"جنيف-4".. مشهد معقد لمفاوضات متواضعة

دينا أبي صعب
الأربعاء   2017/02/22
AFP ©
مشهد شديد التعقيد في جنيف قبل ساعات على انطلاق جولة المفاوضات الراعبة بشأن الأزمة السورية؛ وحتى الآن لم يتضح من معالمها إلا ما يحاول المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا فرضه على طاولة النقاش، من ثلاثية كررها مرات عديدة في مؤتمراته الصحافية الاخيرة: التفاهم على حكم ذو مصداقية وشامل ولا طائفي، ووضع دستور جديد للبلاد، وإجراء انتخابات على أساس الدستور الجديد.

ثلاثة عناوين عريضة لا يمكن مقاربتها بشكل جدي في هذه الجولة، التي يبدو أنها ستكون جولة رفع عتب، أو تمرير وقت، إلى أن تتسلم الإدارة الأميركية الملف السوري بشكل رسمي ويتضح موقفها النهائي الذي تنتظره الأمم المتحدة بفارغ الصبر.

جلبة كبيرة حدثت في توجيه الدعوات للمعارضة، فمحاولة ستيفان دي ميستورا تشكيل وفد موحد لم تلق النجاح. في البداية، اعتمد المبعوث الدولي وفد الهيئة العليا للمفاوضات، وهو يضم ممثلين عن منصتي موسكو والقاهرة، لكن موسكو وإلى جانبها قادة منصتي القاهرة وموسكو، رفضوا التشكيلة واعتبروا أنها "غير متوازنة". وتحت الضغط الروسي قام دي ميستورا في اللحظات الأخيرة بتوجيه دعوات منفصلة إلى المنصتين المذكورتين.

وعلى هذا الأساس، حضر وفد الهيئة العليا برئاسة نصر الحريري إلى جنيف. ويضم وفد الهيئة العليا كلاً من: فؤاد عليكو، عبد الأحد اصطيفو، محمد الشمالي، عبد المجيد حمو، نشأت طعيمة، أليس مفرّج، ركان زوكان، خالد عبا، محمد علوش، فاتح حسون، زياد الحريري، خالد النابلسي، بشار الزعبي، هيثم رحمة، بسمة قضماني، محمد صبرا، خالد المحاميد، علاء عرفات.

وتم تسريب لائحة مشتركة لوفد منصتي موسكو والقاهرة تضم: جمال سليمان، جهاد مقدسي، فراس الخالدي، منير درويش، بشير السعدي، وفيق عرنوس، فيما حضر إلى جنيف، من غير قرار بالمشاركة، رندا قسيس من منصة أستانا، وقدري جميل من منصة موسكو.

بالنسبة لمضمون النقاش، يبدو أن هذه الجولة ستكون تكراراً لتجربة "جنيف-٣"، فأجندة دي ميستورا الثلاثية لا تتقاطع مع أجندتي المعارضة المنبثقة عن الهيئة العليا ووفد النظام؛ المعارضة تشترط مرة جديدة ألا يكون للرئيس السوري بشار الاسد أي دور في مستقبل سوريا حتى خلال المرحلة الانتقالية، أما خطة الأمم المتحدة فلا تأتي على ذكر مصير الأسد، والأمر بالنسبة لها متروك للانتخابات، أي المرحلة النهائية من العملية السياسية، فيما تؤكد أوساط وفد الحكومة السورية أنه يحضر إلى جنيف مرتكزاً على التغييرات الميدانية بعد مرحلة حلب، وعلى هذا الأساس لا مشكلة له مع من يتفاوض، وبأي طريقة أكانت مباشرة أم غير مباشرة، مع الأخذ بعين الاعتبار خطوطه الحمراء التقليدية مثل عدم نقاش منصب الرئيس، وعدم الحديث عن هيئة حكم انتقالية، والتركيز مجدداً على تشكيل حكومة موسعة أو حكومة وحدة وطنية.

أوساط الأمم المتحدة، التي أصرت على عقد هذه الجولة في هذا التوقيت، تحافظ على هامش واسع من التوقعات المتواضعة، وإعلان مكتب المبعوث الدولي أن هذه الجولة هي الجولة الأولى من جنيف أربعة التي ستستمر نحو أسبوعين، يوحي بأن موعد ٢٣ شباط/فبراير لن يكون سوى مقدمة متواضعة لجولات مقبلة، وحينها قد يتضح الموقف الأميركي من الأزمة السورية، ويستطيع دي ميستورا تثبيت خططه المستقبلية.