورطين من "حماس" بعملية التفجير عن قصد؛ بغية إيصال رسالة لـ"حماس" لكي تكون جريئة وتُعلن حيثيات ما جرى. ويرى القيادي أن الهدف من التفجير هو القول "ممنوع أن تدخل حكومة الحمد الله إلى غزة".

وحول طبيعة الإجراءات العقابية التي لوح بها عباس وزمن البدء بتنفيذها، قال المصدر إنه من السابق لأوانه أن نتحدث عن ماهيتها، مُرجحاً أن تُنفذ بعد انعقاد المجلس الوطني وليس قبله، وذلك لإعطاء "حماس" الفرصة الكافية لتحسم أمرها وتعلن الحقيقة.

وكشف المصدر عن أن الإتصال الذي جرى بين عباس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبيل اجتماع القيادة الفلسطينية، ركّز على قضية تفجير موكب الحمد الله والخطوات اللاحقة من قبل السلطة، مُبيناً أن الجانب المصري يحاول "أن يمسك العصا من المنتصف"، وطلب السيسي من عباس عدم التصعيد ضد غزة.

ويرى القيادي في "منظمة التحرير" الفلسطينية، أن "مصر لديها مصلحة بعدم التصعيد ضد غزة، لان ذله سيدفع إلى الإنفجار الذي يضر بأمنها، علاوة على انها مستفيدة من حماس لحفظ أمنها في سيناء"، على حد قوله.

ويعتقد أن هناك تياراً من "حماس" متضرر من المصالحة، ويستند إلى "قاعدة اجتماعية من الأثرياء الجدد وأحلاف معينة". ويقول هذا التيار في نقاشات الحركة الداخلية "أن علينا انتظار نتيجة الصدام المرتقب بين قيادة المنظمة وامريكا على إثر صفقة القرن"، ليحددوا مسار المصالحة وتجييرها لمصلحتهم، وفقاً للمصدر.

وبغض النظر عن مدى صحة وقوة الحجة لأي من الأطراف الفلسطينية المتصارعة، فإن النتيجة التي يحذر منها الجميع هي واحدة؛ فبحسب عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير نبيل عمرو، الأمر الواضح الآن هو أننا مقبلون نحو قطيعة شاملة وربما مطلقة بين الضفة وغزة، مُرجحاً أن مناخا سيُخلق هو الأخطر منذ بدء الإنقسام قبل أحد عشر عاماً.

وأوضح عمرو لـ"المدن"، أن المصالحة من الأساس كانت تبدو مستحيلة، ولكن تفجير موكب الحمد الله كان بمثابة "الشعرة التي قسمت ظهر البعير"؛ لتكون نقطة البداية لمرحلة صعبة للغاية، وتتحول من الصراع إلى التفجير.

ولا يستبعد عمرو استثماراً أميركياً وجهات أخرى للمناخ الحالي، لتكريس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وبأيدٍ فلسطينية، تحت حجة "منع الإنفجار وتخفيف ازمات غزة"، لاسيما أن سيناريو الفصل معمول به منذ سنوات، بحسب نبيل عمرو. وختم حديثه بالقول، إن "المواطن الفلسطيني يئس من الصراع الداخلي وانصرف الى شأنه الخاص، وهذه ظاهرة خطيرة يجب الإنتباه لها ومعالجتها إن أمكن".

إسرائيلياً، قال المراسل العسكري للإذاعة الإسرائيلية العامة غال بيرغر، إن "أبو مازن ألقى القنبلة في يد حماس.. لكن، كيفية انفجارها تعتمد على العديد من المتغيرات التي يصعب معرفتها. فأبو مازن اوضح الليلة الماضية (إما أن غزة كلها تحت سيطرتي أو ستتحمل حماس العواقب) ما يعني طريقاً مسدوداً"، وفق بيرغر.

غضب عباس لم يقتصر على "حماس"، إذ طال السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان أيضاً. وندد البيت الأبيض بتصريحات رئيس السلطة ووصفه السفير الأميركي في إسرائيل بـ"ابن الكلب".

وقال المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، إن "الوقت حان لكي يختار الرئيس عباس بين خطاب الكراهية وجهود ملموسة لتحسين حياة شعبه وإيصاله إلى السلام والازدهار"، فيما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو ما وصفه بـ "هجوم عباس" على فريدمان، يُدلل على أنه فقد صوابه "لأنه للمرة الأولى منذ عشرات السنين تقول الإدارة الأميركية للقيادة الفلسطينية كفى".