لقاء عباس-بوتين: استكشاف مرجعية جديدة للتفاوض

أدهم مناصرة
الأحد   2018/02/04
AFP ©

في سياق الترجمة العملية لقرارات المجلس المركزي لـ"منظمة التحرير" ولجنتها التنفيذية، التي أكدت عقب اجتماعها في رام الله، ليل السبت، المضي قدماً في حراكها الدولي- رداً على اعلان ترامب بشأن القدس، وخطوات الأمر الواقع الإسرائيلية، يلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الثاني عشر من شباط/فبراير الحالي.

ويبدو أن لقاء عباس-بوتين سيكشف سقف الكلمة المرتقبة لرئيس السلطة في مجلس الأمن، والتي تندرج في إطار ما تعتبره القيادة الفلسطينية نضالها الدبلوماسي للوصول إلى آلية جديدة لعملية السلام بعيداً عن الرعاية الأميركية المنحازة لإسرائيل.

مصادر قيادية فلسطينية في رام الله أكدت، لـ"المدن"، أن عباس يريد أن يستكشف خلال اللقاء آفاق وإمكانيات دعوة روسيا لمؤتمر دولي للسلام على أراضيها، خاصة وأن ذلك كان ضمن مخرجات مؤتمر أنابوليس عام 2007، الذي شاركت فيه 55 دولة بموافقة روسية-امريكية حينها، لكن واشنطن أفشلت عقد المؤتمر على مدار 11 عاماً، لقطع الطريق أمام محاولات الخلاص من رعايتها الحصرية للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

وتقول القيادة الفلسطينية إن الظروف والمناخات باتت مواتية الآن لإنعقاد هذا المؤتمر، على قاعدة أن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة لرعاية الملف، حيث من الممكن أن يشارك فيه (حال انعقاده) جميع الأطراف المعنية، وعلى رأسها الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي.

لكن بيت القصيد من هذا المؤتمر، بحسب المصادر الفلسطينية، ليس انعقاده بحد ذاته، بل هو الآلية الدولية الجديدة الراعية لعملية السلام، التي يجب أن تنجم عن المؤتمر. والواقع، هناك مقترحات عديدة موجودة على ساحة النقاش في ما يخص هذه الآلية الدولية، بينها ما يدعو إلى أن تكون مشكلة من (5+5) أو (5+7) بمعنى 5 دول دائمة العضوية في الأمم المتحدة والبقية تتكون من اطراف دولية أخرى راغبة بذلك، علاوة على وجود مقترحات لصيغ أخرى.

لكن سفير فلسطين لدى روسيا عبد الحفيظ نوفل، بدا دقيقاً ومتحفظاً في اعتبار مسألة المؤتمر الدولي للسلام هو الأساس في لقاء بوتين-عباس، رغم تأكيده انه يندرج في المباحثات بين الرجلين. ويبرر نوفل، لـ"المدن"، هذا الحذر بأنه مبني على عدم وضع آمال باتجاهات معينة من شأنها أن تصطدم بمفاجآت ما.

ويشدد نوفل على أن المرجعية الجديدة لعملية السلام هي الغاية النهائية، بغض النظر إن جاء من عباءة مؤتمر دولي للسلام، أم تم الذهاب إلى بلورة صيغة جديدة بهذا الاتجاه مباشرة.

ويشدد نوفل على القول إن الهدف الفلسطيني ليس اخراج واشنطن كلياً من رعاية عملية السلام، وإنما أن تكون إلى جانبها أطراف آخرى فاعلة لإحتضانها على اساس قرارات الشرعية الدولية لوقف الرعاية المنفردة، تؤدي بالمحصلة لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأما رغبة روسيا في الدعوة لمؤتمر دولي أو رؤيتها لمرجعية جديدة للسلام، فستتبين خلال مباحثات عباس-بوتين، وفقاً لنوفل، خاصة أنه جرى استكشاف مواقف أطراف اخرى مثل الاتحاد الاوروبي والصين.

ويكشف السفير الفلسطيني في موسكو، أن قيادة السلطة تريد أن تُمهّد لحوار بنّاء وجادّ بين الدول العظمى بهذا الشأن، علّها تصل إلى اتفاق حول الصغية الجديدة لعملية السلام، موضحاً "أننا ندرك أن الأمر ليس بالسهولة لأنه سيلقى معارضة أميركية ورفضاً إسرائيلياً، وسيحتاج إلى تراكم وجهد ووقت. ولكن نسعى إلى الممكن".

وسيؤكد عباس في كلمته المقررة أمام مجلس الامن في العشرين من شباط/فبراير الحالي، على المرجعية الدولية الجديدة للمفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، باعتباره خياراً سياسياً للقيادة الفلسطينية يعكس تمسكها بعملية السلام ولكن على أساس الشرعية الدولية، وبما سيؤدي لحل الدولتين بشكل رئيسي.

وكانت إذاعة "راية" الفلسطينية نقلت، في وقت سابق، عن رئيس المركز الروسي-العربي مسلم شعيتو قوله، إن عقد مؤتمر دولي للسلام في روسيا ليس الغاية بحد ذاته، ولكن تستطيع موسكو ان تقدم رعاية لمشروع يرمي إلى بدء عملية سلام حقيقية على أن تكون مشاركة الدول الأخرى تحت مظلة الأمم المتحدة.

وأوضح شعيتو أن بإمكان روسيا أن تضغط "نسبياً" على إسرائيل هذه المرة لقبول المرجعية الجديدة، وذلك من خلال مقايضة ذلك بسوريا التي يُعد التواجد الروسي فيها عاملاً مهماً تعتمد عليه الدولة العبرية لتحقيق أمنها؛ فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زار روسيا 7 مرات في غضون عامين، إدراكاً منه لمقدرة موسكو على ضمان أمن إسرائيل في الشرق الأوسط.