ريف حلب الجنوبي:النظام على مشارف مسكنة..ويتقدم في البادية

خالد الخطيب
الأربعاء   2017/05/31
مليشيات النظام المتمركزة بالقرب من مسكنة نصبت مدافعها وقواعد الصواريخ على مشارف المدينة (انترنت)
حققت قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها تقدماً هو الأوسع في منطقة مسكنة في ريف حلب الشرقي، خلال الساعات الـ48 الماضية، على حساب تنظيم "الدولة الإسلامية". ولم تهاجم مليشيات النظام مدينة مسكنة برياً، على الرغم من وصول قواتها إلى مشارف المدينة، قبل 24 ساعة، بل توغلت في المناطق الريفية في الجنوب الشرقي باتجاه ريف الرقة الجنوبي، في محاولة للوصول إلى مشارف بلدة دبسي فرج التابعة لمنطقة الطبقة. وتتعرض مسكنة في الوقت ذاته، لقصف جوي مكثف شنته المقاتلات الروسية، التي تجاوز عدد غاراتها 200 غارة، الثلاثاء فقط. واستهدفت الغارات المدينة وضواحيها القريبة، ونفذت مروحيات البراميل طلعات متعددة ملقية براميلها المتفجرة على المدينة.

ووصلت قوات النظام الى مشارف مسكنة من الشمال والغرب، بعدما سيطرت على قرى ومزارع أبو مانع ومعمل السكر والجعابات والمزرعة الرابعة والفرعية والسكرية والبوعاجوز وخربة الحمرا والفار والشمرية والبطوشية والصالحية وجباب مسعود كبير وجباب مسعود صغير والحميدية ومحطة ابقار السكرية وموالح صغير وموالح كبير ومستريحة ورمضانيه وطعوسات وخربة الذيب وخربة حسون وشيحة والعبس ووادي الموالح.


(المصدر: LM)

قوات النظام والمليشيات المتمركزة بالقرب من مسكنة نصبت مدافعها وقواعد الصواريخ على مشارف المدينة، وتواصل قصفها المدينة بكثافة كبيرة، في محاولة للتضييق على التنظيم الذي أعلن، الاثنين، أنه يتوجب على كافة المدنيين مغادرة المدينة التي اعتبرها منطقة عسكرية. أكثر من 2000 مدني من مسكنة وريفها تمكنوا من الوصول إلى مدينة الطبقة التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية" خلال الساعات الماضية. وتوزع الباقون على قرى ريف الرقة الجنوبي الواقعة تحت سيطرة التنظيم. بينما خفت وتيرة نزوح المدنيين نحو مناطق سيطرة النظام شمالي مسكنة وذلك بسبب الأعمال الانتقامية ضد عائلات نزحت باتجاه بلدتي السكرية والفرعية. مليشيات النظام أعدمت 10 أشخاص على الأقل، الثلاثاء، في بلدة الفرعية.

الناشط الإعلامي أحمد محمد، قال لـ"المدن" إن مليشيات النظام تحاول تطبيق السيناريو الذي اتبعته في عمليتها العسكرية في دير حافر قبل شهرين، وذلك من خلال تفادي الاشتباك المباشر مع عناصر التنظيم المتبقين في المدينة، والالتفاف عليها من الجهتين الشرقية والجنوبية، بعدما طوقتها من الغرب والشمال. هذا السيناريو قلل من خسائر النظام البشرية، وحرم التنظيم من حرب الشوارع والالتحام المباشر الذي يبرع فيه بسبب استخدامه المفخخات والانتحاريين.

ويتركز هجوم النظام والمليشيات حالياً، وفق محمد، في  محاور قرى وضحة والحايط ورسم الغزال والكجلي على ضفاف الفرات، بالتزامن مع حملة قصف جوي روسي، وآخر مدفعي تنفذه المليشيات، يستهدف المدينة ومحاور التقدم. وتوقع محمد أن تطبق مليشيات النظام الحصار على المدينة خلال اليومين القادمين بسبب كثافة النيران المستخدمة حالياً.

