السترات الصفراء تشل باريس:"ماكرون..تنحى"

المدن - عرب وعالم
السبت   2018/12/08
(Getty)
أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على متظاهري "السترات الصفراء"، وسط باريس، السبت، مع بدء موجة احتجاجات للاسبوع الرابع على التوالي. وخرجت تظاهرات منسقة نظمتها حركة "السترات الصفراء" في أنحاء البلاد، بما في ذلك في طرق سريعة ما تسبب بتعطيل حركة السير.

وأطلق المتظاهرون هتافات "ماكرون، تنحى" قرب جادة الشانزيليزيه، التي شهدت السبت الماضي أسوأ أعمال شغب في باريس منذ عقود.

وقال رئيس الوزراء إدوار فيليب في التلفزيون: "سنبذل قصارى جهدنا ليمر اليوم من دون عنف كي نستطيع مواصلة الحوار الذي بدأناه... في ظل أفضل ظروف ممكنة". وأعلن فيليب أنه تم نشر نحو 89 ألف عنصر شرطة في أنحاء البلاد بينهم 8000 في باريس حيث تم نشر عشرات العربات المدرعة لأول مرة منذ عقود.

وأعلن فيليب أنه تم اعتقال 481 شخصا في باريس في وقت نفذت الشرطة عمليات تفتيش استهدفت من يصلون إلى محطات القطارات وفي المواقع التي تركزت فيها الاحتجاجات على غرار الشانزيليزيه ونصب الباستيل. وبين المعتقلين عشرات تم توقيفهم بعدما عثرت السلطات بحوزتهم على أقنعة ومطارق ومقاليع وحجارة يمكن استخدامها لمهاجمة الشرطة.

وكان فيليب قد أعلن الثلاثاء أن حكومته ستعلق الزيادة على ضريبة الوقود، لمدة ستة أشهر على الأقل، للمساهمة في تهدئة الاحتجاجات التي بدأت منذ أسابيع. ورضخ ماكرون هذا الأسبوع لبعض مطالب المحتجين عبر إجراءات لمساعدة الفقراء والطبقة المتوسطة التي تعاني من صعوبات معيشية تضمنت إلغاء الزيادة التي كانت مرتقبة في الضرائب على الوقود والحفاظ على أسعار الكهرباء والغاز في 2019.

واتسع الحراك فخرجت تظاهرات في عشرات المدارس للاعتراض على إصلاحات تتعلق بدخول الجامعات بينما دعا مزارعون إلى تظاهرات الأسبوع المقبل. وفي مسعى للاستفادة من التحرك، دعت نقابة "سي جي تي" إلى إضرابات في صفوف عمال السكك الحديد والمترو الجمعة المقبل للمطالبة بزيادة فورية للرواتب والمعاشات التقاعدية.

وانطلقت المظاهرات في تشرين الثاني/نوفمبر، احتجاجاً على زيادة الضرائب على الوقود، ثم تحولت إلى تمرد واسع مشوب بالعنف. ولا يوجد زعيم رسمي لحركة الاحتجاج ما يجعل من الصعب التعامل معها. وتقول السلطات إن الاحتجاجات اختطفتها عناصر يمينية متطرفة، وعناصر فوضوية، تصر على العنف وتثير اضطرابات اجتماعية في تحد مباشر لماكرون وقوات الأمن.

وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير: "أخذنا الاستعداد لرد قوي". وناشد المحتجين السلميين عدم التواجد في المكان نفسه مع "مثيري الشغب". وأضاف: "مثيرو الشغب لن يكونوا مؤثرين إلا إذا تخفوا وراء السترات الصفراء. العنف ليس وسيلة جيدة على الإطلاق لتحصل على ما تريد. الآن وقت النقاش".

وبدت باريس في معظم أجزائها كما لو كانت مدينة أشباح في وقت مبكر السبت، إذ أغلقت المتاحف والمتاجر في يوم كان يفترض أن يكون للتسوق في أجواء احتفالية قبيل عيد الميلاد. وكان عدد السائحين قليلاً، وناشدت السلطات السكان البقاء في منازلهم قدر المستطاع.

وتم إغلاق متاجر ومتاحف وبرج إيفل إلى جانب العديد من محطات القطارات ومعظم المناطق الواقعة وسط المدينة بينما ألغيت مباريات كرة قدم وحفلات موسيقية.

وأُغلقت عشرات الشوارع أمام حركة المرور كما أغلقت متاحف ذات شهرة عالمية مثل متحف أورسيه واللوفر ومركز بومبيدو أبوابها. وغطيت العديد من المتاجر بألواح لحمايتها من النهب وأزيلت مقاعد الشوارع والمواد المستخدمة في مواقع البناء لتجنب استخدامها كمقذوفات.

ورغم تراجع الحكومة عن تطبيق الزيادة في ضريبة الوقود، تواصل "السترات الصفراء" المطالبة بتنازلات أكثر، بما في ذلك خفض الضرائب، وزيادة الرواتب، وخفض تكاليف الطاقة، وتحسين مخصصات التقاعد، واستقالة ماكرون.

ويحتج المتظاهرون بشكل خاص كذلك على القرار الذي أصدره ماكرون في بداية عهده الرئاسي بخفض الضرائب على الأغنياء في فرنسا. وكان ماكرون، المصرفي السابق، قد استبعد إعادة فرض "الضريبة على الثروة" مشيراً إلى أن إلغاءها ضروري لتعزيز الاستثمارات وخلق فرص العمل.

وقال وزير الداخلية كاستانير، إن "الأسابيع الثلاثة الأخيرة شهدت ولادة وحش خرج عن السيطرة"، متعهداً بأن السلطات الفرنسية "لن تتهاون" مع الأشخاص الذين يحاولون التسبب بمزيد من الفوضى.

وليل الجمعة/السبت، التقى رئيس الوزراء فيليب، وفداً من مجموعة وصفت نفسها بـ"المعتدلة" ضمن حركة "السترات الصفراء" والتي حثت الناس على عدم الانضمام إلى التظاهرات.

وأصدرت السفارة الأميركية تحذيرا لمواطنيها في باريس داعية إياهم إلى "تفادي الظهور وتجنب التجمعات"، فيما حضت الحكومات البلجيكية والبرتغالية والتشيكية مواطنيها الذين ينوون التوجه إلى باريس على تأجيل سفرهم.

وفي مؤشر الى العنف الوشيك، تسلم بينوا بوتيري، وهو نائب في البرلمان عن حزب ماكرون، رصاصة بالبريد الجمعة أرفقت برسالة كتب عليها "في المرة المقبلة، ستكون بين عينيك".