"قطع الشريان":عملية عسكرية تركية شمالي سوريا؟

عدنان الحسين
الإثنين   2017/09/18
السيناريوهات المحتملة للعملية العسكرية التركية المرتقبة غير واضحة حتى اللحظة (انترنت)
تستمر القوات المسلحة التركية بنشر تعزيزاتها على الحدود التركية-السورية، في ولاية هاتاي جنوبي تركيا، لليوم الرابع على التوالي. وشهدت الولاية استقدام الجيش التركي عتاداً ثقيلاً من دبابات وعربات مصفحة ومدافع، وعدداً كبيراً من الجنود، في ظل حديث وسائل إعلام تركية عن عملية عسكرية مرتقبة شمالي سوريا، متعددة الأهداف.

ونقل الجيش التركي نحو 80 مدرعة مجنزرة من وسط تركيا إلى ولاية هاتاي، إلى الحدود التركية السورية، وسط إجراءات أمنية مشددة، بحسب وكالة "الأناضول". والخطة العسكرية المرتقبة للجيش التركي، والمتفق عليها مسبقاً مع روسيا، ستهدف لضرب تنظيم "القاعدة" المتمثل بـ"هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة" في مدينة إدلب، وحصار مدينة عفرين وتطهيرها من حزب "الاتحاد الديموقراطي" وذراعه العسكرية "وحدات حماية الشعب" الكردية لاحقاً.


(مركز عمران)

ويُعتقد أن العملية ستكون ترجمة لما اتُفِقَ عليه في "مؤتمر أستانة 6"، بتعاون عسكري روسي-تركي، وتفاهم أمني مع إيران، بحسب "مركز عمران". وستتم العملية، بحسب التسريبات، خلال الأيام العشرين القادمة، ويكون الدور الأبرز فيها للجيش التركي وفصائل من المعارضة السورية، للسيطرة على الجزء الشمالي من محافظة إدلب بدعم جوي روسي-تركي، على طول 120 كيلومتراً وبعمق 30-40 كيلومتراً. وهذه المنطقة تمتد إلى الغرب من طريق حلب-دمشق الدولي، بحيث يتم ابعاد "هيئة تحرير الشام" منها أو قتالها، وقطع الاتصال الجغرافي بين كانتونات "الاتحاد الديموقراطي" الثلاثة. في حين تنحصر قوات "هيئة تحرير الشام" ما بين خط سكة القطار حلب-دمشق، وطريق حلب-دمشق الدولي، وستشهد عمليات عسكرية تركية وروسية، ضد "الهيئة". "المنطقة المنزوعة السلاح" ستكون شرقي خط سكة القطار حلب-دمشق، تحت حماية روسية، سيتم فيها قتال وطرد "هيئة تحرير الشام"، ويطلب من الفصائل الأخرى مغادرتها.

الهدف التركي الثاني من العملية هو قطع كافة الإمدادات عن "قوات سوريا الديموقراطية" في عفرين، والتي تشكل "وحدات حماية الشعب" عمودها الفقري. وفي عفرين، لا تتواجد سوى قوات "الاتحاد الديموقراطي"، الجناح السوري لحزب "العمال الكردستاني". وفي المرحلة اللاحقة، ستعمل تركيا للقضاء على هذه المليشيا وجعل الحدود السورية-التركية في ولاية هاتاي، خالية من أي مصادر تهديد "إرهابية".

وتسعى تركيا من خلال العملية العسكرية المرتقبة، والتي تسميها وسائل إعلام تركية "قطع الشريان/Şahdamarı"، الى ضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جهة يتم القضاء على "جبهة النصرة" الممثلة بـ"هيئة تحرير الشام" وتأمين أكثر من 120 كيلومتراً من الحدود. ومن جهة أخرى، ستهاجم تركيا "وحدات حماية الشعب" التي تعتبرها أنقرة تابعة لحزب "العمال الكردستاني" المصنف إرهابياً، في منطقة عفرين، بغرض إزالة التهديدات، وذلك بعد تنسيق الجهود وتوسيع الاتفاقيات مع كل من روسيا وإيران.

وأبلغت السلطات التركية فصائل معارضة محددة، من أجل المشاركة في تحرير إدلب من قبضة "هيئة تحرير الشام"، ووجهت دعوات إلى "جبهة ثوار سوريا" بقيادة جمال معروف، ولـ"جيش الفاتحين" بقيادة مثقال عبدالله. والفصيلان كانت "جبهة النصرة" قد قضت على تواجدهما في إدلب سابقاً. كما وجّهت تركيا لفصائل عاملة ضمن "درع الفرات" منها؛ "كتلة السلطان مراد" و"كتلة الفاتح" للمشاركة في العملية المرتقبة. ويُقدر عدد القوات المشاركة من الجيش الحر في العملية، بنحو 5 آلاف مقاتل، معظمهم من أهالي مدينة إدلب، ممن عملت "النصرة" سابقاً على إبعادهم في حربها على فصائل الجيش الحر المدعومة غربياً.

وتسعى تركيا من خلال هذه العملية المزدوجة إلى خلط الأوراق، وضرب "الوحدات" في مدينة عفرين، مباشرة، في تسريع للخطة المتفق عليها مع روسيا، وذلك بواسطة الفصائل المتواجدة في ريف حلب الشمالي، وتكثيف القصف على مواقع "وحدات الحماية"، مستغلة العملية العسكرية ضد "القاعدة" في إدلب.

تجهيزات فصائل الجيش الحر، من أسلحة وآليات، لا تزال موجودة في معبر باب الهوى، منذ اقتتال "هيئة تحرير الشام" مع "حركة أحرار الشام" في تموز/يوليو. حينها استقدم المئات من مقاتلي الجيش الحر من ريف حلب الشمالي بهدف مساندة "أحرار الشام"، إلا أن السلطات التركية لم تسمح بدخولهم.

في المقابل، دفعت "هيئة تحرير الشام" بأرتال كبيرة توجهت إلى معبر باب الهوى، وإلى القرى المتاخمة للحدود التركية، ووصل المئات من مقاتلي "قاطع البادية"، وتوجه القيادي والشرعي في "الهيئة" أبو اليقظان المصري، برفقة أكثر من 300 مقاتل إلى قرية أطمة الحدودية. ودفعت "الهيئة" بسيارات دفع رباعي وعربات مصفحة ودبابات، ما يُشير إلى احتمال وقوع معركة كبيرة بين فصائل المعارضة والجيش التركي من جهة، و"هيئة تحرير الشام" من جهة أخرى. ووجهت "الهيئة" شرعييها بضرورة "أدلجة" العناصر وشرعنة قتال تركيا من أجل حشد أكبر عدد ممكن من المقاتلين.

ولا تبدو السيناريوهات المحتملة للعملية العسكرية التركية المرتقبة واضحة حتى اللحظة، إلا أنه بات مؤكداً أن عملية عسكرية ستبدأ نهاية أيلول/سبتمبر، باتفاق تركي-روسي-إيراني، كتفسير عملي لنتائج "مؤتمر أستانة 6"، سيكون رأس الحربة فيها الجيش التركي.