سباق ديرالزور ينذر بمواجهة كبرى بين "قسد" والنظام

محمد حسان
الأربعاء   2017/09/20
تقدم النظام شمال نهر الفرات أجبر "قسد" على فتح محوريين إضافيين للقتال (انترنت)

بدأت قوات النظام مرحلة جديدة من عملياتها العسكرية في محافظة ديرالزور، تستهدف مناطق ريف المحافظة الشرقي الواقعة شمال نهر الفرات أو ما يعرف محلياً بـ"الجزيرة"، لتصبح على مقربة من خط تقدم قوات "سوريا الديموقراطية" القادمة من جهة الشمال، ما يفتح باب المواجهة العسكرية بين الطرفين في أي لحظة.

وتمكنت قوات النظام، ليل الثلاثاء/الأربعاء وبمشاركة قوات خاصة روسية، من التقدم والسيطرة على قرى مظلوم ومراط وحطلة، في ريف ديرالزور الشرقي، بعد اشتباكات مع تنظيم "الدولة الإسلامية" بغطاء جوي من طائرات حربية ومروحية روسية.


قوات النظام تقدمت باتجاه قرى الريف الشرقي من جهة  قرية الجفرة على الضفة اليمنى لنهر الفرات، بعد أن قامت بنقل قواتها وآلياتها العسكرية عبر زوارق حربية وعبارات عسكرية عائمة إلى الضفة الشمالية للنهر، مستفيدة من الغطاء الجوي والقصف الصاروخي والمدفعي الذي أمن مساحات خالية من عناصر تنظيم "داعش" في الجهة الجنوبية المحاذية للنهر، في القرى المستهدفة التي تمركزت بها القوات المهاجمة بعد تجاوزها للنهر.


سيطرة مليشيات النظام على قرى مظلوم ومراط وأجزاء من قرية حطلة، جاءت بعد معارك مع تنظيم "الدولة" الذي فجر ثلاث سيارات مفخخة يقودها انتحاريون في مواقع القوات المهاجمة، لكن القصف الجوي والصاروخي أجبر عناصر التنظيم على الانسحاب باتجاه قرى خشام والصبحة والبصيرة.


وتهدف مليشيات النظام من خلال تحركاتها العسكرية التقدم والسيطرة على حقل غاز "كونيكو" وحقل "العزبة" النفطي بالقرب من بلدة خشام، والسيطرة على منطقة الصالحية، مدخل أحياء مدينة ديرالزور الشمالية، لقطع الطريق على قوات "سوريا الديموقراطية" التي تتقدم عبر محور المعامل ودوار الـ"7 كيلومتر" شمال المدينة.


وخسرت مليشيات النظام أكثر من 25 عنصراً على الأقل في تلك المعارك، بينهم ثلاثة جنود من القوات الخاصة الروسية تمكن التنظيم من قتلهم بالقرب من بلدة خشام وسحب جثثهم، كما تكبد التنظيم خسائر تجاوزت 30 عنصراً بينهم قياديون محليون.


التقدم في قرى ريف ديرالزور الشرقي يأتي بالتوازي مع تقدم مستمر تحرزه ميليشيات النظام في قرى الريف الغربي المعروفة محلياً بـ"شامية"، حيث تمكنت من السيطرة على كامل بلدة الشميطية وقرى المسرب والعنبة والطريف والبويطية، وما زالت الاشتباكات مستمرة على أطراف منطقة الخان ، حيث تسعى مليشيات النظام للتقدم والسيطرة على بلدة التبني أكبر مدن الريف الغربي وأخر معاقل تنظيم "الدولة" هناك.


تقدم ميليشيات النظام شمالي نهر الفرات أجبر قوات "سوريا الديموقراطية" على فتح محورين إضافيين للقتال، الأول يستهدف البادية الشمالية الغربية بهدف الوصول إلى بلدة محيميدة في ريف ديرالزور الغربي، أما المحور الثاني باتجاه قرية خشام في ريف ديرالزور الشرقي.


وتهدف قوات "سوريا الديموقراطية" من تحركاتها إلى محاولة تطويق المناطق التي تقدمت إليها ميليشيات النظام شمال نهر الفرات من ثلاث جهات، من قرى محيميدة والحصان والجنينة والحسينية غرباً ومنطقة المعامل ودوار الـ"7 كيلومتر" شمالاً وبلدة خشام شرقاً، إضافة لمنع مليشيات النظام من الوصول إلى معمل غاز "كونيكو" أكبر معامل الغاز في سوريا وحقل "العزبة" النفطي المجاور له.


التقدم من محاور متقابلة سيزيد من فرضية المواجهة العسكرية بين مليشيات النظام و"قسد"، إذ باتت المسافة التي تفصل بينهما أقل من 3 كيلومترات شمال شرقي ديرالزور. هذه الفرضية تعززها تصريحات سابقة للمستشارة الرئاسة الجمهورية بثينة شعبان، التي هددت بقتال قوات "سوريا الديموقراطية" ومنعها من التقدم إلى ديرالزور، وقد اعقب تلك التصريحات استهداف لمواقع "قسد" شمال المدينة من قبل الطيران السوري والروسي.


تمرد مليشيات النظام على الخطوط الحمراء التي وضعتها أميركا  لمناطق تقدم حلفائها في "قسد" شمال الفرات،  يأتي بدعم إيراني-روسي. ولقوات النظام سوابق في مخالفة تفاهمات حول خطوط الفصل في المنطقة، إذ جرت تفاهمات في السابق مع التحالف الدولي على تحديد نهر الفرات كحدّ فاصل بين مناطق تقدم الطرفين، إضافة للاتفاق الذي جرى بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب على هامش قمة هامبورغ، والذي نص على منع النظام و"قسد" من الاشتباك في ما بينهم.


التحركات الأخيرة للنظام وحلفائه جاءت وفق تصور سياسي-عسكري على خلفية تقاطع مصالح، فالنظام بحاجة لمحافظة ديرالزور وما تحتويه من ثروات طبيعية، ولتعزيز صورته وفرض رؤيته للحل في سوريا؛ أما إيران، فهي بحاجة إلى السيطرة على المنطقة لحماية استثمارها بالصراع السوري، وتعزيز موقفها في مواجهة الإدارة الأميركية، وتحقيق مخططها بفتح ممر بري يربطها بالبحر المتوسط ولبنان عبر العراق.


ولروسيا أيضاً أهداف كبيرة في ديرالزور، فهي بحاجة للسيطرة على المحافظة للاحتفاظ بموقعها المتقدم ضمن توازن القوى على الساحة السورية، وتوظيفه في المساومة مع الإدارة الأميركية في إطار صفقة شاملة على مصالحها وموقعها في المعادلة الدولية.


كل تلك الوقائع حوّلت ديرالزور إلى ساحة مواجهة كبرى بين قوى دولية وإقليمية تتقاسم التأثير على الأطراف السورية التي تتقاتل على الأرض، من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب العسكرية والسياسية، ما قد يبقي احتمال المواجهة بين "قسد" من جهة، والنظام ومليشياته من جهة ثانية، مساراً محتملاً في طريق السيطرة على ديرالزور.