هدنة الجنوب السوري في حسابات وزير الدفاع الإسرائيلي

بسام مقداد
الجمعة   2017/07/14
Getty ©

في أول مقابلة له مع صحيفة روسية، قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إنه من المبكر تقديم تقييم مفصل عن الهدنة في جنوب سوريا، إذ ليس من معطيات دقيقة وتفاصيل مهمة بعد في هذه المرحلة. ومثل هذه "التفاصيل المهمة" يجب أن يوضحها لقاء الأطقم الإسرائيلية الروسية الأميركية في فيينا. وإذا ما كانت هذه "التفاصيل تناسبنا، فسوف نكون أكثر من مرحبين بهذه المبادرة".

وعن موقف إيران من المبادرة، قال ليبرمان لصحيفة "كومرسانت"، إن دور إيران يتسم بأقصى السلبية، وذكَّر بما تعلنه إيران عن تدمير إسرائيل كهدف لسياستها الخارجية، وقال إن طهران كتبت بالعبرية على الصواريخ بعيدة المدى، التي سارت خلال العرض العسكري في السنة الماضية بمناسبة ذكرى الثورة الإيرانية "محو إسرائيل من على وجه الأرض"؛ وهي تنظم، منذ سنوات، مسابقة لأفضل رسم كاريكاتوري ينفي الهولوكوست. وأضاف "نحن ليس لدينا أي أوهام بشأن إيران، ونعرف ماذا تفعل في اليمن وفي لبنان، وهي تقوم بتصدير ثورتها".


وحين طلبت منه الصحيفة أن يذكر بالملموس، ما الذي لا يناسب إسرائيل في أعمال إيران، قال ليبرمان إن إيران تحول كل سوريا اليوم إلى رأس جسر ضد إسرائيل، و"نحن لسنا مستعدين للسماح بذلك، لسنا مستعدين للتسليم بهذا الأمر، ولذلك نسعى كي لا يكون لهم أثر هناك. وهذا أحد شروطنا الرئيسية الذي نصر عليه".


وعن دور حزب الله الذي، وفقاً للصحيفة، يبقى "قوة عسكرية فاعلة، مناهضة للفصائل الإسلامية الراديكالية، التي تحاول إسقاط الحكومة الشرعية في دمشق"، ولماذا ترفض إسرائيل رؤية "الدور البناء" الذي يقوم به في سوريا، قال ليبرمان "نحن، بدورنا، لن نسمح لإيران وحزب الله بتنفيذ ما يسمى بمهمتهم هذه. إن إقامة قواعد جوية إيرانية ومرفأ بحري، أو استقدام خمسة آلاف مرتزق، تم جمعهم من العراق وأفغانستان وباكستان.. إن كل هذه الأشياء غير مقبولة مطلقاً بالنسبة لنا، وسوف تترتب عليها آثار بعيدة المدى".


وأضاف إن "حزب اله ، الذي ليست إسرائيل وحدها من أعلنه منظمة إرهابية، بل حتى جامعة الدول العربية ضمته إلى لائحتها السوداء، هو دمية إيران بالكامل، تموله من موازنتها السنوية. وتبلغ نفقات طهران السنوية على حزب الله  أكثر من 800 مليون دولار".


وعن إمكانية مشاركة إسرائيل في العملية السورية الداخلية واسترايجيتها في هذا الأمر، قال ليبرمان إنه ليس في سوريا "أي حكومة شرعية" اليوم، وسوريا كما هي عليه الآن "لن تكون مستقرة أبداً"، ويستحيل، في زمن الإنترنت و"الفايسبوك"، التلاعب بالرأي العام عن طريق تنقيح المعلومات بشكل مصطنع. إن مشكلة سوريا الرئيسية هي مشكلة ديموغرافية، إذ إن نظامها لا يعكس "الموزايكا الديموغرافية". فالعلويون الموجودون في السلطة منذ السبعينات، يشكلون 13 في المئة، في حين أن غالبية السكان من السنة، ويشكلون 64 في المئة. والأكراد، وهم الجماعة الثانية من حيث التعداد، ليسوا ممثلين في السلطة. وكذلك الأمر بالنسبة للدروز. وطالما أن السلطة لا تمثل كل "الموزايك الديموغرافي" فلن يكون هناك استقرار، ولن يقبل أحد بذلك بعد اليوم.


وحين قال له مراسل الصحيفة، إن هذا يعني أن إسرائيل تقف موقفاً متشدداً من نظام الأسد، وإن روسيا تعتبر الحكومة في دمشق شرعية، أجاب ليبرمان إن هذا الموقف (موقف إسرائيل) هو موقف واقعي، و"ما يجري في سوريا ليس شأننا. وأؤكد مرة أخرى، بأننا لا ننوي التدخل. ونحن لا نتدخل إلا في عدد من الحالات، لاسيما إذا ما انتهكت سيادتنا. فحين تنفجر على أراضينا الصواريخ، التي يطلقها الجيش السوري، نرد في الحال رداً قاسياً. وهو، على كلٍ، ليس رداً قاسياً إلى هذه الدرجة، كما لو كان من المحتمل أن ترد روسيا على قذائف وصواريخ أطلقت على أراضيها من جانب دولة غير صديقة.. نحن نرد حين تقام امام أعيننا رؤوس جسور من أجل فتح جبهة إضافية ضد إسرائيل".


وعن العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وما إذا كانت قد ظهرت أفكار جديدة كفيلة بإخراج العملية الفلسطينية الإسرائيلية السلمية من المأزق قال ليبرمان، إن العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية كانت دائماً علاقات راسخة بغض النظر عن الخلافات الكثيرة، كما كان الأمر عليه في ظل إدارة أوباما. وأشار إلى أن ثمة محاولة واقعية لإحداث خرق في مأزق العلاقات الثنائية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وتقوم هذه المحاولة الواقعية، برأيه، في اقتراحات جديدة ما، في دبلوماسية مكوكية متواصلة يشارك فيها ممثل شخصي للرئيس الأميركي دونالد ترامب يتجول بين رام الله وتل أبيب. لكنه استدرك بقوله "لكنني أقول رأيي بصراحة: أنا لا أصدق في إمكانية حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن طريق المفاوضات الثنائية. يجب علينا أن ننتقل من المسار الإسرائيلي الفلسطيني إلى مسار آخر، مسار مختلف كلياً، إلى التسوية الإقليمية. في إطار التسوية الإقليمية فقط سوف يكون من الممكن حل المسألة الفلسطينية أيضاً".


وعما إذا كان بوسع الحوار بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا أن يولد معادلة التسوية السورية المقبلة، قال ليبرمان "إذا لم تكن تسوية شاملة، فعلى الأقل وقف للعمليات الحربية"، معتبراً أن هذا الأمر سيقود إلى السلام في سوريا.