النظام يتقدم في ريف حلب الشرقي.. باتجاه ديرالزور

خالد الخطيب
الخميس   2017/05/18
مليشيات النظام اتبعت سياسة حرق الأراضي الزراعية أمام تقدمها (انترنت)
حققت مليشيات النظام تقدماً كبيراً على حساب تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريف حلب الشرقي، الأربعاء، وسيطرت على قرى وبلدات الخالدية والمزيونة وأم نسور وجب علي وخربة حسن وعطيرة والنافعية ومحطة الأبقار ومساكن موظفي محطة الأبقار وتل حسان، بالإضافة إلى سيطرتها على جبل بيلان جنوبي مطار الجراح.

التقدم الجديد لمليشيات النظام أتى بعد أيام من سيطرتها على مطار الجراح العسكري "كشيش" في 13 مايو/أيار، وشهدت المناطق المحيطة بالمطار معارك عنيفة بين الطرفين. وحاول التنظيم أكثر من مرة استعادة السيطرة على المطار عبر شن هجمات متتالية من الجهة الغربية إلا أن القصف الجوي والمدفعي والصاروخي الذي استهدف معاقل التنظيم وتحصيناته كبده خسائر كبيرة وأعاق تقدمه ودفعه للانسحاب نحو ريف مسكنة.

واعتمدت مليشيات النظام في عملياتها العسكرية ضد التنظيم بشكل رئيسي على الطلعات التي نفذتها مروحيات النظام التي ألقت مئات البراميل المتفجرة على البلدات المحيطة بالمطار، وصولاً إلى مسكنة وريفها جنوب شرقي حلب، ما تسبب في مقتل خمسة أطفال وجرح آخرين في بلدة الحمام من ريف مسكنة. وفي الوقت نفسه استهدفت المقاتلات الروسية مواقع التنظيم في المنطقة.

ومنذ أن سيطرت مليشيات النظام على مطار الجراح حاولت التقدم باتجاه مسكنة، عبر شريط يوازي نهر الفرات، وتحاشت فتح جبهة عريضة ضد التنظيم، بسبب قلة أعداد مقاتليها الذين ينتمون بشكل رئيس إلى مليشيات "لواء القدس" و"لواء الباقر" و"مليشيا النمر" و"حزب الله" اللبناني. وسيطرت تلك المليشيات فعلاً على مجموعة التلال الواقعة إلى الجنوب من المطار، لكنها تعرضت إلى هجمات عنيفة شنها التنظيم في محيط المطار من الغرب والجنوب الغربي، وخسرت خلالها عدداً كبيراً من عناصرها. الأمر الذي أجبر المليشيات على فتح جبهات جديدة بعدما استقدمت تعزيزات إضافية من "لواء الباقر"، تم استدعاؤها من ريف حماة الشمالي.

مليشيات النظام اتبعت سياسة حرق الأراضي الزراعية أمام تقدمها، لتفجير الألغام التي زرعها التنظيم في القرى والبلدات التي ينسحب منها، ولحرمان عناصر التنظيم من إمكانية التخفي والمناورة بين بساتين القمح والشعير التي تشتهر بها المنطقة. وغادر السكان القرى التي تقدمت إليها مليشيات النظام قبل فترة بسبب القصف الكثيف الذي استهدفها.

مليشيات النظام خسرت خلال تقدمها في محيط مطار الجراح، الأربعاء، أكثر من 100 عنصر بين جريح وقتيل، معظمهم ينتمون لـ"مليشيا النمر" التابعة للعقيد سهيل الحسن، والتي خسرت القائد البارز فيها علي دلا، قائد "مجموعة الفهود".

