عفرين:حملة التطهير التركية تبدأ ب"لواء شهداء الشرقية"

خالد الخطيب
الإثنين   2018/11/19
انترنت
تمكنت فصائل المعارضة المسلحة والقوات الخاصة التركية، الأحد، من السيطرة على غالبية مقار ومستودعات "لواء شهداء الشرقية" في مدينة عفرين والضواحي القريبة، بعد مواجهات واشتباكات عنيفة. واستخدم الطرفان مختلف أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة الثقيلة، التي قتل فيها أكثر من 10 مقاتلين.

وبدت عفرين ساحة حرب خلال ساعات نهار الأحد؛ فأغلقت الأسواق والمدارس ومعظم المرافق والمديريات الخدمية، وقطعت الطرق، وانتشرت عشرات الحواجز العسكرية داخل عفرين وعلى مداخلها ومخارجها. وأصيب الأهالي بحالة هلع بسبب القصف والاشتباكات داخل الأحياء السكنية. وفضلت بعض العائلات النزول إلى الطوابق السكنية السفلى خوفاً من الإصابة بنيران طائشة.

وقاوم "لواء شهداء الشرقية" هجوم الفصائل رافضاً الاستسلام. وبدا أن مقاتلي "اللواء" على علم مسبق بالمواجهة لذلك فقد كانوا جاهزين للدفاع. وظهر ذلك في وفرة الذخائر والأسلحة، والتحصن الجيد في بعض المواقع بين الأبنية السكنية.

رفض "شهداء الشرقية" في بداية الاشتباكات كل الوساطات من أجل إيقاف المعركة وتسليم سلاحه ومقاره والشخصيات المطلوبة في الحملة. وتوسط قادة من "جيش الشرقية" و"أحرار الشرقية" لفض النزاع وتأمين العائلات الموجودة في المواقع المستهدفة. ونجح "فيلق الشام"، ليل الأحد/الاثنين، في التوصل لاتفاق مع "شهداء الشرقية" يوقف الاشتباكات والمواجهات كمرحلة أولى، ثم يلتزم "اللواء" بالاستجابة لمطالب الحملة، مقابل تأمين خروج آمن لمقاتليه من عفرين. ومن المتوقع أن ينسحب "شهداء الشرقية" من عفرين خلال ساعات قليلة، وسط غموذ حول وجهته.

وكان "لواء شهداء الشرقية"، المتمركز في عفرين، على رأس قائمة المجموعات المسلحة التي تشملها الحملة العسكرية التركية، في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" بريف حلب، لتطهيرهما من الفصائل والمجموعات الفاسدة المتهمة بارتكاب جرائم سرقة ونهب وقتل وخطف بحق المدنيين.

وتولت القوات الخاصة التركية الإشراف المباشر على الحملة، وانتشر عناصرها في مداخل ومخارج عفرين. وكانت قوة مشتركة من مجموعات مسلحة من جميع فصائل "الجيش الوطني" بمثابة رأس حربة هجومية طوقت مقار "شهداء الشرقية" واشتبكت مع مقاتليه.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، أن الحملة العسكرية جاءت بأمر مباشر من القوات الخاصة التركية، وألزمت جميع فصائل المعارضة في "الجيش الوطني" بالمشاركة بأعداد محددة من مقاتليها في القوة الضاربة. وبداية الحملة كانت من "لواء شهداء الشرقية"، الذي يزيد عدد مقاتليه عن 250. ولن تتوقف الحملة عنده، ولن تقتصر على منطقة عفرين، بل ستشمل "درع الفرات" في مرحلة ثانية، حال انتهاء العمل في عفرين.

