"المدن":إختلاس 500 مليون دولار من أموال الإخوان في مصر

محمد عبدالمعطي المحمد
الأحد   2017/02/12
AFP ©

أزمة كبيرة تقبل عليها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، تضاف إلى أزمات عديدة تعاني منها في الداخل، بالتوازي مع تخوفاتها من إمكان إقدام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تصنيفها كجماعة "إرهابية".

وحصلت "المدن" على معلومات من مصادر داخل الجماعة، تثبت تعرض قيادات محسوبين على جناح القياديين محمود عزت ومحمود حسين، إلى عملية اختلاس كبيرة، خسرت فيها ما لا يقل عن 500 مليون دولار أميركي، تم جمعها كحصيلة اشتراكات من منتسبي الجماعة في الخارج.

وطبقاً لتصنيفات أعضاء الجماعة، فإن مستويات الإخوان العليا "العاملين والمنتظمين والمنتسبين"، يتوجب عليها دفع اشتراك شهري، بنسبة تتراوح بين 7-10 في المئة من إجمالي دخلهم، فيما لا يدفع الأعضاء في مستويات "المحبين والمؤيدين" أي مبالغ مالية.


وبحسب الرواية التي تحققت منها "المدن" من أكثر من مصدر، فإن قيادة الإخوان اتفقت على إنشاء "محفظة استثمارية" لمبالغ الاشتراكات التي يدفعها المنتسبون، وأسندوا إدارتها إلى شخص من الجنسية اليمنية، وله نشاط تجاري واسع، غير أن الأخير اختلس المبلغ واختفى منذ أكثر من 6 أشهر، من دون أن تنجح الجماعة في استرداد المبلغ.


وبينما تتفق المصادر على واقعة الاختلاس التي تعرضت لها الجماعة، فإنها تختلف حول تقدير قيمة المبلغ بين 500 مليون إلى مليار دولار.


وتعاني الجماعة منذ 3 يوليو/تموز 2013 من أزمات مالية خانقة، زادت وتيرتها بعد تشكيل لجنة حكومية في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لإدارة أموال الجماعة، وتحفظت اللجنة على مستشفيات وأراض وشركات ومدارس وشركات صرافة وسلسلة محال تجارية ومتاجر كبرى تعود ملكيتها للإخوان، تجاوزت في حصيلتها ألفي مؤسسة، بقيمة إجمالية تقترب من 50 مليار جنيه، ما يعادل 2.5 مليار دولار أميركي.


وأبطلت محكمة القضاء الإداري العديد من قرارات لجنة إدارة أموال الإخوان، عبر دعاوى تم رفعها أمام القضاء للطعن ضد قرار اللجنة، غير أن تلك الأحكام بقيت حبراً على ورق ولم تنفذ حتى الآن، وسط أنباء عن تصرف الحكومة المصرية بتلك الأموال ما جعلها عاجزة عن تنفيذ قرارات القضاء قبل إيجاد حل لهذه القضية.


وأرجعت المصادر ما جرى من تقليص قيمة الدعم الشهري الداخلي الذي تقدمه الجماعة لأسر القتلى والمصابين والمعتقلين، وكذلك تقليل وتخفيض رواتب وميزانيات القنوات والمنصات الإعلامية الناطقة بلسان الجماعة في الخارج، إلى ضياع الأموال وفشل القيادات في استردادها.


وكان الدعم الذي تقدمه الجماعة لأسر أعضائها المنكوبين محلاً للصراع بين القطبين المتنازعين على إدارتها، حين منع الجناح  المحسوب على "محمود حسين ومحمود عزت وإبراهيم منير" الدعم الشهري عن الأسر في المحافظات التي انحازت إلى جناح "اللجنة الإدارية العليا"، المعروفة أيضاً باسم جناح "محمد كمال وأحمد عبد الرحمن"، مثل محافظتي الفيوم والاسكندرية.


وعلمت "المدن" أن أعضاء الإخوان الذين يموّلون الجماعة في الخارج، يتمنّعون عن دفع الاشتراكات قبل معرفة مصير الأموال المفقودة. ومن المتوقع أن يزيد ذلك من معاناة الأسر المنكوبة في الداخل وإثارة نقمتها، خصوصاً وأن الجماعة، عبر أطرها التنظيمية، كانت تبرر عدم صرف الدعم لتلك الأسر بأن أجهزة الأمن المصرية كانت تصادر تلك الأموال عند إرسالها عبر المطارات والموانىء، وهو التبرير الذي لم يكن مقنعاً للغالبية العظمى من الإخوان المصريين في الخارج.


يشار إلى أنه بسبب التضييق الذي كانت تفرضه السلطات المصرية خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك على الإخوان، لجأت الجماعة إلى توكيل أشخاص محل ثقتها بإدارة أموالها في العديد من المشاريع الخدمية والاستثمارية، حيث كانت أوراق الملكية أمام الجهات الرسمية بأسماء أشخاص وأفراد غير منتسبين للجماعة، وهو ما تسبب في العديد من الأزمات حين وفاة أولئك الأشخاص، بسبب رفض ورثتهم مطالب الجماعة برد المشاريع أو الأموال لها مرة أخرى، وتمسكهم باعتبارها ميراثاً شرعياً للمتوفي.


واعتقلت قوات الأمن المصرية إبان حكم مبارك عدداً كبيراً من قيادات الإخوان على رأسهم خيرت الشاطر، ومحمود عزت، وحسن مالك، وجمعة أمين، على ذمة قضية "شركة سلسبيل" في فبراير/شباط 1992.


والشركة أسسها القيادي الإخواني خيرت الشاطر، ونشطت في مجال أجهزة الحاسوب ونظم المعلومات، وحصلت على مناقصات حكومية، قبل أن تداهمها قوات الأمن وتصادر بعض المعدات والمستندات والأجهزة من الشركة، وتحيل المقبوض عليهم إلى المحاكمة، التي قضت ببراءتهم في نهاية الأمر مع استمرار غلق الشركة. وإلى الآن، تصر الجماعة على أن أموال "شركة سلسبيل" كانت ملكاً لأفرادها، فيما تصر أجهزة الأمن على أن الشركة أنشئت بأموال الجماعة.