ومن المتوقع أن تشهد العملية العسكرية التي يشنها النظام في ريف حلب الجنوبي الشرقي تصعيداً جديداً خلال الساعات القادمة مع وصول المعارك إلى منطقة البادية التي تفصل ريف حلب عن ريف الرقة، وهي مناطق تقل فيها التجمعات السكانية والعمرانية، ولا يمتلك التنظيم فيها دفاعات قوية ومراكز ثقل عسكري سوى مدينة مسكنة التي تتعرض بشكل يومي للقصف الجوي من طيراني النظام وروسيا. كذلك ما تزال التعزيزات العسكرية تتوافد إلى ريف حلب الشرقي والجنوبي الشرقي مع احتمال فتح جبهات جديدة جنوبي معامل الدفاع وشرقي الجبول وشرقي خناصر التي يمر منها طريق امداد قوات النظام نحو حلب، قادماً من السلمية. وبذلك تتابع مليشيات النظام سياسة الالتفاف من جديد عبر مهاجمة مسكنة في أكثر من محور، والضغط على التنظيم لكي ينسحب منها.

وترى مليشيات النظام أن فتح الجبهة شرقي خناصر باتجاه مسكنة، ضروري لتوجيه ضربات استباقية للتنظيم الذي حاول أكثر من مرة قطع الطريق. إذ شنّ التنظيم  أكثر من أربعة هجمات خلال الأسبوع الحالي، قتل خلالها نحو 30 عنصراً من مليشيات النظام. ولذلك تستعد مليشيات شيعية من بينها "حركة النجباء" و"فاطميون" لإشغال تلك الجبهة، أو على الأقل حمايتها من الهجمات المتواصلة التي يشنها التنظيم. "فاطميون" و"النجباء" وجهتا تعزيزات إلى جنوبي السفيرة وشمالي خناصر خلال الساعات 48 الماضية.

ولا تقتصر أهداف النظام في معركته التي يخوضها في ريف حلب الجنوبي الشرقي على طرد التنظيم منه، فلا مسوّغ للتقدم بهذه الكلفة الكبيرة في المناطق الهامشية التي بقيت بقبضة "الدولة الإسلامية" بعدما سيطرت مليشيات النظام على معظم المواقع الاستراتيجية في ريف حلب.


(المصدر: LM)

النظام وحلفاؤه يسعون للتمدد أكثر في المنطقة الصحراوية، وفتح طريق صحراوي إلى مدينة ديرالزور، الطريق الاستراتيجي الذي يصل العراق بسوريا، والذي تسعى إيران إلى تأمينه، ما يُحتّم عليها تأمين مساره عبر قطع الطريق على منافسي النظام في الشمال والجنوب السوريين. ولا يتحقق ذلك إلا بالسيطرة على المناطق الصحراوية شرقي حماة وحلب، والتي تقع إلى الجنوب من الرقة.

الخيارات مفتوحة أمام مليشيات النظام، وهي الآن تركز جهدها الحربي في محاور جنوب وشرق حلب ضد التنظيم، ولن تكون مسكنة المحطة الأخيرة. ومن المفترض أن تتابع باتجاه الرصافة، ونقطة تقاطع الطرق في البادية جنوبي الطبقة. وفي الوقت ذاته، من المحتمل أن تشغل مليشيات النظام محوراً جديداً قادم من إثريا شرقي حماة ليلتقي المحوران في الرصافة، ومنها يمكن التقدم باتجاه دير الزور في حال تعثر التقدم في المحور الرئيسي؛ تدمر-السخنة-ديرالزور، والذي يُخشى فيه منافسة فصائل المعارضة المدعومة أميركياً القادمة من الجنوب السوري.

يدرك النظام وحلفاؤه أن فتح جبهة البادية والتطلع لأهداف كبيرة وصولاً إلى ديرالزور مكلف جداً، وهي تحتاج أعداداً كبيرة من المقاتلين. ولذلك كثف النظام من حملات "التجنيد الإجباري" خلال أيار/مايو، بشكل كبير في حلب. وكذلك توجهت تعزيزات إضافية لمليشيات شيعية من بينها "النجباء" و"حزب الله" و"فاطميون"، وغيرها إلى مناطق البادية. كما أعلنت مليشيا "لواء القدس" عن رغبتها في تجنيد أعداد كبيرة من الراغبين بالانتساب إلى صفوفها، بعدما حصلت مؤخراً على دعم عسكري من إيران يشمل سيارات دفع رباعي وأسلحة متوسطة ومدفعية. ووعدت مليشيا "لواء القدس" الراغبين بالانتساب اليها بإعفائهم من العقوبة في حال كانوا من المتخلفين أو الفارين من "خدمة العلم" لدى النظام.