"العمال الكردستاني"ينقل المواجهة من سنجار إلى سوريا

سعيد قاسم
السبت   2017/03/04
سعى "العمال الكردستاني" إلى ربط منطقة سنجار، بكانتوناته الثلاثة في سوريا (أ ف ب)
قام أنصار حزب "الاتحاد الديموقراطي" في مدينة القامشلي شمال شرقي الحسكة، الجمعة، باحراق مكاتب تابعة لكل من "المجلس الوطني الكردي" وحزب "الديموقراطي الكردستاني–سوريا" وحزب "يكيتي".

وتنتشر قوات "الأسايش" الأمنية التابعة لـ"الاتحاد الديموقراطي"، منذ ظهر الجمعة، بشكل مكثف في شوارع مدن الجزيرة السورية، وقامت باعتقال العشرات من أنصار "المجلس الوطني الكردي" المنضوي في "الإئتلاف الوطني" السوري المعارض. وقامت "الأسايش" بأعمال استفزازية، كالتهجم على مكتب الحزب "الديموقراطي الكردستاني–سوريا" في الدرباسية، وانزال العلم الكردي عن سطحه والاستهزاء به، بالإضافة إلى قيام مجموعة ملثمة تابعة لها باعتقال رئيس "محلية المجلس الوطني" في مدينة ديرك، محمد علي إبراهيم، ثم نفيه إلى إقليم كردستان.

وابراهيم من القياديين الأكراد الذين يمتازون بالحكمة والتعقل في التعامل مع الأعمال الاستفزازية، ويُرجح مراقبون أن يكون الهدف من نفيه، هو دفع جماهير "المجلس الوطني الكردي" إلى مواجهة "الأسايش"، ونقل ساحة المواجهة بين "العمال الكردستاني" وبين "بيشمركة روج" من ناحية سنونو العراقية، إلى الأراضي السورية.

وكانت اشتباكات قد اندلعت منذ فجر الجمعة بين قوات "بيشمركة روج" و"وحدات حماية سنجار" التي تقاد من قبل كوادر "العمال الكردستاني"، في قرية خانة صور التابعة لقضاء سنونو. وذلك على خلفية قطع "العمال الكردستاني" الطريق على قوات "بيشمركة روج" أثناء توجهها لاستلام النقاط الحدودية، ضمن البرنامج الجديد الذي وضعته وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق، لحماية حدود الإقليم، بحسب النقيب في قوات "بيشمركة روج" عيسى موسى.

وأضاف موسى لـ"المدن" أن "بيشمركة روج" التي كانت تتمركز منذ حوالي سنة في منطقة ربيعة، ستتقدم للسيطرة على الشريط الجدودي بين إقليم كردستان العراق وسوريا، الممتد بين ربيعة وخانة صور المقابلة لبلدة الهول، والذي يبلغ طوله أكثر من 60 كيلومتراً.

وتعتبر قرية خانة صور، أحد الممرات العسكرية المهمة لكل من النظام السوري و"العمال الكردستاني" و"الحشد الشعبي"، وتستخدم لنقل المقاتلين والمعدات العسكرية بين سوريا والعراق.

الاشتباكات التي لم تدم سوى ساعات قليلة، وتكبد فيها "العمال الكردستاني" خسائر كبيرة بحسب مصدر عسكري خاص في "بيشمركة روج" تحدّث لـ"المدن"، كانت بسبب حالة التأهب العسكرية المكثفة التي تقوم بها قوات "بيشمركة روج" منذ يومين في منطقة ربيعة الحدودية. المصدر أضاف أن المفاوضات التي جرت منذ عصر الجمعة بين قيادات الطرفين لم تثمر عن أية نتيجة، مؤكداً وصول تعزيزات عسكرية إضافية إلى "بيشمركة روج"، ومشيراً إلى أن الطرفين يتأهبان لاستئناف القتال.