وأوضح المصدر أن الحملة العسكرية جدية، ولدى القوات الخاصة التركية قائمة بالفصائل والمجموعات المسلحة التي عليها شكاوى من المدنيين، أو متهمة بعمليات تهريب، وتجارة غير مشروعة، وبيع وتهريب عناصر من "الدولة الإسلامية". ومن المفترض ألا تستثني الحملة أي فصيل في "الجيش الوطني". وهناك محاولات للالتفاف على الحملة من قبل بعض الفصائل، لكن في الغالب لن تنجح، بسبب المتابعة التركية الرسمية المتشددة لإنجاح الحملة. وهناك شكاوى قديمة على هذه الفصائل والمجموعات سيتم التعامل معها في الحملة.

عملياً، نجحت القوات الخاصة التركية في الخطوة الأولى من الحملة، وحققت 50 بالمئة على الأقل من مخططها، رغم مرور يوم واحد على انطلاقتها. وقد تم اختيار "لواء شهداء الشرقية" في بداية العملية لأنه من أكثر المجموعات التي توصف بالمتمردة، ولديه مجموعات شرسة في قتال الشوارع. كذلك يعتبر "اللواء" من أكبر المجموعات عدداً وعتاداً من بين المسجلين في قائمة الفساد. جدية المعركة ضد "شهداء الشرقية" وعنفها أثارا مخاوف المجموعات والفصائل التي من المفترض استهدافها لاحقاً. وسيختار الجزء الأكبر منها التعاون مع الحملة وتنفيذ مطالبها، أو على أقل تقدير التهرّب من المواجهة، والتفكك ومحاولة التخفي.

وأثارت الحملة الذعر في جرابلس البعيدة عن عفرين. إذ اجتمع، الأحد، بعد ساعات من انطلاق الحملة، مجموعة كبيرة من وجهاء وقادة فصائل المدينة مع مسؤولين في المجلس المحلي، وخرجوا في بيان أكدوا فيه استعدادهم التام، وتنفيذ مطالب الحملة بالكامل لتحييد المدينة أي مواجهات قد تقع، باعتبارها تأوي آلاف المدنيين.

ولجأت بعض فصائل المعارضة خلال الساعات الماضية إلى فصل كتائب ومجموعات من صفوفها، لأنها واردة في قائمة المطلوبين.

الملفت بأن هناك مجموعات مسلحة تابعة للفصائل المعارضة، من المفترض أن تكون هدفاً للحملة، إلا أنها انضمت إلى المجموعات المشتركة بالعملية الأولى ضد "شهداء الشرقية". هناك مئات الشكاوى على مجموعات تتبع لفصائل "لواء العمشات" و"فرقة السلطان مراد" و"فرقة الحمزة" و"الجبهة الشامية" و"الفرقة التاسعة". وهناك اتهامات بحق أكثر من 30 فصيلاً ومجموعة يتبعون لـ"الجيش الوطني" في ريف حلب، من قطع طرق وفرض ضرائب وآتاوات على الأهالي، وسرقة مستودعات، وسرقة ممتلكات زراعية وصناعية، وخطف وقتل.

وتعتبر حملة التطهير في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" ضرورية جداً بالنسبة للجيش التركي قبيل الانطلاق في معركة مفترضة شرقي الفرات. فالوضع الأمني وصل إلى درجة غاية في السوء في عفرين على وجه التحديد. وإذا لم تقضِ الحملة كلياً على المطلوبين، فهي على الأقل ستجمد أنشطتهم بنسبة كبيرة، ولفترة زمنية مقبلة.

وليس واضحاً إن كانت الحملة ستقضي فعلاً على جميع الفاسدين في فصائل المعارضة. فأوساط المعارضة تُحمّل قادة في الفصائل المسلحة مسؤولية ما يحدث. بعض القادة تحولوا إلى أمراء حرب لا يمكن للفاسدين الخروج عن طاعتهم، باعتبارهم يعملون في مناطق نفوذهم. وإن بقي هؤلاء القادة في مناصبهم فإن الأوضاع  لن تتغير للأفضل، بل ستتشكل مجموعات وعصابات جديدة بأسماء مختلفة. فهل ستستمر الحملة للوصول إلى أولئك القادة، أم ستقف عند هذا الحد؟