وأوضح محمد، أن عناصر تنظيم "داعش" من الجنسيات غير السورية، غادروا مسكنة قبل يومين من وصول قوات النظام إلى مشارفها، متوجهين إلى ديرالزور، ومن تبقى فيها من عناصر في الغالب هم من مسكنة وريفها، ومن ينتمون إلى مدن وبلدات ريف حلب من منبج وجرابلس، وغيرها من المناطق التي كانت في وقت سابق في قبضة التنظيم.

اقتربت مليشيات النظام من تحقيق السيطرة الكاملة على آخر معاقل تنظيم "داعش" في ريف حلب. وبخسارة التنظيم لمدينة مسكنة لن يكون لديه مواقع مهمة في ريف حلب سوى مزارع وقرى صغيرة في البادية، لطالما استخدمها في شنّ عمليات عسكرية خاطفة، مستهدفاً أرتال النظام القادمة من وسط سوريا نحو حلب.

النظام يخطط لتوسيع جبهاته نحو منطقة البادية شرقي مسكنة، والتي تعتبر بداية التوغل في ريف الرقة الجنوبي. والفرصة باتت سانحة للمليشيات لفتح محاور جديدة على طول جبهات اثريا-خناصر، لتفادي هجمات التنظيم المستمرة نحو طريق الإمداد إلى حلب. ولدى مليشيات النظام محاور لا بد من أن تعمل عليها في إطار العملية الكبرى التي تشنها نحو بادية الشام، باتجاه رأس حربة التنظيم في السخنة شمال شرقي تدمر، وعلى محور إثريا شرقي السلمية في بادية حماة.

مليشيات النظام تعمل منذ بداية أيار/مايو على إعادة انتشار قواتها، وبالتحديد في حلب التي تشهد جبهاتها مع المعارضة هدوءً مستمراً منذ تطبيق اتفاق "مناطق تخفيف التصعيد". وقامت مليشيات "لواء القدس" الفلسطيني و"لواء الباقر" والأفغان و"النجباء" العراقية و"حزب الله" اللبناني، بتغيير مواقعها بعدما كانت متمركزة في ضواحي حلب بشكل خاص، وتوجهت منها إلى جبهات البادية. وتوزعت المليشيات على جبهات يتجاوز طولها 100 كيلومتر.

روسيا بدورها، تدعم مليشيات النظام للتقدم من مواقعها في بادية حلب باتجاه الشرق، كذلك للتوسع شرقاً من مواقعها على طريق حلب-اثريا-خناصر. المقاتلات الروسية تركز غاراتها بنسبة 90 في المئة على هذه الجبهات. ولا يقتصر القصف الروسي على مواقع التنظيم في مسكنة وريفها، وعلى الجانب الشرقي لطريق خناصر، وإنما يشمل مواقع وقرى يتحصن فيها التنظيم في ريف الرقة الجنوبي. ويبدو أن هذا يعتبر الفضاء الأمثل للمليشيات التي تحاول التمدد أكثر باتجاه الشرق نحو الحدود العراقية. محاولات كانت قد اصطدمت في الأيام الماضية بتحذير أميركي شديد اللهجة، لمنعها من الوصول إلى معبر التنف مع العراق.

وفي انتظار نتائج معركة السيطرة على مسكنة، وكلفتها البشرية للنظام وحلفائه، تتقرر الوجهة القادمة للمليشيات. وما يزال طريق المليشيات ما بعد مسكنة مفتوحاً لمواصلة التقدم في البادية الواصلة بين ديرالزور والرقة. ولا ترغب روسيا في حصول اتفاق بين "قسد" و"داعش" يسمح للأخير بالتراجع نحو تدمر، وعلى ذلك فهي تدفع نحو توسع متواصل للمليشيات لتشكيل حاجز يحرم التنظيم من حرية الحركة، ويقطع أوصال مناطق سيطرته، التي أصبحت في الغالب صحراوية، وقد تكون أرضاً خصبة في المرحلة المقبلة لحرب العصابات، أسلوب التنظيم المفضل.