وكان مستشار رئيس إقليم كردستان العراق، هيمن هورامي، قد أكد أن قوات البيشمركة توصلت مع "العمال الكردستاني"، إلى هدنة في ناحية سنونو التابعة لمنطقة سنجار في إقليم كردستان. وغرد هورامي في "تويتر" قائلاً: إن "قادة لقوات البيشمركة توصلوا إلى هدنة مدتها 24 ساعة مع حزب العمال الكردستاني في خانة صور".

وترتبط هذه الاشتباكات بشكل وثيق، بمساعي إقليم كردستان العراق للتخلص من وجود "العمال الكردستاني" في سنجار، بعدما أقام معسكرات مشتركة مع "الحشد الشعبي"، أثناء "تحرير" سنجار من تنظيم "داعش". إلا أن إقليم كردستان يتهم "العمال الكردستاني" بالسعي لجعل سنجار معسكراً دائماً له، كما فعل في قنديل ومخمور.

الرأي العام في إقليم كردستان يرى أن "العمال الكردستاني" يتهاون منذ سنتين في "تحرير" 13 قرية أيزيدية لا تزال تحت سيطرة "داعش" في الخاصرة الجنوبية من جبل سنجار، كي لا يخسر سبب بقائه في سنجار، وبالتالي الحؤول دون تنفيذ المادة "140" من دستور العراق، التي تخوّل إقليم كردستان ضمّ منطقة سنجار إدارياً للإقليم.

وترتبط هذه الاشتباكات بمسعى إقليم كردستان، لتطبيق الحلول التي توصلت اليها قيادته مع الأيزيديين بخصوص مستقبل الوضع الإداري لسنجار، ووضع اللاجئين الأيزيديين في الإقليم. رئيس حكومة إقليم كردستان، كان قد أكد قبل حوالي شهر، في تصريح لوسائل الإعلام، على ضرورة عودة النازحين الأيزيديين إلى مناطقهم.

قائد "قوات حماية ايزيدخان" في سنجار، حيدر ششو، كان قد أكد قبل حوالي أسبوعين، التوصل إلى اتفاق مع قيادة إقليم كردستان، وأن رئيس الإقليم مسعود برزاني، أخبرهم أنه سيكون لسنجار حكم ذاتي خاص. وهذا ما أكد عليه "المجلس الروحاني الايزيدي" الجمعة، في بيان أعقب اجتماعه بقيادة إقليم كردستان في مدينة شيخان، بدعوته إلى وقف الأعمال القتالية ومطالبته "العمال الكردستاني" بسحب قواته من سنجار، واتباع الإقليم إدارياً لإقليم كردستان.

"العمال الكردستاني" كان قد قام منذ دخوله منطقة سنجار، إثر هجمات "داعش" في 3 آب/أغسطس 2014، بخطوات لفصل سنجار عن إقليم كردستان، وكان أولها الترويج للهوية الأيزيدية المنفصلة عن الهوية الكردية، قبل أن يؤسس فيها بالتعاون مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي "قوات حماية سنجار"، بالاضافة إلى تأسيس معسكرات تدريبية مشتركة مع "الحشد الشعبي" الشيعي في سنجار. وتمثّل منطقة سنجار أحد الممرات الاستراتيجية المهمة الرابطة بين القوى التابعة للحلف الشيعي في سوريا وإيران.

كما سعى "العمال الكردستاني" إلى ربط منطقة سنجار، بكانتوناته الثلاثة في سوريا، إذ كان قد أعلن قبل عامين عن نيته جعل سنجار كانتوناً رابعاً. إلا أن تلك المساعي لم تتكلل بالنجاح نتيجة الانقسام الأيزيدي بين القوى الكردستانية الثلاث: "الاتحاد الوطني" و"العمال الكردستاني" و"الديموقراطي الكردستاني". كما أن الحضور العسكري لجميع هذه القوى في منطقة سنجار حال لغاية الآن دون قيام أي طرف بتحقيق مشروعه السياسي. أحداث اليومين الماضيين تشير إلى أن "الديموقراطي الكردستاني" يتجه إلى فرض مشروعه السياسي في سنجار عسكرياً.