الضفة:"حماس"من الهجمات الفردية إلى العمليات المنظمة؟

أدهم مناصرة
الجمعة   2018/12/14
Getty ©

شهدت الضفة الغربية في الأيام الأخيرة تصعيداً ميدانياً غير مسبوق، بالنظر الى ارتفاع وتيرة عمليات اطلاق النار التي ينفذها فلسطينيون ضد اهداف إسرائيلية، ليقابلها اقتحامات لمناطق الضفة تؤدي الى استشهاد فلسطينيين واعتقال آخرين.

وبعد أن سيطر في السنوات الأربعة الأخيرة الطابع الفردي على العمليات التي تُنفًّذ ضد الأهداف الإسرائيلية، جاءت عمليتا مستوطنة عوفرا قرب رام الله قبل يومين، لتغيّر هذه الصورة على ما يبدو.

وشنّ الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في مناطق الضفة الغربية، الجمعة، طالت نحو خمسة وثلاثين فلسطينياً معظمهم من "نشطاء حماس" حسب التعبير الإسرائيلي، بينهم نائبان في المجلس التشريعي عن الحركة ياسر منصور من نابلس وإسماعيل الطل من الظاهرية جنوب الخليل، بالإضافة إلى القيادي في "حماس" مصطفى الشنار.

هذه الإعتقالات جاءت بينما تبنت كتائب "القسام"، الذراع العسكرية لـ"حماس" الشهيدين اشرف نعالوة منفذ عملية بركان قرب سلفيت، وصالح البرغوثي أحد منفذي عملية "عوفرا" التي وقعت قبل ايام، مشيرة إلى أن في "جعبتها المزيد مما يربك العدو".

وبالنظر إلى طبيعة العمليات التي تنفذ وما جاء في بيان "القسام"، يبرز السؤال الأكبر: هل انتقلت الضفة من العمليات الفردية إلى المنظمة والمدارة على نطاق واسع من "القسّام"؟

يجيب القيادي في حركة "حماس" الشيخ حسن يوسف، المقيم في رام الله، إنه لا يمتلك المعلومة الدقيقة حول ذلك. ويقول لـ"المدن"، إنه كمراقب يشعر أن "الأمر قد خرج من الإطار الفردي للعمليات في الضفة إلى التنظيمي، ليس فقط بالنسبة لحماس بل لكل فصائل المقاومة".

ويشدد يوسف الذي تحرر من سجون الاحتلال قبل نحو شهرين، إن الإحتلال هو المسؤول عن كل هذا التصعيد، وذلك بسبب "مواصلته عمليات الاعتقال والاقتحام والمساس بالمقدسات الإسلامية"، فضلاً عن الحواجز العسكرية والمعاناة التي تُخضع لها المواطنين الفلسطينين، ولا ننسى الاستيطان.

وتابع يوسف "ما يلوح في الأفق أن المشهد متجه نحو مزيد من التصعيد. على الاحتلال ان ينتظر مثل هذا الرد من الشعب. وإلا عليه أن يوقف كل اجراءاته وعدوانه وألا يتمادى ويعترف بحقوق الشعب الفلسطيني. ودون ذلك لا تريد حماس ان تنزل قطرة دم من أي أحد ومن أي طرف".

مصدر آخر من "حماس" في غزة، قال لـ"المدن"، إنه بالرغم من بيان "القسّام" إلا أنه من الصعب في المرحلة الحالية الحديث عن عملية منظمة كاملة في الضفة الغربية، لأن هذا مرتبط بالواقع الأمني في الضفة. غير أن "القسام لن توفر اي فرصة للعمل في الضفة".

وحول ما إذا كان تبني القسام للعمليتين الأخيرتين بمثابة إقرار منها بالوقوف وراء ما حدث، يؤكد المصدر أن تبني العملية جاء فقط في سياق انتمائهما لحركة "حماس". لكن مع ذلك، يقر المصدر أن وقائع العمليات الاخيرة تعطي إشارة بأن هناك محاولات من الكتائب لتنظيم عمليات في الضفة.

ويضيف المصدر "هناك نموذجان من عمليات إطلاق النار التي وقعت مؤخراً في الضفة، يجب التفريق بينهما؛ الأول عملية اشرف نعالوة في مستوطنة (بركان) حيث طغى عليها الطابع الفردي، ثم نموذج عمليتي عوفرا، حيث ظهرتا منظمتين نظراً لطريقة التنفيذ والإنسحاب، ومشاركة أكثر من شخص فيها".

ولعل الاعتقالات المكثفة التي تطال في معظمها فلسطينيين ينتمون لحركة "حماس" في الآونة الأخيرة، بالتوازي مع تهديدات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحركة في غزة، يوحي أن هناك نشاطاً ميدانياً متزايداً من الحركة في الضفة.

وكان جهاز "الشاباك" الإسرائيلي قد أعلن قبل أسبوعين عن اعتقال خلية لـ"حماس"، كانت تنوي تنفيذ ما وصفها عمليات خطيرة. كما اعتقلت شرطة الاحتلال مجموعة من الأشخاص من فلسطينيي الخط الأخضر والضفة الغربية، بذريعة أنهم عملوا على إدخال هواتف إلى قيادات "حماس" الموجودة داخل السجون الإسرائيلية، لتمكينهم من التواصل مع الخارج وإدارة عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

وفي مثل هذه الحالة، تحاول إسرائيل أن تدق اسفيناً بين الفلسطينيين، وذلك عبر القول ضمناً وصراحةً للسلطة الفلسطينية "بأن أي نشاط لحماس في الضفة يعني زيادة خطورة سيطرتها هنا أيضاً".

في غضون ذلك، علت أصوات المستوطنين المطالبة للجيش الإسرائيلي بفصل الشوارع التي يستخدمونها عن فلسطينيي الضفة الغربية، مع العلم أن معظم الشوارع الخارجية بين المدن والقرى يسير عليها بشكل مشترك الفلسطينييون والمستوطنون.

وتزيد مطالبات المستوطنين على وقع العمليات الاخيرة المخاوف من تنفيذ مخطط احتلالي لمنع الفلسطينيين من استخدام هذه الشوارع، وإجبارهم على الإستعاضة عنها بطرق بديلة وخطوط سير فيها الكثير من الجهد والوقت المضاعفين.