معركة دمشق تتجدد.. والمعارضة تسترجع ما فقدته

رائد الصالحاني
الثلاثاء   2017/03/21
اقتحام النظام لاحياء دمشق الشرقية، كان من المفترض أن يبدأ صباح الثلاثاء (المدن)
أعلن "فيلق الرحمن" صباح الثلاثاء، بداية المرحلة الثانية من معركة "يا عباد الله اثبتوا"، من خلال استهداف مواقع وتحصينات قوات النظام بسيارة مفخخة، تلاها تقدم عناصره باتجاه المنطقة الصناعية وشركة الغزل والنسيج وحاجز سيرونكس، بعدما كانت المعارضة قد انسحبت منها الإثنين. تقدم المعارضة في أحياء دمشق الشرقية، يأتي تحت القصف العنيف، إذ نفذت طائرات النظام عشرات الغارات منذ الصباح الباكر، فيما أعلنت الفصائل إصابة طائرة من طراز "ميغ" أثناء تنفيذها غارة على حي جوبر الدمشقي.


خريطة أحياء دمشق الشرقية 21 اذار 2017 (LM)

مصدر مقرب من النظام قال لـ"المدن"، إن الطيران الروسي لا يشارك في معارك الأحياء الشرقية، ما قد يشير إلى تصاعد الأزمة بين طهران وموسكو، إذ إن قوات النظام والمليشيات الإيرانية كانت قد بدأت هجمات عسكرية على أحياء دمشق الشرقية، من دون غطاء روسي، بغرض عزلها نهائياً عن الغوطة الشرقية، والاستفراد بها في اتفاقيات تهجير وتطهير عرقي.

المتحدث الرسمي باسم "فيلق الرحمن" وائل علوان، أعلن الثلاثاء السيطرة نارياً مجدداً على كراجات العباسيين وشارع فارس خوري. وهذا ما ظهر بشكل واضح في إعلام النظام، إذ يقوم مراسلوه بتصوير المنطقة من ساحة العباسيين فقط، من دون الاقتراب من الكراجات، على خلاف ما جرى الإثنين، بعدما بثت القنوات الرسمية فيديوهات تظهر بوضوح سيطرة قوات النظام على كراجات العباسيين. واستقدم النظام سيارات من مناطق الصناعة وشارع نسرين، تحمل مكبرات صوت، لإذاعة الأناشيد "الوطنية" في الأحياء المجاورة لمناطق الاشتباك، وسط تساقط للقذائف والصواريخ طال محيط ساحة العباسيين وشارع فارس خوري وشارعي حلب والملك العادل، ما خلّف إصابات بشرية. فضلاً عن سقوط ثلاث قذائف في مساكن برزة، عدا عن الرصاص المتفجر الذي طال أحياء التجارة والصور والعدوي.

وبث "فيلق الرحمن" مقطعاً مصوراً بواسطة طائرة من دون طيار، يُظهر مشاهد للمعركة في أول أيامها، وظهرت فيها معظم الشوارع الملاصقة لمنطقة كراجات العباسيين والطريق الدولي دمشق-حمص خالية تماماً من أي تواجد مدني أو عسكري، فيما أصدر "الفيلق" صباح الثلاثاء بياناً رسمياً حول المعركة، تحدث فيه عن استمرارها حتى تحقيق أهدافها، مؤكداً الالتزام بقانون النزاعات المسلحة وجميع الأعراف المتعلقة بالمعارك، من تحييد المدنيين من كافة الطوائف والانتماءات عن النيران المباشرة وغير المباشرة، واحترام دور العبادة والقائمين عليها، خاصة أن منطقة الاشتباك كانت تقطنها أغلبية مسيحية.

وتبدو المعارك في يومها الثالث أعنف مما سبق، إذ استقدم النظام تعزيزات كبيرة مؤلفة من 40 دبابة تم نشرها على اتوستراد العدوي، فضلاً عن مئات العناصر من مليشيا "الدفاع الوطني" وعناصر "المعارضة" المسلحة سابقاً من مناطق "التسويات"، وحشدهم على جبهات جوبر والقابون وبرزة. اقتحام النظام لأحياء دمشق الشرقية، كان من المفترض أن يبدأ صباح الثلاثاء، إلا أن هجوم المعارضة الجديد حال دون تنفيذ الخطة، بحسب ما قالته مصادر مقربة من النظام لـ"المدن".

الناشط عبد الوهاب أحمد، قال لـ"المدن"، إن مليشيا "حزب الله" سحبت عناصرها من محيط وادي بردى، وأرسلتهم إلى جبهة جوبر، إلا أن مصادر أخرى أكدت لـ"المدن" عدم وجود فعلي للحزب في المعارك الجارية في المنطقة حتى اللحظة، رغم وجود مليشيات عراقية أبرزها "لواء أبو الفضل العباس" الذي يقوده "أبو عجب".

ورغم سيطرة المعارضة نارياً على شارع فارس خوري وكراجات العباسيين، إلا أن التقدم إليهما قد يكون أصعب مما حدث في يوم المعركة الأول، الأحد، بسبب التحصينات التي أقامها النظام، والتعزيزات التي استقدمتها إلى محيط فارس خوري والشوارع الفرعية التي تصل منطقة الكراجات بساحة العباسيين، واشتداد القصف على مناطق الاشتباك بشكل كبير.
وشارع فارس خوري هو عبارة عن رقعة جغرافية تمتد من كراجات العباسيين إلى ساحة العباسيين، وتتفرع عنه شوارع وأزقة تنتهي بالقرب من مجمع العباسيين. والسيطرة على فارس خوري بالكامل تتطلب السيطرة على كامل المنطقة.

من جهة ثانية، بدأت قوات النظام ظهر الثلاثاء هجوماً جديداً استهدف بساتين برزة من جديد، واستقدمت خمس دبابات على جبهة "الوسائل التعليمية" إضافة إلى مدرعات وعناصر من المشاة في نية لعزل حي برزة عن البساتين، بحسب "المكتب الإعلامي لحي بزرة". وتدور اشتباكات عنيفة في المنطقة، وقصف مكثف استهدف البساتين في محاولة من النظام لاقتحامها، مع استمرار إغلاق كافة المنافذ المؤدية إلى حي برزة من دمشق للأسبوع الثاني تقريباً.

وكانت الفصائل قد شنت هجوماً الإثنين في حي القابون استهدف أبنية تتمركز فيها النظام ومليشياته في عمق الحي، إلا أن العمل توقف بعد ساعة من انطلاقه لأسباب مجهولة، بحسب مصادر عسكرية معارضة. وأعلن رئيس الهيئة السياسية في "جيش الإسلام" محمد علوش، ليل الإثنين، مؤازرة الجيش للفيلق من جهة القابون، وهذا هو التدخل الأول لـ"جيش الإسلام" في تلك الجبهة.

وشهدت مدينة دمشق خلال الساعات الـ24 الماضية، استنفاراً أمنياً غير مسبوق، وتدقيقاً على الحواجز، وانتشاراً عسكرياً كبيراً للنظام والمليشيات، وسط إشاعات عن تسلل انتحاريين إلى دمشق. وأخلت قوات الأمن، الإثنين، مبنى الشؤون العقارية، بعد الاشتباه بوجود قنبلة فيه، كما قامت بإخلاء أبنية وأجرت عمليات تفتيش مكثف شرقي حي المزة، للاشتباه بوجود انتحاريين.