ريف حماة: أنصار "لواء الأقصى" و"القاعدة" يلتحقون بـ"داعش"

خالد الخطيب
الجمعة   2017/12/01
مجموعات كبيرة مدججة بالسلاح والذخائر والسيارات تشتبك مع فصائل المعارضة و"الهيئة" (انترنت)
التحق عدد كبير من أنصار "لواء الأقصى" وتنظيم "القاعدة" بصفوف "الدولة الإسلامية" خلال الأيام القليلة الماضية، في ريف حماة الشمالي، بعدما تسللوا من نقاط التماس التي تفصل بين مناطق سيطرة المعارضة المسلحة ومناطق سيطرة التنظيم قرب قرى طلحان وطوال الدباغين ورسم سكاف وعطشانة. قسم كبير من الملتحقين بالتنظيم دخلوا مناطق سيطرته راجلين، في حين تمكّن آخرون من الوصول بسيارات عسكرية رباعية الدفع محملة بأسلحة وذخائر.

ومن بين الواصلين مهاجرون وأنصار، موالون للتنظيم، ممن كانوا ينتشرون في مناطق إدلب وريفي حلب وحماة. عمليات التسلل كانت في معظمها سهلة، بعد تمكن موالي التنظيم من خداع عناصر المعارضة و"تحرير الشام" المنتشرين في المنطقة. المتسللون أوهموا المعارضة بأنهم جاؤوا كقوات مساندة لهم، ترغب بالانتشار في نقاط التماس مع مليشيات النظام والتنظيم في ريف حماة.

وكالة "إباء" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، قالت إن مجموعة من الأمنيين والعناصر الموالين لتنظيم "الدولة" حاولت التسلل إلى منطقة الحوايس أم الجرن من ريف حماة الشرقي، ليل الخميس، لمؤازرة عناصر التنظيم المُحاصرين. وبعد رصد "تحرير الشام" للمجموعة دارت اشتباكات معها انتهت بدحرها واضطرارها للفرار. وأكدت "إباء" أن "الهيئة" وضعت كمائن محكمة على نقاط التماس، ما أدى لقتل 15 عنصراً في منطقة سنجار جنوبي إدلب، بالإضافة لاغتنام سيارتي "بيك آب".


(المصدر: LM)

وهذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها "هيئة تحرير الشام"، بشكل رسمي، عن محاولة التحاق عناصر موالين لـ"داعش" بمناطق سيطرته في ريف حماة، على الرغم من أن الظاهرة كانت موجودة من قبل، إذ سُجّل وصول عناصر موالين للتنظيم إلى القرى الثلاث التي كان يتحصن فيها مع أسلحتهم وسياراتهم، بشكل يومي. وربما كان ذلك على مرأى من عناصر "الهيئة" المرابطين في نقاط التماس التي بقيت هادئة، لشهر تقريباً، أي المدة التي استغرقها تنظيم "الدولة" للإعداد لهجوم جديد ضد المعارضة و"الهيئة".

حديث "الهيئة" عن الموضوع يصب في الاستراتيجية الجديدة التي تتبعها بهدف القضاء على كل المناوئين لها من شخصيات وجماعات، وسعيها الحثيث كي تستمد مشروعية الشارع السوري عبر مخاطبته بالملفات التي تؤرقه.

عمليات تسلل مناصري تنظيم "الدولة" من مناطق سيطرة المعارضة المسلحة نحو مناطق التنظيم في ريف حماة، ليست جديدة، فقد تمكن العشرات منهم من الوصول خلال الفترة التي أعقبت وصول طلائع التنظيم إلى المنطقة قادمين من البادية مروراً بمناطق سيطرة النظام.
واستفاد التنظيم بشكل كبير من القوة البشرية التي وصلته، ومن الأسلحة والذخائر التي كانت تأتيه عبر الملتحقين في صفوفه، وكان لها الدور البارز في تحقيق تقدمه الأخير في المنطقة وسيطرته على 20 قرية تقريباً كانت تحت سيطرة المعارضة و"تحرير الشام". ويضاف ذلك، إلى ما حصل عليه التنظيم من دعم عسكري قدمته مليشيات النظام خلال الفترة ذاتها، والتي سمحت له باستقدام المزيد من عناصره في منطقة البادية إلى ريف حماة.

الأمنيون والمهاجرون والأنصار الذين التحقوا بالتنظيم، في العموم، هم من "لواء الأقصى" و"القاعدة" والخلايا الأمنية المتبقية لتنظيم "الدولة" في المنطقة. وعمليات تسللهم الأخيرة كانت على شكل مجموعات كبيرة مدججة بالسلاح والذخائر والسيارات تحاول الوصول إلى مناطق التنظيم بالقوة، وتشتبك في أكثر من موقع وحاجز عسكري، مع فصائل المعارضة و"الهيئة".

وأثبتت التطورات الأخيرة أن معظم المتسللين لمناطق التنظيم هم من الشخصيات الجهادية الرافضة لفك ارتباط "جبهة فتح الشام" بـ"القاعدة"، والمنشقة عنها، وهي في الغالب من المهاجرين الأردنيين وفلول "لواء الأقصى" المنتشرين في ادلب، والخلايا التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية". وتمتلك تلك المجموعات قنوات تواصل مباشرة في ما بينها. والحملة الأمنية التي شنتها "الهيئة" ضد "القاعدة" جعلت هذا الرابط يظهر بشكل علني.

وبات واضحاً أن تيار "القاعدة" المنشق عن "النصرة" الذي استهدفته "هيئة تحرير الشام" بحملتها الأخيرة، كان يحمل على عاتقه توحيد كل القوى الجهادية، بما فيها المقربة من تنظيم "الدولة"، لمواجهة "تحرير الشام"، أو على الأقل التحضير لخلق واقع جديد بعد الانقلاب عليها. الاعتقالات الاستباقية التي قامت بها "الهيئة" دفعت تلك الشخصيات الجهادية لاختيار دعم تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريف حماة، واعطاءه جرعة من القوة لتحقيق هدفه بالوصول إلى إدلب.

ويدرك أنصار "القاعدة" و"لواء الأقصى" و"الدولة الإسلامية" أن "الهيئة" تملك خريطة مفصلة لمعظم مواقعهم ومقراتهم ونشاطاتهم الأمنية في إدلب وأرياف حلب وحماة، وأن وقت القبض عليهم بعدما انتهت "الهيئة" من خدماتهم. ويفسر ذلك سبب تزايد الملتحقين بالتنظيم في ريف حماة الشمالي الشرقي، خلال الساعات الـ72 الماضية. إذ يخشى الهاربون من أن تطالهم الحملة الأمنية التي تشنها "الهيئة"، والتي استهدفت شخصيات مهاجرة كبيرة تنتمي لتنظيم "القاعدة".

ويضاف إلى ذلك وجود عامل داخلي يتعلق بـ"داعش" في ريف حماة، والذي بات يعاني من نقص الذخيرة لديه، على خلفية المواجهات والمعارك العنيفة مع المعارضة و"تحرير الشام" في محور أبو عجوة، لأكثر من ثلاثة أيام متتالية. واستنزفت تلك المعارك قدرات التنظيم النارية، ودفعته لملازمة مواقعه، ريثما يحصل على المزيد من التعزيزات. لذا، يبدو وكأن التنظيم قد استنفر خلاياه النائمة في المنطقة، للقدوم ومؤازرة قواته المحاصرة في ريف حماة الشمالي الشرقي.